May 10, 2021 8:17 AM
مقالات

"اللوبي اللبناني" في أميركا: لبنان في خطر

كتب أسعد خوري في "الجمهورية":

اللوبي اللبناني في الولايات المتحددة الأميركية ناشط وفاعل في الأوساط السياسية ومراكز القرار الأميركي، كما مراكز الأبحاث والدراسات المتعلقة بلبنان والشرق الأوسط. وللمنتشرين اللبنانيين في أميركا الشمالية، والجنوبية وسواها من بلدان الانتشار الأخرى مثل استراليا وكندا والبرازيل والمكسيك، دور أساسي بدعم لبنان في هذه الظروف الصعبة والمصيرية التي تتهدّد سيادته واستقلاله ومصيره. وقد تحدّث البابا فرنسيس عن "خطر وجودي" يتهدّد لبنان، قد يؤدي الى غيابه أو تفكّكه.

لقد عرف الاغتراب اللبناني على مرّ الزمان شخصيات سياسية وأدبية وثقافية مبدعة. شكّل المغتربون اللبنانيون على الدوام قوة فاعلة وقادرة ومساندة للدول التي تعيش فيها. النابغة اللبناني جبران خليل جبران قال يومًا أمام مدينة نيويورك حيث كان يعيش: "أيتها المدينة نحن المهاجرون القادمون من لبنان لسنا هنا فقط لنأخذ منكِ بل جئنا أيضًا لنعطيكِ".

* * *

يقيم اللوبي اللبناني في الولايات المتحدة الأميركية علاقات وثيقة مع الطاقم الأساسي في الإدارة، بدءًا من وزير الخارجية الجديد في إدارة الرئيس بايدن، أنطوني بلينكن، الذي يعمل جاهدًا لتفعيل العلاقات الأميركية - اللبنانية ودعم لبنان سياسيًا واقتصاديًا، وفق رؤية وخطة اللوبي اللبناني، والشخصيات الأساسية التي تتمحور وتنشط في هذا الإطار.

أولاً، ان "معهد الشرق الأوسط" (Middle East Institute) الذي يرأسه الدكتور بول سالم (نجل وزير خارجية لبنان السابق د. ايلي سالم) يشكّل عنصرًا أساسيًا لدعم لبنان عبر دراسات أكاديمية تتعلق بأوضاع لبنان والمنطقة بأسرها. إلاّ أن الاهتمام بالأوضاع اللبنانية هو أساسي وأولي، أي انه يتقدّم على سواه من القضايا. خاصة أن رئيس المعهد بول سالم يتمتع بخبرة واسعة في القضايا اللبنانية كأستاذ جامعي ثم رئيسًا لمعهد "كاريننغي" الأميركي في بيروت والذي يهتمّ بإجراء أبحاث ودراسات يتعلق معظمها بالوضع اللبناني وقضايا المنطقة.

"معهد الشرق الأوسط" رئيسًا وأعضاء يقيمون علاقات مميّزة مع الإدارة الأميركية الجديدة، وخاصة مع وزير الخارجية الذي يحاول دومًا الاستفادة من رأي الباحثين في "المعهد" حول تصوراتهم لحلّ المشاكل اللبنانية الحالية وطرح رؤىً مستقبلية للبنان الذي يتخبّط في أسوأ أزمة اقتصادية، مالية، سياسية عرفها في تاريخه.

وقدّم "معهد الشرق الأوسط" مؤخرًا ورقة عمل الى الإدارة الأميركية الجديدة يطلب فيها المساعدة لتشكيل حكومة لبنانية وإجراء اصلاحات وتقديم مساعدات للجيش اللبناني، وكذلك مساعدة لبنان للعمل مع البنك الدولي وتنسيق الجهود في هذا المجال عندما يتمّ تشكيل حكومة جديدة في لبنان.

ثانيًا، أن "فريق العمل الأميركي من أجل لبنان"، أي (American Task Force For Lebanon) يضمّ مجموعة بارزة من اللبنانيين المنتشرين في مختلف الولايات الاميركية ومقرّه الرئيس في العاصمة واشنطن. رئيسه الحالي هو أدوارد غبريال اللبناني الأصل، والذي عمل سفيرًا للولايات المتحدة في المغرب بين 1997 و2001 في عهد الرئيس كلينتون. وهو رجل متّزن جدًا ويقيم علاقات وطيدة مع مختلف أطراف الإدارة الأميركية. ان "فريق العمل الأميركي" يعمل منذ تأسيسه لبناء جسر تواصل بين الولايات المتحدة ولبنان، وهو ينسّق مع القوى والمراكز الأساسية في لبنان. ان تاريخ هذا الفريق يشهد له بالإنجازات والمساعدات العديدة التي قدّمها لـ"وطن الأرز" في مجالات عديدة، وخاصة ما يتعلق بدعم مفاصل أساسية بينها الجيش اللبناني، كما استطاع دعم سياسات لبنانية في طليعتها تنفيذ مقررات دولية تتعلق بلبنان.

ثالثًا، أما مؤسسة (Life Lebanese Diaspora) التي تأسست في لندن منذ سنوات ولها فروع في نيويورك ومدنٍ أخرى، فتضمّ شبابًا وشابات لبنانيين منتشرين في العالم، أو من أصول لبنانية، ينسّقون معًا ويعملون من أجل دعم اقتصاد لبنان. وقد أنجزت (لايف) بالاتفاق مع "معهد الشرق الأوسط" و"فريق العمل الأميركي من أجل لبنان"، دراسة وجّهتها الى الإدارة الأميركية الجديدة، تتضمّن مقترحات تفصيلية وموضوعية لمساعدة لبنان ومساندته سياسيًا واقتصاديًا. واقترحت "الدراسة" أساليب تؤدي الى وقف الفساد المستشري منذ عقود في النظام اللبناني والإدارة اللبنانية، وإجراء اصلاحات شاملة ومؤثرة وواضحة، وتقديم مساعدات مالية للبنان.

رابعًا، الواقع أن لبنانيين عددين في الولايات المتحدة يعملون لخدمة لبنان بالتنسيق مع قوى ومراكز سياسية أميركية، لتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي يمرّ بها لبنان، بينهم الطبيب اللبناني المعروف البروفسور فيليب سالم الذي يوظّف علاقاته مع شخصيات أميركية فاعلة في هذا المجال. وهو قد عمل مستشارًا طبيًا في البيت الأبيض خلال ولاية جورج بوش (الأب) كما خلال النصف الأول من ولاية الرئيس كلينتون. وسالم صاحب أفق واسع  ولبناني ملتزم "حتّى العظم" في الدفاع عن القضية اللبنانية ويقيم علاقات ممتازة مع أركان الإدارة الأميركية، بينهم مسؤولين أساسيين في الخارجية والدفاع وبالتنسيق مع شخصيات لبنانية مقيمة في أميركا، مثل فارس وهبه وتجمع Our New Lebanon، كما بالتعاون مع مؤسسات أميركية هامة تهتمّ بالشأن اللبناني، خاصة "معهد الشرق الأوسط" للأبحاث والدراسات. والدكتور سالم له علاقات متينة مع الجاليات اللبنانية في دول الانتشار.

وكان فيليب سالم وجّه كتابًا في تشرين الثاني (نوفمبر) 2020، الى لجنة السياسة الخارجية في الكونغرس الأميركي، دعا فيها لانعقاد مؤتمر دولي من أجل لبنان، وحدد ثلاث اهداف لهذا المؤتمر:

  1. الهدف الأول هو وضع (خطة مارشال) لبنانية، مماثلة للخطة الأميركية لإعادة اعمار أوروبا التي طُبقّت بعد الحرب العالمية الثانية.
  2. ضمان سيادة واستقلال لبنان ضمن آلية دولية بإشراف الأمم المتحدة.
  3. ضمان حياد لبنان الفاعل من قبل مجلس الامن.

 

 يقول سالم "ان مأساة لبنان هي في جغرافيته؛ اذ انه مصلوب في الشرق بين سوريا وإسرائيل والبحر الأبيض المتوسط ووحده البحر يعانقه بمحبة". وقد اقترح حديثا على الإدارة الأميركية في مفاوضاتها مع ايران ان تعمل لتوقف التمدد الإيراني في الشرق العربي. ويشدد سالم في رسالته ان الحياد الفاعل هو المدخل الأساسي لقيامة لبنان. ويقول في رسالته أن البابا يوحنا بولس الثاني عندما زار لبنان في أيار (مايو) 1997، أعلن أن "لبنان أكثر من وطن، إنه رسالة الى العالم". ولكن ما هي هذه الرسالة وما مغزاها؟ يجيب سالم: "إنها رسالة التعايش بين الأديان والثقافات المتعدّدة. ان لبنان وحده في الشرق العربي هو نموذج للتعددية الحضارية ونموذج لقيم الغرب". ودعا في رسالته الغرب ألا يدير ظهره للبنان ويتركه يذبل وينهار ويموت، لأن من مصلحته إعادة لبنان الى الحياة...

يتواصل البروفسور سالم مع الجامعة اللبنانية الثقافية في العالم بأركانها الفاعلين بينهم رئيس الجامعة ستيف ستانتن للتنسيق من أجل دعم لبنان سياسيًا واقتصاديًا وحياتيًا في هذه المرحلة المصيرية من تاريخه؛ والتعاون الكامل مع قوى الانتشار في العالم كلّه، لدعم لبنان أولاً، والالتزام الكامل بالقضية اللبنانية وبسيادة لبنان وحريته وديموقراطيته وحياده الفاعل.

 

 

 

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o