Mar 07, 2021 7:19 PM
اقليميات

من أربيل وفي ختام زيارته التاريخية.. البابا فرنسيس: الكنيسة في العراق حيَّة والمسيح حَيٌّ فيها

اختتم قداسة البابا فرنسيس زيارته التاريخية إلى العراق والتي استمرت ثلاثة أيام، مُكررًا دعوته الدائمة إلى السلام.

البابا فرنسيس احتفل بالقداس الإلهي في أربيل بمشاركة نحو 10.000 مؤمن والذين استقبلوه بالدموع والزغاريد والورود.

البابا فرنسيس توجه في ختام القداس الى المؤمنين بالقول: "لقد سمعت أصوات ألم وشدة ولكن سمعت أيضًا أصواتًا فيها رجاء وعزاء ويعود الفضل في ذلك الى عمل الخير الذي لم يعرف الكلل والملل والذي قامت به المؤسسات الدينية من كل الطوائف".

أضاف: "الآن اقتربت لحظة العودة إلى روما لكن العراق سيبقى دائمًا معي وفي قلبي".

وأردف: "اطلب منكم أن تعملوا معًا متحدين من اجل مستقبل سلام وازدهار لا يهمل احدا ولا يميز أحدا".

وخاطب البابا فرنسيس المشاركين باللغة العربية مردّدًا: "سلام سلام سلام" "الله معكم".

البابا احتفل بالقداس في أربيل وهو الأكبر الذي أقيم على الأراضي العراقية في الملعب الذي يتسع لعشرين ألف شخص، إلا أنه لم يمتلئ تماماً بالحضور، على خلفية تفشي وباء فيروس كورونا، في وقت لا يزال العراق بالمراحل الأولى من حملة التلقيح ضد الفيروس.

عظة البابا: وأضاف "ليس فقط للأشخاص والجماعات المعنية، بل للمجتمع نفسه الذي تركوه وراءهم". 

"ذَكّرَنا القِدِّيسُ بولس قائلًا: "فهُوَ مَسيحٌ، قُدرَةُ اللّهِ وَحِكْمَةُ اللّه" (1 قور 1، 24). بيَّنَ لَنا يسوعُ المسيح هذهِ القُدْرَةَ وَهَذِهِ الحِكْمَةَ، خاصّةً بالرَحْمَةِ والمَغْفِرَة. لم يُرِدْ أنْ يَفْعَلَ ذَلِكَ بإظهارِ القُوّةِ أو فَرْضِ صَوْتِهِ مِن أَعْلَى، وَلا بِخِطاباتٍ طَويلَة، أوْ عُرُوضٍ عِلْمِيَّةٍ فَريدَة. إنَّما أَظْهَرَ قُدْرَتَهُ بِتَقْدِيمِ حَياتِهِ علَى الصَّليب. أَظْهَرَ حِكْمَتَهُ وَقُدْرَتَهُ الإلَهِيَّة، مُبَيِّنًا لنا، حتَى النِهايَة، أَمانَةَ مَحَبَّةِ الآبِ لَنا، أَمانَةَ إلَهِ العَهْد، الذي أَخْرَجَ شَعْبَهُ مِنَ العُبُودِيَّةِ وَقادَهُ في طَريقِ الحُرّيَّة (را. خر 20، 1-2).

ما أَسْهَلَ الوُقُوعَ في شَرَكِ التَفْكيرِ في أَنَّهُ يَجِبُ عَلَينا أنْ نُبَيِّنَ لِلآخَرينَ أَنَّنا أَقْوِياء، وَحُكَماء... ما أَسْهَلَ الوُقُوعَ في شَرَكِ تَصَوُراتٍ خاطِئَةٍ عَنِ الله، لِنجِدَ فيها الأمان... (را. خر. 20، 4 -5). في الواقِع، العَكْسُ هُوَ الصَّحيح، إنَّنا نَحْتاجُ كُلُّنا إلى قُدْرَةِ اللهِ وَحِكْمَةِ اللهِ التي أَعْلَنَها يَسُوعُ على الصَّليب. على الجُلْجُلَة، قدَّمَ يَسُوعُ للآبِ جِراحَهُ التي بِها شُفينا (را. 1 بط 2، 24). هُنا في العِراق، كَثيرونَ هُم إخوانُكُم وأخَواتُكُم وأَصْدِقاؤُكُم وَمُواطِنُوكُم الذين يَحْمِلُونَ جِراحَ الحَرْبِ والعُنْف، جِراحًا مَرْئِيَّةً وغَيْرَ مَرْئِيَّة! التَجْرِبَةُ هي الرَدُّ عَلَيْها، وَعَلَى غَيْرِها مِنَ الوَقائِعِ الأَليمَة، بالقُوَّةِ البَشَريَّة وَبِحَسَبِ الحِكْمَةِ البَشَريَّة. أمَّا يَسُوعُ فَقَدْ بَيَّنَ لَنا طَريقَ الله، الذي سارَ هُوَ فيه، وَيَدْعُونا لاتِّباعِهِ فيه.

في الإنْجيلِ الذي أصْغَيْنا إلَيْهِ الآن (را. يو 2، 13-25)، نَرَى كَيْفَ طَرَدَ يَسُوعُ مِن هَيْكَلِ أُورَشَليم الصَّيارِفَةَ وَكُلَّ الذينَ كانوا يَشْتَرونَ وَيَبِيعُون. لِماذا أقْدَمَ يَسُوعُ علَى هذا المَوْقِفِ بِما فيهِ من قُوَّةٍ واسْتِفزاز؟ فَعَلَ ذَلِكَ لأنَّ الآبَ أَرْسَلَهُ ليُطَهِّرَ الهَيْكَل: لا هَيْكَلَ الحَجَرِ فَقَط، بَلْ علَى وَجْهِ الخُصُوصِ هَيْكَلَ قُلُوبِنا. كَما لمْ يَسْمَحْ يَسُوعُ أنْ يَصيرَ بَيْتُ أبِيهِ مَكانَ تِجارة (را. يو 2، 16)، هَكَذا لا يُريدُ أنْ يُصْبِحَ قَلْبُنا مَساحَةَ اضْطرابٍ وَفَوْضَى وارتِباك. يَجِبُ أنْ يكونَ القلبُ نقِيًا وَمُنَظَمًا وطاهِرًا. مِن ماذا؟ مِنَ الأكاذيبِ التي تُلَوِثُه، وَمِنَ الازْدِواجِيَّةِ المُنافِقَة التي لَدَيْنا جَميعًا شيءٌ مِنْها. إنَّها أمْراضٌ تُؤْذي القَلْبَ وَتُلَطِخُ الحياةَ وَتَجْعَلُها مُزْدَوَجَة. نَحْنُ بِحاجَةٍ لأنّ نَتَطَهَرَ مِنَ الأمانِ الزائِف، الذي يَسْتَبْدِلُ الإيمانَ بالله بالأُمُورِ الزائِلَة، وبالمَصالِحِ الآنِيَّة. نَحْنُ كَذَلِك بِحاجةٍ لأنْ نُزيلَ مِن قُلُوبِنا ومِنَ الكَنيسةِ الطُمُوحاتِ لِلْسُلْطَةِ والمالِ المُؤْذِيَة. لتَطْهُرَ قُلُوبُنا، نَحْتاجُ أنْ تَتَسِخَ أيْدِينا: أنْ نَشْعُرَ بالمَسْؤُوليّةِ ولا نَقِفُ مَكْتُوفي الأيْدِي بَيْنَما يُعاني إخْوَتُنا وَأَخَواتُنا. وَلَكِنْ كَيْفَ نُنَقي قَلْبَنا؟ لسْنا قادِرينَ علَى ذَلِكَ وَحْدَنا: نَحْنُ بِحاجَةٍ إلى يَسوع. لَدَيْهِ القُدْرَةُ علَى أنْ يَنْتَصِرَ علَى شُرُورِنا، وأنْ يَشْفِيَ أمْراضَنا، وأنْ يُرَمِّمَ هِيْكَلَ قَلْبِنا.

تأكيدًا علَى ذَلِك، وَدَليلًا علَى سُلْطانِهِ، قال: "اُنقُضُوا هذا الهَيْكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام!" (الآية 19). يَسُوعُ المَسيح، وَحْدَهُ، يَقْدِرُ أنْ يُطَهِّرَنا مِن أَعْمالِ الشَّرّ، هوَ الذي ماتَ وَقام، وَهوَ الرَّبّ! إخْوَتي وَأَخَواتي الأَعِزّاء، إنَّ اللهَ لا يَتْرُكُنا نَمُوتُ في خَطيئَتِنا. حتَى إذا تَرَكْناه نَحنُ، هُوَ لا يَتْرُكُنا أبدًا لأَنفُسِنا. إنَّهُ يَبْحَثُ عَنّا، وَيُتابِعُنا، حتَى يَدْعُوَنا إلى التَوْبَةِ وَيُطَهِّرَنا. "حَيٌّ أَنا، يَقُولُ السَّيِّدُ الرَّبّ – علَى فَمِ حِزقيالِ النبي-، لَيْسَ هَوايَ أَنْ يَمُوتَ الشِّرِّير، بَلْ أَنْ يَرْجِعَ عَن طَريقِهِ فيَحْيا" (33-11). يُريدُنا الله أنْ نَخْلُصَ وأنْ نُصْبِحَ هَيْكَلًا حَيًّا لِمَحَبَّتِه، في الأُخُوَّةِ وَفي الخِدْمَةِ والرَحْمَة.

لا يُطَهِّرُنا يَسُوعُ مِن خَطايانا فَحَسْب، بَلْ يَجْعَلُنا شُرَكاءَ في قُدْرَتِهِ وَحِكْمَتِه. إنَّهُ يُحَرِّرُنا مِن طَريقةٍ لفَهْمِ الإيمانِ والعائِلَةِ والجَماعَةِ تُسَبِّبُ الانْفِصالَ والمُعارَضَة والإقْصاء، حتَى نَتَمَكَّنَ مِن أنْ نَبْنِيَ كَنِيسَةً وَمُجْتَمَعًا مُنْفَتِحَيْن لِلْجَميع، وفيهِما نَهْتَمُّ بإخوَتِنا وَأخَواتِنا وَبِأَكْثَرِهِم حاجَةً. وَفي الوَقْتِ نَفْسِهِ يُقَوِّينا، حتَى نَعْرِفَ أنْ نُقاوِمَ تَجْرِبَةَ البَحْثِ عَنِ الانْتِقام، الذي يُغْرِقُنا في دَوَّامَةٍ مِن عُنْفٍ مُتَبَادَلٍ لا يَنْتَهي. وَيُرْسِلُنا بِقُدْرَةِ الرّوحِ القُدُس، لَيْسَ لِلْبَحْثِ عَن أَتباعٍ لَنا، بَلْ يُرْسِلُنا تَلاميذَ لَهُ، حامِلِي الرِسالَة، رِجالًا وَنِساءً، مَدْعُوِّينَ إلى أنْ نَشْهَدَ أنَّ في الإنجيلِ قُدْرَةً لِتَبْديلِ الحياة. الرَّبُّ القائِمُ مِن بَيْنِ الأموات يَجْعَلُنا أَدَواتٍ لِسَلامِ اللهِ وَرَحْمَتِهِ وَصانعِينَ صابرِين وأقوياءَ لنِظامٍ اجتِماعيٍّ جَديد. وَهَكَذا، يَتِمُّ، بِقُوَّةِ المَسيحِ وَرُوحِه، مَا تَنَبَّأَ بِهِ بولسُ الرَسول لأهْلِ قورِنتُس: "الحَماقَةُ مِنَ اللّه أَكثَرُ حِكْمَةً مِنَ النَّاس، والضُّعْفُ مِنَ اللّه أَوْفَرُ قُوَّةً مِنَ النَّاس" (1 قور 1، 25).  وَهَكَذا تُصْبِحُ الجَماعاتُ المَسيحيَّةُ المُكَوَّنَةُ مِن أُناسٍ مُتواضِعِينَ بُسطاءَ عَلامةً للمَلَكوتِ الآتي، مَلَكوتِ المَحَبَّةِ والعَدْلِ والسَّلام.

"اُنقُضُوا هذا الهَيكَل أُقِمْهُ في ثَلاثَةِ أَيَّام!" (يو 2، 19). كانَ يَسُوع يَتَكَلَّمُ عَن هَيْكَلِ جَسَدِهِ، وبالتالي عَن كَنيسَتِهِ أيْضًا. وَقَدْ وَعَدَنا الرَّبُّ يسوع أنَّهُ يَسْتَطيعُ، بِقُوَّةِ قِيامَتِه، أنْ يُقيمَنا نَحْنُ أيْضًا وَجَماعاتِنا مِن بَيْنِ الأنقاضِ التي أَحْدَثَها الظُلْمُ والانْقِسامُ والكَراهِيَة. بِهذا الوَعْدِ نَحْتَفِلُ في هذِهِ الإفخارستيا. إنَّنا نَرَى بِعُيُونِ الإيمان، الرَّبَّ يسوع المَصلوبَ والقائِمَ مِن بَيْنِ الأموات حاضِرًا في وَسَطِنا، وَنَتَعَلَّمُ أنْ نَسْتَقْبِلَ حِكْمَتَهُ المُحَرِّرَة، وأنْ نَجِدَ راحَتَنا في جِراحِه، والشِفاءَ والقُوَّةَ لخِدْمَةِ مَلَكوتِهِ الآتي إلى عالَمِنا. بِجِراحِهِ شُفِينا (را. 1 بط 2، 24). في جِراحِهِ، إخوَتي وأخَواتي الأعِزاء، نَجِدُ بَلْسَمَ حُبِّهِ الرَحيم، لأنَّهُ هُوَ السامرِيُّ الرَحيم لِلْبَشَريَّة، يُريدُ أنْ يُبرِئَ كُلَّ جُرْحٍ، وأنْ يَشْفِيَ كُلَّ ذِكْرَى أَليمَة، وأنْ يُلْهِمَ مُسْتَقْبَلَ سَلامٍ وأُخُوَّةٍ في هذهِ الأرْض.

عَمِلَتْ الكَنيسَةُ في العِراق، والحَمْدُ لله، وَلا تَزالُ تَعْمَلُ الكَثيرَ لإعلانِ هذهِ الحِكْمَة، حِكْمَةِ الصَّليبِ العَجيبَة، وَنَشَرَتْ رَحْمَةَ المَسيحِ وَمَغْفِرَتَهُ، ولا سيما بَيْنَ أكثَرِ الناسِ احتِياجًا. حتَى في وَسَطِ الفَقْرِ الشَديدِ والصِّعاب، قَدَّمَ الكَثيرُونَ مِنْكُم بِسَخاءٍ كَبير، مُسَاعَدَةً مَلْمُوسَةً وَتَضامُنًا مَعَ الفُقَراءِ والمُتَألِمين. وَهَذا هُوَ أَحَدُ الأسْبابِ التي دَفَعَتْني إلى المَجيءِ حاجًّا إليْكُم، لأَشْكُرَكُم وَلأُثَبِّتَكُم في الإيمانِ والشَهادَة. اليوم، أَسْتَطيعُ أنْ أَرَى وأَلمِسَ لَمْسَ اليَد أنَّ الكنيسَةَ في العِراقِ حَيَّة، وأنَّ المسيحَ حَيٌّ فيها يَعْمَلُ في شَعْبِهِ المُقَدَّسِ والمُؤْمِن.

أيُّها الإخْوَةُ والأخَواتُ الأعِزّاء، إنِّي أَضَعُكُم، وَعائِلاتِكُم وَجَماعاتِكُم، في حِمايَةِ سَيِّدَتِنا مَرْيَمَ العَذْراءِ الوالِدِيَّة، التي رافَقَتْ آلامَ ابْنِها وَمَوْتَهُ، وَشارَكَتْ في فَرَحِ قِيامَتِه. فَلْتَشْفَعْ لنا وَلْتَقُدْنا إلَيْه، هُوَ قُدْرَةُ اللهِ وَحِكْمَتُه".

البابا كان قد صلّى اليوم الأحد في مدينة الموصل التي دمّرها تنظيم داعش. وكانت صلواته على أرواح الضحايا الذين سفك تنظيم داعش دماءهم وكان ذلك قبل توجهه الى قرقوش التي صلّى فيها على أحد مسارح بطش تنظيم داعش المتشدد شمال العراق.

وكان البابا فرنسيس إلى مدينة الموصل، الأحد، للصلاة في عاصمة محافظة نينوى شمالي العراق، التي كانت يوما ما معقلا لتنظيم داعش، حيث لا يتجاوز عدد المسيحين الآن سوى بضع عشرات الأسر.

وقال البابا فرنسيس إن تناقص أعداد المسيحيين في العراق وشتى أنحاء الشرق الأوسط، ضرر جسيم لا يمكن تقديره.

ودعا البابا في كلمة ألقاها في ساحة حوش البيعة وأمام كنيسة مدمرة في الموصل، المسيحيين إلى العودة إلى المدينة.

وتابع: "الأمل في المصالحة لا يزال ممكنا ونرحب بدعوة المسيحيين للعودة إلى الموصل ونرفع صلاتنا من أجل جميع ضحايا الحرب".

وأردف: "نؤكد قناعتنا بأن الأخوّة أقوى من صوت الكراهية والعنف"، مضيفا "يجب تجاوز الانتماءات الدينية للعيش بسلام ووئام".

وأوضح "ملامح الحرب واضحة بالموصل، من المؤسف أن بلاد الحضارات تعرضت لهذه الهجمة الارهابية".

وبعدما أنهى الحبر الأعظم كلمته، ترأس البابا صلاة على أرواح ضحايا الحرب.

وتمت مراسم الكلمة في ساحة يلفها الدمار من كل حد، بعد أن دمر داعش 14 كنيسة في المدينة، منها 7 تعود إلى القرون الخامس والسادس والسابع، كما لا توجد ملاعب في المدينة بسبب الدمار الهائل الذي لحق بها.

وجهزت السلطات العراقية منصة للبابا من أجل الصلاة وإلقاء كلمة في المدينة، في مكان لا يزال يحمل آثار الحرب التي دارت هنا، بين القوات العراقية وداعش قبل سنوات.

وظهر البابا فرنسيس،  وهو يتجول بسيارة صغيرة وسط ركام مدينة الموصل التي زارها بعد أربع سنوات على تحريرها من تنظيم “داعش”.

وبعد إلقاء كلمته في “حوش البيعة” تجول البابا  بسيارة صغيرة مكشوفة في أجزاء من مدينة الموصل القديمة التي شهدت معارك ضارية خلال فترة تحريرها من تنظيم “داعش” عام 2017.

الى قرقوش:

وبعد الموصل،توجه البابا إلى مدينة قرقوش المسيحية قرب الموصل، وهي  المحطة الثانية في زيارة البابا، الأحد، في محافظة نينوى شمال العراق.

وتقع بلدة قرقوش على بعد 30 كيلومترا جنوب الموصل، عاصمة الإقليم، وللبلدة تاريخ سحيق في المسيحية. 

واصطف سكان البلدة حاملين سعف النخيل واغصان الزيتون كتلك التي استقبل بها السيد المسيح في اورشليم، على جانبي الطريق لتحية رأس الكنيسة الكاثوليكية، الذي لوح بيده للسكان من سيارة كانت تقله وسط موكب محاط بحراسة مشددة.

وقال الأب بطرس شيتو من أمام كنيسة الطاهرة الكبرى في قرقوش: "البابا فرنسيس بثيابه البيضاء يعلن للعالم أجمع أننا أبناء السلام والحضارة والمحبة وأبناء القيامة"، وفق "فرانس برس"

وأحرق داعش هذه الكنيسة، لكن القوات العراقية تمكنت من طرد التنظيم الإرهابي وهزيمته، مما أتاح المجال إلى إعادة ترميمها.

ويقول رئيس تحرير موقع عين الموصل، عمر محمد في حديث "سكاي نيوز عربية" إن "اختيار البابا لهذه المدينة له دلالة ومغزى".

وأضاف محمد ، وهو مورخ أيضا، أن "المسيحية بدأت في قرقوش قبل أن تنطلق إلى أرجاء العراق".

وتحتضن البلدة العراقية أقدم كنيسة كاثوليكية في العراق، مما يجعلها بمثابة روح الكنيسة الكاثوليكية في البلاد.

ولفت محمد إلى أن سكان بلدة قرقوش لا يزالون يتحدثون بلغة المسيح عليه السلام، اللغة الآرامية في تعاملاتهم اليومية.

وقال إن زيارة البابا تحمل رسالة أن لا مكان للإرهاب، ولا يمكن له أن يعود مرة، مضيفا أن الزيارة تحمل رسالة أن هناك خطوات واجبة نحو إعادة الثقة بالمسيحيين.

وترأس البابا قداسا في كنيسة الطاهرة الكبرى في قرقوش، التي لا تزال تحمل آثار الحرب التي شنها تنظيم داعش الإرهابي.

ويقول مراسل "سكاي نيوز عربية" إن مرممي الكنيسة تركوا بعض الآثار للحرب، للتذكير بما حدث عندما اجتحاح داعش المنطقة في عام 2015.

وأضاف أن البابا ترأس قداسا في الكنيسة أعاد فيه الحديث عن الأخوة والسلام ولفظ الحرب والإرهاب، وأن من يؤمن باله لا يمكن أن يقتل باسم الله.

واستعداد للزيارة، أعد السكان هدية إلى رأس الكنيسة الكاثوليكية عبارة عن واشح على الطراز القرقوشي.

كنيسة الطاهرة السريانية الكاثوليكية القديمة والمدمرة، "هذا التناقص المأساوي في أعداد تلاميذ المسيح، هنا وفي جميع أنحاء الشرق الأوسط إنما هو ضرر جسيم لا يمكن تقديره".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o