Apr 06, 2021 3:03 PM
مقالات

من الطائف إلى الدوحة إلى...باريس

المركزية- كتب أديب أبي عقل:

المشهد الداخلي اللبناني في شتى المجالات من السياسة الى الاقتصاد لا يبشر بالخير، وليس هو المشهد الذي يتمناه اللبنانيون، الذين لم يعد أمامهم سوى انتظار ما "ينزله" عليهم المتعاطون الخارجيون مع واقعنا وقد باتوا هم اصحاب الحل والربط... والقرار.

فمن اجتماع قصر الصنوبر للقيادات اللبنانية مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والتزام هؤلاء تسهيل تأليف حكومة مهمة، وتملّص بعضهم منها لاحقاً، وفي وقت تلوح في أفق الاتصالات ومحاولات المعالجة بوادر تحركات سعياً لحل، لا يزال المسؤولون مصرِّين على التمترس خلف مواقفهم، معتبرين أن أي محاولة حلحلة من جانب أيّ منهم هي " انكسار"، فيما يحاول كل منهم ليّ ذراع الآخر. 

ذلك أن الهدف لم يعد تأليف الحكومة بمقدار ما هو الاستحقاق الرئاسي المقبل، الذي بدأت حساباته منذ الآن، حتى لو كلّف ذلك استمرار الوضع على ما هو اليوم، من دون أي جهد من المسؤولين لفتح كُوَّة، ولو صغيرة، في جدار الأزمة .

هذا الجو القائم والتناتش في المواقف والصلاحيات ليس جديداً، إذ ثبت باعتراف الجميع ان تطبيق النصوص غير مثالي، وإن كانت ذرائع عدم فتح باب إصلاح الثغرات تقوم على عدم ملاءمة الظروف والاوضاع في الداخل ومن حولنا لمثل ذلك.

والواقع ان المسألة ليست مسألة صلاحيات مقدار ما هي توزيع مسؤوليات. فهناك اكثر من موقف سجل سابقاً- وقد يظهر مجددا لاحقاً- وجد لبنان نفسه فيه بلا قرار على مستوى السلطة التنفيذية، كما حصل في اثناء التصويت على الملف النووي الإيراني في الجمعية العمومية للأمم المتحدة. فقد انقسم مجلس الوزراء مناصفةً في التصويت، وتم ابلاغ البعثة اللبنانية في المنظمة الدولية ان لبنان لم يستطع حسم قراره. وهناك أمثلة اخرى أيضاً .

إلا أن الملحّ، هو إيجاد آلية دستورية تمنع بقاء الوضع معلّقاً وعالقاً بين تكليف في جيب رئيس مكلّف وبين حسابات ثلث وتوزيع حقائب وحصص. فلا شيء يمنع على الإطلاق، ومن دون وضع الأمور في إطار الصلاحيات وعدم التعدي عليها، من ربط التأليف -بعد التكليف- بمهلة زمنية محددة، إذ لا يجوز ان تبقى البلاد من دون حكومة في محيط يتحرك ويتقلب يومياً، ما يستوجب سلطة قرار وليس تصريف اعمال.

الا أن الواضح أن حسابات حقل "السادة" المسؤولين لا تتطابق مع بيدر المصلحة الوطنية ومصالح الناس، حيث يبدو كل شيء- نعم كل شيء- بدءاً من الدستور وصولاً الى القوانين، وجهة نظر، يفسّرها هؤلاء على هواهم، مع العلم أن جهابذة التفسير الدستوري جاهزون للفتاوى المُعلَّبة، فيما الشعب اللبناني يواجه الفقر والعوز.

ما هكذا تبنى الاوطان، وما هكذا تُحل مشكلات اللبنانيين الصابرين "المقموعين"، وليس بالخطابات وادّعاءات بطولة وهمية تؤلّف الحكومات.

الوضع يتطلب الهدوء والروية والحكمة والتبصر، وهي صفات ثبت غيابها عن ضمير المسؤولين، الذين عليهم وضع قليل من الماء في نبيذ سلوكهم وتصرفاتهم، والسعي لحل القضايا المطروحة في الداخل، قبل "جلبهم" الى الخارج وإملاء اتفاقات جاهزة عن كيفية إدارة المرحلة عليهم ، فيجدون أنفسهم مكرهين على قبولها، ولا حل أمامهم، من الطائف،الى الدوحة، وربما... الى باريس.

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o