Jun 23, 2021 5:27 PM
مقالات

قريبا" عودة إلى الإتفاق النووي

كتب توفيق الهندي:

لن أتردد بالمجازفة بالقول أن العودة إلى الإتفاق النووي باتت قريبة وأنه بالأرجح سوف تتم قبل إستلام إبراهيم رئيسي مهامه الرئاسية في 3 آب.

فلكل من بايدن وخامينئي ما يبرر هذه العودة.

من جهة بايدن، فهو بحاجة إلى أن يفي بوعوده الإنتخابية بإنهاء سياسة ترامب الخارجية، ولاسيما تجاه إيران، وإن أي تراجع عن مسار العودة إلى الإتفاق النووي يسجل إخفاقا" له وتأكيدا" على صوابية سياسة سلفه ويقوي خصمه اللدود الذي ينتظر الإنتخابات النصفية لقلب التوازنات في مجلس النواب ومجلس الشيوخ، تمهيدا" لعودته الظافرة إلى رئاسة الجمهورية عام 2024.

كما أن بايدن لا يمكنه التراجع عن إلتزاماته بالعودة إلى إلإتفاق المعقودة مع الشركات الكبرى التي أهدته نجاحه في الإنتخبات الرئاسية، فضلا" عن ضغوط اللوبي الإيراني.

لذا، وبالرغم من ما ورد في أول مؤتمر صحافي للرئيس الإيراني المنخب المتشدد إبراهيم رئيسي عن أن موضوعي الصواريخ البالستية والتمدد الإيراني هما خارج أي مفاوضات، فإن ردود إدارة بايدن تمحورت حول القول أن قرار العودة إلى الإتفاق بكافة الأحوال هو في يد المرشد وحده بغض النظر عن من هو رئيس الجمهورية (وهذا صحيح) وأن هذا المرشد هو من وافق على الإتفاق النووي عام 2015.

موقف رئيسي هذا لن يحرج إدارة بايدن التي كانت تروج لمفاوضات مع إيران على مرحلتين: في المرحلة الأولى تتم العودة إلى الإتفاق النووي بنسخته الأصلية لحيلولة دون تصنيع إيران للقنبلة النووية وهي باتت (أي إيران) على بعد بضعة أشهر أو أسابيع من تمكنها من ذلك، وفي المرحلة الثانية يتم تحسين الإتفاق وتعالج مسألتي الصواريخ والتمدد. ومن الواضح أن طرح المرحلتين من قبل إدارة بايدن كان هدفه إبداء تشدد ما تجاه إيران للحيلولة دون إنتقادات المعارضة الجمهورية-الترامبية من ناحية، ولتطمين الحلفاء العرب وإسرائيل.

غير أنه كان واضحا" منذ البداية أن لا حظوظ للنجاح لسياسة المرحلتين، إذ أن أوراق الضغط على إيران تكون قد إستنفذت متى رفعت العقوبات الأساسية (ما يخص النفط وإستخدام إيران للنظام المصرفي العالمي) عن إيران. من الصعب التصديق أن إدارة بايدن لم تكن تدرك هذه المعادلة.

أما إحراج إدارة بايدن شعبيا"، فلن يكون له وقعا" إذ أن عموم الشعب، وليس النخبة، لا يفهم ولا يهتم بالمشاكل الإستراتيجية ويكفي تطمينه بالقول أن العودة إلى الإتفاق النووي حاجة للأمن القومي الأميركي.

لذا، يمكن القول أن إدارة بايدن مستمرة في سياستها تجاه إيران ولا مشكلة لديها في العودة إلى الإتفاق النووي بنسخته الأصلية.

أما بالنسبة لإيران، فإنها بحاجة ماسة لرفع العقوبات عنها، وذلك لسببين، الأول هو لخروجها من أزمتها الإقتصادية المتأتية من العقوبات القصوى التي فرضها عليها ترامب وتداعيات أزمة كورونا ومن تداعيات هذه الأزمة الإقتصادية على المستوى الإجتماعي والمعيشي، والثاني لتزخيم حركة "محور المقاومة".

إن رفع العقوبات الأهم لإيران هي العقوبات على النفط (وقد وافقت أميركا على رفعها وفقا" لإعلان مكتب روحاني)، كما العقوبات التي تمنع إيران من إستخدام النظام المصرفي العالمي.

غير أن ثمة عقبتان قد تحولا دون إتمام الصفقة، حسب متابعين لمفاوضات فيينا: مطالبة إيران بأن تعطي أميركا ضمانات أن لا يتكرر نقد ما إتفق عليه كما حدث مع ترامب (وهذا أمر لا يمكن أن تتعهد به إدارة بايدن لأن النظام الديمقراطي الأميركي لا يسمح لها بذلك)، وبالمقابل، مطالبة أميركا بأن توافق إيران كتابياً أيضاً على عودة فورية إلى طاولة المفاوضات، بمجرّد استعادة الاتفاق القديم، والبدء بصياغة شروط اتفاق "أوسع وأطول مدى" (وهذا أمر من رابع المستحيلات أن تقبل به الجمهورية الإسلامية كون الجهاد لتعميم "إسلامها" على المعمورة يشكل علة وجودها، والتخلي عنه يسقط نظامها. في مطلق الأحوال، فإن رئيسي كان حاسما" في رفضه البحث في موضوعي الصواريخ البالستية والتمدد).

أتوقع أن يتم تجاوز هذين الشرطين التعجيزيين، كما أتوقع أن يتم التوقيع قبل إستلام رئيسي مهامه الرئاسية في 3 آب. فإذا تم الإتفاق، يسوق حينها أن هذا حصل نتيجة صلابة رئيسي. وإذا لن يتم التوقيع عليه، فيكون كل الحق على إدارة روحاني الفاشلة.

بإختصار، بتوقيع الصفقة، تكون إدارة بايدن قد أنجزت ما يعادل إتفاقية ميونيخ بين الديمقراطيات في أوروبا مع ألمانيا هيتلر النازية، وهي التي مهدت للحرب العالمية الثانية المدمرة ولم تسطتع تهدئته (to appease him) بل، بالعكس أعطت زخما" لسياسته التوسعية.

وبالإنتظار، لا حكومة في لبنان. وعند إتمام الصفقة يفرج حزب الله عن تشكيل حكومته. وهي لن تكون أكثر من حبة أسبرين للبنان الذي يعاني من مرض السرطان القاتل.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o