Mar 18, 2021 1:30 PM
مقالات

البطريرك الراعي صاحب الخطوات الجريئة ورائد النهوض العربي

كتب النائب السابق منيف الخطيب في "كلام سلام":

في هذه الأيام العصيبة التي يمر بها لبنان والمنطقة العربية، على كافة الصعد الوطنية والإنسانية وتردي الأوضاع الاقتصادية والإجتماعية وحالة البؤس والفقر والعوز والمرض والجوع التي تشبه أو تكاد تفوق ما تعرض له لبنان خلال الحرب العالمية الأولى، في ظل طبقة سياسية تخلت عن الدور الواجب الوجود لخدمة الوطن والمواطن، وأمعنت في ممارسة كافة أشكال الفساد وتبديد ثروة الوطن ومدخرات المواطنين .

وبعد أن كان لبنان بلد البحبوحة والسياحة والإصطياف والمصرف والجامعة والمستشفى أصبح بلد المعوزين والمتسولين والمؤسسات المنهارة ... أخذ صاحب الغبطة البطريرك الراعي على عاتقه المبادرة لإنقاذ لبنان وانتشاله من الهوة السحيقة التي أوصله إليها أهل السياسة، وطرح موضوع حياد لبنان لأنه السبيل الوحيد للخروج من الدوامة القاتلة وإطلاق مؤسساته من أسرها لتعمل من جديد وفق القوانين وليعود لبنان إلى لعب دوره السابق وإنقاذ شعبه من البؤس والعوز. وقد لاقى هذا الطرح تأييداً عارماً من الشعب اللبناني تمثل في المسيرات الشعبية إلى بكركي من كل حدب وصوب، مما يؤكد على توق الشعب اللبناني إلى الخروج من هذه الحالة التي ذاق بسببها الأمرّين .

إن الحياد لا يعني التخلي عن الدور الوطني والعربي، فلبنان كان وسيبقى في طليعة العرب يحمل همومهم ويتبنى قضاياهم في المحافل الدولية ولن يتخلى عنها، سيما أنه كان رائد النهضة العربية خلال القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين وسيبقى كذلك، إذ أن الحياد لا يغيّر المبادئ بل يعزز وجود الدولة وقدرتها .

لقد أثبتت الأيام أن السلاح لا يحل المشاكل بل يعقدها ويزيد المآسي ويدمر ويخرب ولا يخدم القضايا العربية في ظل عالم اليوم المتوحش الذي لا هم له إلاّ السيطرة على ثروات بلادنا ومن مصلحته أن نكون ضعفاء متخاصمين. ولا يسمح بإعطاء السلاح للعرب لمقاتلة إسرائيل أو لإضعاف نفوذه، بل يُعطى السلاح للعرب لإثارة الفتن والحروب والإقتتال بين العرب. وهناك مقولة كانت تتردد وقد أكّدت التجارب والأيام والأحداث صحتها وهي: "لايعطى السلاح للعربي إلاّ لقتل العربي". وقد عانى لبنان والعديد من الأقطار العربية من مرارة الاقتتال والحروب العبثية التي خربت ودمرت وأفقرت وأثارت الضغائن والأحقاد .

من هنا تبرز أهمية طرح غبطة البطريرك الراعي لا سيما أن لبنان عانى الكثير منذ توقيع اتفاق القاهرة حتى اليوم، لقد جاء هذا الطرح تتويجاً لمبادرات سابقة لغبطته لها أهميتها على كافة الصعد الوطنية والعربية والدولية أهمها صرخاته الدائمة في وجه حكام لبنان وسياسيه آملاً تقويم الاعوجاج، وزيارته للمملكة العربية السعودية التي عززت علاقات لبنان العربية، فضلا عن رحلته إلى القدس يوم زارها البابا ليؤكد على أن القدس مدينة الإيمان والأمان للأديان السماوية كافة ولا يمكن أن تكون عاصمة لدولة العدوان والقتال كما تريد إسرائيل .

كل التحية إلى البطريرك الراعي الذي يعمل بجهد لخدمة لبنان وقضايا العرب. وكما كانت الأديرة اللبنانية حاضنة للغة العربية وآدابها في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين حيث انطلقت النهضة العربية وتحررت بلاد العرب سيشكل نداء البطريرك بداية لنهضة عربية جديدة .

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o