Apr 11, 2021 10:57 AM
مقالات

"حشر حزب الله" لن ينزع سلاحه

كتب وليد فارس في موقع mtv:

... وإذ بدأت القوى السيادية في لبنان التحرّك باتّجاه التدويل، بعد ستة عشر سنة من الركود والتردّد، بدأت أيضاً عملية الوعي على الواقع الذي يحيط بلبنان وبهذه القوى. وهذا شيء جيد. 

المجموعات السيادية يبدو أنها مصمّمة على التقدّم، لكنّها تتفاجأ يوما بعد يوم بالمصاعب والوقائع التي لم تكن تعيها من قبل، لكنّها قطعت مسافة كبيرة بين تشرين الأول ٢٠١٩ واليوم، بالمقارنة مع الجمود الذي كان معمّماً منذ سقوط ثورة الأرز في ٢٠٠٨. إلا أنّ هذه القوى بحاجة للخروج من الحالة الطوباوية الفكرية، وهذه مسؤولية مثقفيها ومهندسي تحرّكاتها. ومِن أهمّ أدوات الخروج من هذه الحالة، هو وعي أكبر حول استعمال العبارات والشعارات، التي قد تكون جيّدة في إطار ما، لكنّها ليست كاملة في الإطار الحالي. وهذا ما نسميه الخروج من الطوباوية.

وأحد الأخطاء هو ترداد مقولة أن مجرّد "حشر حزب الله في زاوية جدلية" ستجبره بان يتخلى عن سلاحه. والمثال على ذلك هو المحاججة أنّه بمجرد إرسال أسلحة اميركية متطوّرة الى الجيش اللبناني، يتم "ردع" حزب الله، فيخاف ويستسلم فوراً. وكأن حزب الله سيسمح أساساً أن تُستعمل آسلحة الجيش ضده.

وللّذين يستطردون قائلين إنّ حكومة مستقلة ستأمر الجيش بنزع السلاح، الأحداث اثبتت أنّ حزب الله لن يسمح باقامة "حكومة مستقلة" تأمر الجيش بمواجهته. فآخر جيش أٌمر بمواجهة حلفاء حزب الله، أي قوات الاسد، في ١٩٩٠، قد تمّ كسره سياسياً منذ ٣٠ عاماً. 

وقد كشف حزب الله للبنانيين عن نيّته بألاّ يقبل بأي قوة تمدّ  يدها عليه، ولا حتى بقرار حكومي للسيطرة على شبكة تلفونية، كما حصل في ٧ أيار ٢٠٠٨، فكيف إذاً بتجريده من السلاح. عملياً ليس هنالك أي سيناريو ميداني لا في وزارة الدفاع اللبنانية أو لدى قوات اليونيفيل لعمليات نزع سلاح هذه الميليشيا. و الأمر ليس مسألة خطابية، لا على صعيد قررات دولية أو حكومية أو مسألة  "حشر حزب الله" سياسياً. هذا "الحشر"، أكان في التلفزيون او في تغريدات، ليس لديه اي تأثير على الواقع، ما لم تكن هنالك إرادة للوقوف في وجه الميليشيا في مضمار الواقع العملي. و الامثلة الوحيدة التي سجلت في السنوات الماضية، كانت قليلة و لكن شديدة الرمزية و من أهمها: مقاومة ابناء الجبل لهجوم الحزب في ايار ٢٠٠٨، وتحدّي طرابلس له على مدى عقد، و وقوف مظاهرات الثوار امام بلطجيته في شوارع بيروت، و خاصة على "الرينغ"، و أخيراً تصدي الفلاحين في جرود جبيل لمسلحي الحزب. 

هذا هو العمق الحقيقي للمعضلة. وهذا هو ما يُسمّى Reality Check أو محاكات الواقع في البلد الصغير. و هذا الواقع لا يمكن الهروب منه، وهنالك نفق لا بد من عبوره. 

لذا، فان التعبئة الجديدة باتّجاه التدويل للقوى السيادية هي الخيار السليم، والوحيد. إلاّ أنه حتى مع هكذا اتجاه لا بد من ان يكون الواقع الجيوسياسي والميداني مفهوماً في عمقه. وهنا يصح المثل الشعبي اللبناني: "إذا ما كبرت ما بتصغر".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o