Aug 05, 2021 6:12 AM
صحف

بيروت الغاضبة في "الأربعاء الكبير"... صوت واحد "من أجل العدالة"

كتبت "الراي" الكويتية: هو وشاحٌ أسود من حزنٍ مجبولٍ بالغضب لفّ بيروت التي لملمتْ جِراحَ انفجار الرابع من آب و«مشتْ» مع عشرات آلاف المتضامنين معها ومع 218 ضحية أُطفئت أمس «شمعةُ قَتْلِهم» الأولى ونحو 6500 مُصاب كأن عصْفَ «بيروتشيما» تَقاذَفَهُم بالأمس الذي لم ينفكّ يُستعاد 365 مرّة في سنةٍ من عمر وطنٍ تكاتفتْ فيها كارثتان طبعتا التاريخ... ثالث أقوى انفجار في العالم (بعد هيروشيما وناغازاكي) وثالث أسوأ أزمة مالية «في الكوكب» منذ 1850.

أمس لم تكن ذكرى تفجير مرفأ بيروت لـ «العِبرة». فحتى الحِداد على الضحايا لم يبدأ، ولن يكون قبل كشْف الحقيقة التي كانت تنبض في القلوب والصرخات التي ارتفعتْ مطالبة بالعدالة لمَن قتلتْهم مئات الأطنان من نيترات الأمونيوم التي أُدخلت المرفأ في نوفمبر 2013 (كانت 2750 طناً) و«استوطنت» في العنبر رقم 12 حتى انفجار ما بقي منها (552 طناً) في 4 أغسطس 2020، اليوم الذي تَغَيَّرَ فيه وجه العاصمة التي لم تخرج بعد من تحت الركام.

بدموع الموجوعين والمفجوعين، بعيونِ المصدومين والساخطين، بأعلام لبنان «المنكوب»، بصور «اللي راحوا»، بشعاراتِ الوعد والتوعّد بـ «الانتقام» بالحقيقة ولها، بملصقاتٍ لغالبية المسؤولين عُلِّقت في الشوارع وخُتمت بالأحمر «مُجْرِم»، بعناوين أطلّت على مسؤولية «كل الطبقة السياسية» عن «الجريمة ضدّ الانسانية» ودعت لمحاسبة «كلن يعني كلن» بدءاً من رئيس الجمهورية ميشال عون الذي انطلق اعتصامٌ مطالِباً باستقالته، وصولاً إلى الأسئلة عن دور «حزب الله» في حماية تخزين النيترات «وهل حوّل العنبر رقم 12 مستودع متفجرات بالتواطؤ مع الدولة اللبنانية؟ وهل كان يزوّد النظام السوري بالنيترات ليحوّلها براميل متفجرة لرميها على رأس شعبه؟» (كما سأل رئيس حزب الكتائب سامي الجميل)...

كلها وأكثر كانت «عُدّة» الغضب في المسيرات الحاشدة التي عمّت العاصمة... من مركز فوج إطفاء بيروت الذي أُرسل 10 من عناصره في «مهمة انتحارية»، مروراً بوقفات أمام مستشفيات العاصمة التي سالت منها الدماء في ذاك اليوم المشؤوم ولكنها أنقذت الآلاف وهي «تعض على جرحها» وأمام قصر عدل بيروت الذي يُراهَن على أن تولد منه الحقيقة، وصولاً الى مسرح الجريمة التي أقيم فيها قداس ترأسه البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي وتابعه الآلاف في محيط الموقع قبل الانتقال الى تخوم مجلس النواب حيث كانت ساحة الشهداء شهدت منذ بعد الظهر تجمعات شعبية.

وعند السادسة وسبع دقائق مساءً، وهي الساعة التي «انفجرت» فيها بيروت، ساد الصمت المدوّي العاصمة وعموم لبنان... وحدها أجراس الكنائس والتكبيرات تعانقت في صوت واحد يخترن ألم مدينةٍ وناسها الذين اندفعوا بعد عام على «أم الكوارث» ليعلنوا «كفى»، من خلْف كل الترهيب المعنوي الذي مورس لإحباط عزيمتهم على «تلبية نداء» مَن سقطوا و«لن تذهب دماؤهم هدراً»، وكل الإجراءات الأمنية التي اعتُبرت مُعَرْقِلة لوصول جحافل المُشاركين الذين وُجّهت الدعوات إليهم حتى من أحزاب الى جانب المجتمع المدني ومجموعات انتفاضة 17 أكتوبر 2019 التي بدا أمس أنها... استعادت «روحها».

وفي موازاة المشهدية الكبيرة التي ارتسمت وجاءت مدجَّجة بالرسائل للسلطة السياسية التي ما زالت غارقةً في لعبة تقاسُم الحصص فوق «جثة» وطنٍ وشعبه الذي يصارع أعتى أزمة مالية والتي تتهيّأ لحرق فرصة جديدة لتأليف حكومةٍ كُّلف بتشكيلها الرئيس نجيب ميقاتي، كانت الأنفاس محبوسة حيال مفاجآت لوّح بها ذوو الضحايا على أن تستهدف معنيين بموضوع الحصانات التي طلب المحقق العدلي في جريمة المرفأ القاضي طارق بيطار رفْعها في سياق الادعاء على رئيس حكومة تصريف الأعمال حسان دياب الذي أطاح به عصْف «بيروتشيما» و4 وزراء سابقين بينهم 3 نواب حاليين وقادة أجهزة أمنية (بتهم الإهمال والتقصير الجنائي)، وذلك تحت شعار «سقطت الخطوط الحمر».

وترافق ذلك مع مؤشراتٍ مقلقة، أعربت أوساط عدة عن خشيتها من أن تكون تمهيداً لإشكالاتِ متعمّدة أو يجري استدراج حصولها لتخطف «العدسات» من موقع الحدَث الرئيسي، كان أولها ضبْط الجيش أسلحة في سيارة كانت متّجهة للمشاركة في إحياء الذكرى، ووقوع إشكال عند حاجز للأمن العام قرب مركزه (في السوديكو) مع أهالي الضحايا على خلفية إقفال الطريق بالعوائق، قبل تسجيل إشكال آخر في الجميزة خلال مرور موكب للحزب الشيوعي واستهداف مركز لحزب «القوات اللبنانية» في المنطقة ما أدى لوقوع 4 جرحى، في ظل التداول بوثيقة أمنية عن جهوزية عالية تحسّباً لأي أعمال شغب أو محاولات لدخول مقرات رسمية وهو ما لاحت طلائعه عصراً في محيط البرلمان حيث وقعت مواجهات عنيفة مع القوى الأمنية أسفرت عن أكثر من 20 جريحاً.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o