May 19, 2018 9:50 PM
منوعات

مهرجان كان: "مسألة عائلية" الياباني يحصد السعفة الذهبية لأفضل فيلم

اختتمت مساء السبت فعاليات الدورة 71 لمهرجان كان السينمائي الذي انطلق في 8 أيار. وفاز فيلم "مسألة عائلية" للمخرج الياباني هريكازو كوري إيدا بالسعفة الذهبية لمهرجان كان 2018 في حين أسندت سعفة ذهبية خاصة واستثنائية للمخرج السويسري الفرنسي جان لوك غودار تكريما لأثره. وأحرزت اللبنانية نادين لبكي جائزة لجنة التحكيم عن فيلمها "كفر ناحوم"، في حفل قدمه الممثل إدوار باير.  وعرض فيلم الاختتام "الرجل الذي قتل دون كيشوت"  للبريطاني تيري غيليام، في حين كان فيلم "الجميع يعلم" للإيراني أصغر فرهادي قد افتتح الدورة (وشارك في المسابقة الرسمية في نفس الوقت).  

ينتمي الياباني هريكازو كوري إيدا الفائز بالسعفة الذهبية إلى حلقة المخرجين المعتادين على تقديم أفلامهم في الكروازيت، فهذه هي المرة السادسة التي شارك فيها في المسابقة الرسمية.  وكان فيلمه "مثل الأب مثل الابن" قد أحرز جائزة لجنة التحكيم في 2013، في حين فاز بطل فيلم "لا أحد يعلم" بجائزة أفضل ممثل عام 2004. يشكل كوري إيدا مع مواطنيه كيوشي وأيوما وكوازي جيل سينمائيين خلفوا "الموجة الجديدة" اليابانية، ولم يكن الأمر هينا فأعمال أوشيما وإيمامورا ويوشدا كانت بدورها قد شكلت قطيعة مع الأفلام الكلاسيكية بجماليتها الصاعقة. وكوري إيدا وريث جدير بهذه الثقافة.

في "مسألة عائلية"، تعترض طريق أوسامو وابنه طفلة مهملة في الشارع. بعد تردد في تبنيها، تقبل زوجة أوسامو التكفل برعاية البنت لا سيما حين تدرك أن الصغيرة كانت تتعرض للتعنيف داخل عائلتها. عائلة أوسامو تنتمي للطبقة الفقيرة، ولأن معاشاتهم ضعيفة، يعتمد أفرادها على عمليات سرقة صغيرة وتحيل لتوفير حاجياتهم. رغم الفقر، تبدو العائلة سعيدة لكن حادثة تفجر أسرارها الرهيبة.

وقال كوري إيدا عند تسلمه الجائزة "السينما مكان مليئ بالشجاعة ففيه يمكن للعوالم المتنازعة أن تلتقي"

وقرر المهرجان منح سعفة ذهبية خاصة للسويسري الفرنسي جان لوك غودار تكريما لمسيرته المهنية. وشاك غودار في المسابقة الرسمية بفيلم "كتاب الصورة" وهو عمل تجريبيا غامض لكن يتضمن في طياته رسالة قوية بشأن العالم العربي. في فيلمه الأخير تجميع كثيف وتلصيق للصور والفيديوهات. فيلم عن غروب حضارتنا، يسعى فيه المخرج إلى إثبات أن عالمنا وصل إلى الأوضاع المأسوية التي نعيشها لأننا، والغرب بالذات، أهملنا العالم العربي.

أما الأميركي سبايك لي الذي عاد إلى الكروازيت بعد عشرين عاما من الغياب بفيلم "بلاكككلانسمان"  الذي فاز بالجائزة الكبرى، ثاني أكبر جوائز المهرجان، ويسرد قصة (مستوحاة من الواقع) رون ستالورث أول شرطي أسود ينجح في نهاية سبعينات القرن العشرين في الانضمام إلى شرطة كولورادو. سريعا ما ينطلق الشاب في مهمة مخابراتية تتمثل في اختراق منظمة "كو كلوكس كلان" ! تؤمن هذه المنظمة التي تعمل فروعها حتى اليوم، بتفوق العرق الأبيض ومعاداة السامية وكراهية السود. وفي الفيلم معاني انتقاد لاذع ومباشر لسياسة الرئيس دونالد ترامب، ومواد وثائقية تحيل على أحداث "شارلوتسفيل". القيمة الكبرى للفيلم تكمن في خطوط الاندفاعية والغضب والفعالية التي تميز سبايك لي واهتمامه الدقيق بالتاريخ والأفكار والكلمات. يعي المخرج أن هذه القصة تكتب في أمريكا بمواد السينما، فلا يبخل في الإحالة على تاريخ الفن وتاريخ البلاد عبر فيلم سرعان ما يتحول إلى صناعة تجريبية وملتزمة.

أفضل سيناريو للإيراني بناهي والإيطالية روهفاشر بالتساوي

فازت الإيطالية أليس روهفاشر، وهي أيضا إحدى النساء الثلاثة المشاركات في المسابقة الرسمية نحو السعفة الذهبية، إلى جانب نادين لبكي والفرنسية إيفا هوسون ، بجائزة أفضل سيناريو عن فيلم "سعيد مثل لازارو" بالتساوي مع الإيراني جعفر بناهي عن فيلم "ثلاثة وجوه". ويطغى على فيلم "سعيد مثل لازارو" مفهوم البراءة في مواجهة الفوارق الاجتماعية عبر قصة خرافية لا تقيد بمكان أو زمان. فالشخصيات في "سعيد مثل لازارو" تعيش فقط بإيمانها في الآخرين ودون التنبؤ شرا. فالخير هو مركز الحبكة الثرية، وهو مفهوم الحياة وأساسها، فيجعل من عمل روهفاشر بيانا سياسيا وخرافة للأطفال وأنشودة إيطالية.

من جهته لم يأت الإيراني بناهي الحائز سنة 1995 جائزة الكاميرا الذهبية التي تكرم أول عمل طويل للمخرج في مهرجان كان، ليتسلم جائزة أفضل سيناريو هذا العام عن فيلمه "ثلاثة وجوه". فهو ممنوع من السفر أو التصوير في بلاده بعد دعمه لاحتجاجات 2009. وقد كانت السلطات قد اعتقلته السلطات في سجن إيوين عندما دعي للانضمام إلى لجنة تحكيم المهرجان سنة 2010.

وجاءت ابنة بناهي لتتسلم الجائزة محله وقالت إن والدها "يهديها للمخرج الإيراني الراحل عباس كيارستامي الذي جاء لاستقباله في مطار طهران عندما فاز بالكاميرا الذهبية قبل سنوات ليحتفلا بها معا" وكان كيارستامي قد فاز بالسعفة الذهبية بالتساوي مع الياباني إيمامورا عام 1997.

وكانت هذه المرة الأولى التي شارك فيها بناهي في المسابقة الرسمية، وذهب بكاميرا "ثلاثة وجوه" إلى قرية إيرانية نائية قرب الحدود التركية، في لوحة تشابه المنمنمات الفارسية فهي تزخر بالشخصيات وتتداخل فيها الحكايات.فيلم فرهادي ضحكة ساخرة في وجه الرقابة، وهو يكسر قيود التصوير فيستقل بناهي بنفسه الذي اعتاد الظهور في أفلامه، سيارة رباعية الدفع، ترافقه في رحلته ممثلة، من أجل "تحرير" ممثلة أخرى شابة تمنعها عائلتها من ممارسة فنها.  يفضح بناهي بأناقة لا تضاهى ووضعيات عبثية وكلام غير محكي، ما يعيشه المبدعون، وخصوصا المبدعات، في بلاده.

وفاز بجائزة أفضل إخراج البولندي بافل بافليكوفسكي عن فيلم "حرب باردة". وكان المخرج قد فاز بأوسكار عام 2014 عن فيلم "إيدا". عاد بافليكوفسكي ليصور بالأبيض والأسود، معلما بارعا في تركيب شكل كلاسيكي يعد درسا في السينما. طغى  "حرب باردة" لون رمادي رمادي" من خمسينيات القرن العشرين، ولون الأحزان العاطفية، فالقصة تتناول حبا مستحيلا. يتنقل بافليكوفسكي في التصوير من بولندا الستالينية إلى باريس "العيش الجميل"، مرورا ببرلين ويوغسلافيا. تعيش زولا في بولندا ما بعد الحرب العالمية الثانية، وسط عائلة من الطبقة المتوسطة، وتنضم إلى مجموعة غنائية فولكلورية للرقص والموسيقى يديرها فيكتور وهو موسيقي من الطبقة المثقفة يضطر لامتهان الفن الشعبي خلال الفترة الشيوعية. فيتحب البطلان بعضهما ثم يفترقان ويلتقيان مجددا...

افضل ممثلة

وفازت الممثلة سامال يسلياموفا وهي من كازاخستان بجائزة أفضل ممثلة عن دورها في فيلم "أيكا" للمخرج الروسي سيرغي دفورتسيفوي. وتلعب دور أيكا وهي عاملة فقيرة من قرغيزستان تضطر إلى العمل في موسكو لتسديد ديونها وتضطر للتخلي عن مولودها حتى لا تخسر عملها. نرى يسلياموفا في أداء رائع، عبر كاميرا محمولة، تتعرض لشتى أنواع الاستغلال والابتزاز والتهديد من أرباب العمل والشرطة. فحتى في مصنع الدجاج وعيادة الطبيب البيطري الذي تنظف أيكا مكتبه، تعامل الحيوانات أفضل من البشر. من الواضح أن في "أيكا" انتقادا لروسيا "مونديال كرة القدم" التي تهضم فيها حقوق العمال لا سيما الأجانب الذين بطلت صلاحية تراخيص إقامتهم.

افضل ممثل

أما جائزة أفضل ممثل فكانت من نصيب الإيطالي مارسيلو فونتي، الذي تمص دور "مصفف شعر الكلاب" في  فيلم مواطنه ماتيو غارون الذي يحمل نفس العنوان. مارسيلو رجل طيب يحبه الجميع، يرفق بالحيوانات التي يعتني بها في محله الصغير. يخرج المجرم سيموني، صديق مارسيلو، من السجن ليبث من جديد الرعب في الحي ويجره ليورطه معه في عمليات سرقة. مارسيلو فونتي تميز بأداء مرموق لشخصية انزلقت في دوامة عنف المافيا وولدت داخلها غريزة الانتقام.

وسلط المهرجان الضوء هذا العام على النساء والمساواة بين الجنسين وترأست الممثلة الأسترالية كايت بلانشيت لجنة التحكيم والتي نم قرار اختيارها عن عزم إدارة المهرجان على دعم جهود مكافحة التحرش الجنسي منذ تفجر فضيحة هارفي واينستين التي هزت قطاع السينما. هكذا شاركت ثلاثة نساء هذا العام في السباق نحو السعفة، وهن الفرنسية "إيفا هوسون" بفيلمها "بنات الشمس"، واللبنانية نادين لبكي بفيلم "كفر ناحوم" والإيطالية اليس روهفاشر بفيلم "سعيد مثل لازارو". وكرمت مخرجتين، لبكي وهورفاشر، في هذه الدورة إضافة إلى الممثلة  سامال يسلياموفا وهي من كازاخستان.

كان الحضور العربي قويا في كان 2018 ، إذ شاركت في المسابقة نادين لبكي وأيضا المصري أبو بكر شوقي بفيلم "يوم الدين"، وهو أمر استثنائي.

كما شارك فيلمان عربيان أيضا خارج المسابقة الرسمية، لكن ضمن اختيارات المهرجان، في قسم "نظرة ما" وهما "صوفيا" للمغربية مريم بن مبارك و"قماشتي المفضلة" للسورية غايا جيجي. اوفازت مريم بن مبارك بجائزة أفضل سيناريو في المسابقة الخاصة بقسم "نظرة ما". وفي قسم "أسبوعا المخرجين" الموازي، عرض فيلم "ولدي" للتونسي محمد بن عطية، إضافة إلى سلسلة أفلام قصيرة تحت برنامج "المصنع التونسي".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o