May 03, 2018 3:08 PM
اقتصاد

الشـاب يمثّل الحريـري في "ملتقى هيئات مكافحة الفساد" في بيروت
سلامة: لتعيين القضاة في المحكمة المنشأة لدى هيئة الأسواق المالية

المركزية- برعاية رئيس الحكومة سعد الحريري ممثلاً بالنائب باسم الشاب، افتُتح "الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد ووحدات الإخبار المالي" في فندق "فور سيزونز" في بيروت، بتنظيم هيئة التحقيق الخاصة (وحدة الإخبار المالي اللبنانية) بالشراكة مع كل من مجموعة الـ"مينافاتف" والشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد (ACINET) وبدعم من الأمم المتحدة ومنظمة التعاون والتنمية الاقتصادية و"مجموعة إغمونت لوحدات الإخبار المالي"، وتولّت مجموعة الاقتصاد والأعمال تنظيم الحدث.

حضر حفل الافتتاح الوزراء المختصون وسفراء الدول العربية حيث وصل عدد المشاركين إلى نحو300  من 28 دولة يمثلون هيئات مكافحة الفساد، وممثلون عن القطاعات المالية والمصرفية والجهات المعنية بمكافحة الفساد وتبييض الأموال. ويسعى الملتقى إلى استكشاف الوسائل والسُبل لتطوير وتفعيل التعاون المحلي والدولي بين وحدات الإخبار المالي والهيئات الوطنية لمكافحة الفساد.

وينعقد الملتقى على هامش الاجتماع العام الـ 27 لمجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الاوسط وشمال أفريقيا (مينافاتف) الذي عُقد في بيروت برئاسة لبنان على مدى خمسة أيام. 

منصور: رئيس مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا الأمين العام لهيئة التحقيق الخاصة في لبنان عبد الحفيظ منصور قال في المناسبة: إن مكافحة الفساد الجدية لم تجد لها سبيلاً إلى التطبيق في الكثير من دول العالم  لا سيما النامية منها، مع عدم إغفال أن الدول المتقدمة تشهد ايضاً حالات فساد هامة وكبيرة. إن أبلغ دليل على تفشي الفساد هو في مبالغ  الرشاوى التي تدفعها المؤسسات والأفراد سنوياً على النطاق العالمي، وتظهر دراسات البنك الدولي أن خسائر الفساد تشكّل ما معدله 2% من الناتج القومي العالمي، وتعادل نحو 10 مرات قيمة المساعدات التي تقدم للدول النامية، وبكلام آخر فإن معظم هذه الدول قد تستغني عن المساعدات في حال نجاحها في الحدّ من تنامي الفساد ومكافحته بشكل فاعل.

ولفت منصور إلى أن "البنك الدولي اعتبر الفساد تحدياً كبيراً، وعائقاً أساسياً بوجه تحقيق هدفين متلازمين في خطة عمله هما إنهاء الفقر المدقع بحدود عام 2030،  ورفع المشاركة الاقتصادية لنسبة 40% من السكان في الدول النامية".

وأشار إلى أن "الكثير من المؤسسات والمنظمات العالمية وضعت مكافحة الفساد في أعلى سلم أولوياتها وخطط عملها ومنها مجموعة "إغمونت" و"مجموعة العمل المالي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا" برئاسة لبنان التي حددت أن موضوع مكافحة الفساد يأتي من ضمن أولويات الرئاسة. كما أبدى مندوبو دول المجموعة العربية الرغبة في عمل مشترك على صعيد دول المنطقة لتشارك الخبرات والتعاون في إطار مكافحة الفساد وذلك في اجتماعات متابعة تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد (UNCAC) في 2017. 

موليت: أما رئيس قسم مكافحة الفساد في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية باتريك موليت فشدد على الالتزام والمسؤولية في محاربة الفساد الذي يكلّف الأفراد والشركات 1.5 تريليون دولار سنوياً ويبقى المعوق الأول لتحقيق الاستدامة الاقتصادية والتطور السياسي والاجتماعي للدول على كافة الأصعدة، كما أنه يهدد الأمن والسلام حول العالم.

وذكّر بجهود منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية "لتكون المنظمة من أوائل المحاربين للفساد من خلال وضع السياسات للحد من فرص الفساد والحوافز المشجعة له". وأوضح أن "النظرة إلى الفساد تغيرت اليوم حيث تلقى محاربة الفساد اهتمام المجتمع العالمي والحكومات والمجتمع المدني والتي وضعت المسألة على سلم أولوياتها". وإذ أشار إلى حصول تطور في محاربة الفساد "إلا أن لا يزال هناك بعض التحديات أهمها الحاجة إلى إطار قانوني قادر على محاربة الفساد في الكثير من الدول وتفعيله". وأبدى تفاؤله في وعي الدول لخطورة الموضوع "وهي تتعاون في سبيل إيجاد الحلول الملائمة لا سيما في مجال مشاركة المعلومات".

وختم بالإشارة إلى الدعم الذي توفره OECD  لبرامج ومبادرة مكافحة الفساد "بما فيها تلك التي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا"، لافتاً إلى "ضرورة الحوار مع الأطراف المعنية وضرورة الالتزام بمحاربة هذه المسألة انطلاقاً من التعاون والحوار لتوحيد الجهود ومحاربة الفساد بفعالية".

الياسري: وانطلق رئيس هيئة النزاهة العراقية ورئيس الشبكة العربية لتعزيز النزاهة ومكافحة الفساد حسن الياسري من واقع مفاده أن الفساد أضحى ظاهرة عالمية وآثاره خطيرة تمسّ المواطن والوطن بالصميم ويؤدي إلى تردّي الخدمات للمواطنين ويعطّل فرص الاستثمار، ليؤكد تأثيره الخطير على إضعاف ثقة المواطن بالدولة وبكل مؤسساتها. لذلك لا بد من تضافر الجهود لمحاربة هذه الآفة.

وشدّد على أن "أي رئيس دولة أو حكومة لا يستطيع معالجة الفساد بمفرده إنما بمشاركة جميع الأفرقاء السياسيين، وذلك للقيام بإصلاحات حقيقية وفق منظومة قانونية في بيئة سليمة تحصّن المجتمع من الوقوع في شرائك الفساد، علماً أن جزءاً من شرائح المجتمع متورّط في الفساد وعن غير وعي أحياناً".

ولفت إلى أن "الفساد يأتي في أشكال مختلفة، فهو إما أن يكون إدارياً ومالياً، أو سياسياً أو اجتماعياً. وبالتالي فإن آلية مكافحة الفساد يجب أن تتعدد بتعدد أشكاله". وتابع: فالفساد المالي والإداري يتم إصلاحه بدعم الرقابة المالية وهيئة النزاعات وغيرها وفق الأنظمة القانونية والدستورية في كل دولة، وبتعزيز وتنمية قدراتها للقيام بمهامها. وفي الفساد السياسي تختلف الآلية باختلاف نظام كل دولة، كما أن الدولة بمؤسساتها الدستورية والقانونية ينبغي ألا توظف أي شخص أو توليه منصباً سياسياً إذا كان فاسداً.

وأشار إلى أن "من جملة مفاهيم مكافحة الفساد هو الانتخابات شرط أن تكون واقعية وحقيقية وتأتي بأشخاص نزيهين وقادرين على مكافحة الفساد، ويتحتم على المواطن واجب وهو ألا يعطي صوته لشخص فاسد". وأكد أنه "يتعيّن على دول المنطقة وضع آليات مكافحة الفساد والتفكير في آليات وقائية حيث أن معظم دولنا تفكر بمكافحة الفساد بعد وقوعه"، مشدّداً على "ضرورة التعاون من خلال شبكة لتبادل الخبرات في ما بين الدول العربية".

 كاسترز: وعرّفت رئيسة مجموعة "إغمونت" لوحدات الإخبار المالي هيني فربيك - كاسترز بمجموعة "إعمونت غروب" لوحدات الإخبار المالي بأنها منظمة عالمية توفر الأدوات لتبادل المعلومات بين وحدات الإخبار المالي في العالم، بغض النظر عن وضعهم القانوني، وعن وضعهم ضمن الإدارة المحلية أو طبيعة المعلومات التي تتلقاها. ولهذا السبب، في كل مرة تدخل وحدة إخبار مالي إلى شبكة مجموعة "إغمونت"، فإنه بالتالي في إمكانها الوصول إلى 155 وحدة إخبار مالية وفي مقدورها تقديم معلومة ذات قيمة مضافة إلى العضو الجديد.

وأضافت: إن المجموعة تقوم كذلك بجمع الخبرات والمعرفة لدى كل عضو من أعضائها لدعم كامل الأعضاء وخلق منظمة تعليمية. وطوّرت المجموعة بيانات مالية، ومؤشرات ونماذج وتقارير للقوة المالية الضاربة Financial Action Task Force (FATF) لتبادل الدروس المتعلمة حول كيفية تحسين أداء وحدات الإخبار المالي. وأفادت أنه منذ فترة وجيزة، بدأنا برنامجنا الجديد "مركز إغمونت لوحدات الإخبار المالي والقيادة ECOFEL الذي يركّز على بناء الإخبار والقيادة في وحدات الإخبار المالي حول العالم ما يجعل عملها أكثر احترافاً.

وذكّرت بدور المجموعة كذلك "في مكافحة غسل الأموال المتأتية من الفساد، وبضرورة التعاون الوثيق في محاربة الفساد مع المنظمات المعنية في هذا المجال".

لازاريني: نائب المنسق العام للأمم المتحدة في لبنان فيليب لازاريني قال: إن الملتقى العربي لهيئات مكافحة الفساد ووحدة الإخبار المالي يأتي في أوانه حيث تواجه البلدان العربية تحديات جديدة، ومخاطر بيئية وسياسية جديدة. إن كلفة الفساد تتجاوز في الواقع القيمة المالية حيث أن كلفتها الحقيقية تؤثر على البشر، وذلك إذا ما أخذ في الاعتبار عدد الطرقات والجسور والمستشفيات والمدارس والمحاكم ومراكز الشرطة التي كان من الممكن بنائها وتجهيزها وبالتالي الأرواح التي كان من الممكن إنقاذها فيما لو تم ذلك.

ولفت إلى أن "الدراسات تظهر الترابط الوثيق بين الفساد والازدهار الاقتصادي. ويظهر بحث لمؤسسة النقد الدولي أن الاستثمار في بلدان فاسدة هو تقريباً أقل بنسبة 5 في المئة مقارنة بالدول الخالية من الفساد إلى حدّ ما"، مذكّراً بأن تقديرات منتدى الاقتصاد العالمي تشير إلى أن الفساد يساهم في رفع كلفة ممارسة الأعمال إلى نسبة تلامس 10 في المئة. ويقدر البنك الدولي إلى أن 20 إلى 40 مليار دولار أي ما يعادل 20 إلى 40 في المئة من المساعدات الموجهة للتنمية تتم سرقتها من الميزانيات العامة في البلدان النامية.

وإذ شدّد لازاريني على أن "الفساد يعدّ العائق الرئيسي أمام التنمية المستدامة، أكد التزام الأمم المتحدة مكافحة الفساد"، لافتاً إلى "وجود قناعة راسخة لدى المنظمة بأن النجاح في هذا المجال سيكون عنصراً أساسياً ضمن Global Agenda 2030 بما فيها أهداف التنمية المستدامة".

سلامه: وكانت كلمة لحاكم مصرف لبنان رياض سلامه تحدث فيها عن هيئة التحقيق الخاصة لدى مصرف لبنان التي تأسست بموجب القانون 318/2001 تاريخ 20/4/2001: وهي هيئة مستقلة، ذات طابع قضائي، تتمتع بالشخصية المعنوية، غير خاضعة في ممارسة أعمالها لسلطة مصرف لبنان. مهمتها تلقي الإبلاغات وطلبات المساعدة وإجراء التحقيقات في العمليات التي يشتبه بأنها تشكل جرائم تبييض أموال او جرائم تمويل إرهاب، واتخاذ القرار المناسب في شأنها. وذلك قبل أن تكون جريمة الفساد آنذاك من بين الجرائم الأصلية لتبييض الأموال وفق القانون المذكور.

وذكّر باتفاقية الامم المتحدة لمكافحة الفساد UNCAC "التي أُجيز للحكومة اللبنانية بموجب القانون رقم 33 تاريخ 16/10/2008، وبموجب القانون 32 الصادر بالتاريخ ذاته أعطيت هيئة التحقيق الخاصة، حصرياً صلاحية تجميد ورفع السرية المصرفية عن الحسابات المصرفية وذلك تطبيقاً للاتفاقات والقوانين المرعية الإجراء المتعلقة بمكافحة الفساد لا سيما اتفاقية الأمم المتحدة المذكورة".

وأوضح أن "عند تعديل قانون مكافحة تبييض الأموال وتمويل الإرهاب في العام 2015، تمّ توسيع فئات الجرائم الأصلية لتبييض الأموال وتمويل الإرهاب لتصبح 21 جريمة، تماشياً مع معايير مجموعة العمل المالي والتي شملت الفساد بما في ذلك الرشوة وصرف النفوذ والاختلاس واستثمار الوظيفة وإساءة استعمال السلطة والإثراء غير المشروع والتهرّب الضريبي وفقاً للقوانين اللبنانية". وأشار إلى أن هيئة التحقيق الخاصة، وهي وحدة الإخبار المالي اللبنانية، "تستوفي جميع المعايير الدولية المطلوبة وهي الهيئة المركزية الوطنية لتلقي تقارير العمليات المشبوهة – من الجهات الملزمة بالإبلاغ ومن كافة الجهات الداخلية والخارجية – وتقوم بتحليلها وتحليل المعلومات المجمّعة تمهيداً لاتخاذ القرار المناسب في شأنها".

وقال سلامه: إن الهيئة تعاملت مع العديد من قضايا الفساد المحلية المُبلّغة اليها والدولية الواردة بموجب استنابات قضائية دولية، ونالت "الهيئة" في العام الماضي جائزة Award of Excellence من Stolen Asset Recovery Initiative (StAR)  من البنك الدولي تقديراً لجهودها. 

نشير أيضاً هنا إلى أن الهيئة ومصرف لبنان ساهما في تنفيذ التزامات لبنان في ما يخص اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد. كما ساهم كل من الهيئة ومصرف لبنان في إنجاز دليل التعاون مع الجمهورية اللبنانية لاسترداد الأموال المتأتية من الفساد وكان لبنان أول دولة عربية استكملت هذا الدليل.

وأخيراً دعا سلامة الحكومة إلى "تعيين القضاة في المحكمة المنشأة لدى هيئة الأسواق المالية كي تكون لتقارير لجنة التدقيق في هذه الهيئة، فعالية أكبر في أعمالها". 

الشاب: وتوجّه الشاب إلى المشاركين منطلقاً من مشاركتهم في الملتقى ليذكّر بأن مشكلة الفساد تطال المنطقة والعالم برمّته وليس لبنان وحده. وأشار إلى "إجماع في لبنان حول أن الفساد مشكلة وآفة لا بد من معالجتها"، مشدداً على "وجوب تضافر الجهود داخل المجتمع اللبناني لمكافحتها، من خلال التشريعات اللازمة وإن لم تكن وحدها كافية لذلك".

وقال الشاب إن "لبنان يتمتع بمزايا تضعه في موقع متقدم على صعيد مكافحة الفساد حيث أن من أهم عناصر مكافحة الفساد هو الديمقراطية"، موضحاً أن "قابلية الدول التي تتمتع بنظام ديموقراطي لمكافحة الفساد أكبر من الدول التي لا تعتمد النظام الديمقراطي في حكمها. أضف إلى ذلك تمتع لبنان بنظام قضائي مستقل"، داعياً إلى "دعم القضاء كون القضاء المستقل أساس في مكافحة الفساد".

وشدّد على أهمية الحريات في عملية مكافحة الفساد لأن الأخير "يعيش في الظلام"، موضحاً أن "من خلال الإعلام لا بدّ من أن يخرج الفساد إلى الضوء". وختم الشاب: إذا ما توافرت النية في مكافحة الفساد المستريب، في الإمكان تحقيق نتائج إيجابية على هذا الصعيد.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o