Mar 02, 2021 9:57 AM
مقالات

تمَخّضَ الجبل فولد فأراً

كتب نقيب الصحافة عوني الكعكي:
انتهى أسبوع بالتمام والكمال، على تقرير الاستخبارات الأميركية عن جريمة قتل الصحافي جمال خاشقجي في القنصلية السعودية في اسطنبول، وسيناريو هذا التقرير، لم يؤدِّ الى أي نتيجة ملموسة، إذ لم يتضمن أي دليل حسي او ملموس، يثبت ان عملية القتل هذه، تمّت بأمر، او بمعرفة من ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بل العكس تماماً، فإن تقرير الـCIA، هو تقييم، كما وصفه أصحابه، ولا يتضمن أدلة ولا براهين، وباختصار شديد، لم يستطع التقرير الجزم بوجود نيّة جرمية ثابتة وملموسة.

هذا من جهة، أما من جهة ثانية، فإن المملكة العربية السعودية، أقرّت بالمسؤولية المعنوية، وبلسان الأمير محمد بن سلمان نفسه... وجرت محاكمة نتجت عنها أحكام بإدانة البعض وتبرئة آخرين. ولْنُحاوِلْ التعليق بكل موضوعية على إثارة مثل هذا الموضوع، وفي مثل هذا التوقيت بالذات، الذي ترافق مع تسلّم جو بايدن رئاسة الولايات المتحدة الأميركية في العشرين من كانون الثاني من العام 2021.

أولاً: إن المملكة العربية السعودية، وفق حقّها السيادي، ومسؤوليتها كدولة، وكعضو شرعي في المجتمع الدولي، قامت بما تقوم به أي دولة من تحقيق ومحاكمة وأحكام. وباتت القضية مغلقة، ما لم تظهر أدلة جديدة.

ثانياً: ان في المملكة العربية السعودية مستوى ثانيا، في التعامل مع مثل هذه القضايا، يتصل بموقف عائلة الضحيّة، التي في حالة المرحوم جمال خاشقجي طلبت، وبكامل إرادتها، ان تُخَفّفَ الأحكام من الإعدام الى المؤبد، وهذا ما حصل.

ثالثاً: مبدأ السيادة الوطنية... فالولايات المتحدة الأميركية نفسها، تمسكت ولاتزال بحقّها السيادي، برفض محاكمة جنود أميركيين أمام قضاء غير القضاء الأميركي، حتى قضاء الحلفاء... واعتبرت ان كل استثمار في قضايا مماثلة، هو استثمار سياسي، يتم وفق حاجات معيّنة، او مواقف سياسيّة. والدليل على ذلك... فكرة السجون السرية، او تغيير قواعد التحقيق بعد أحداث الحادي عشر من أيلول... كل هذه سياسات أجازتها السلطات الأميركية.

رابعاً: إن احداثا كثيرة، حصلت، ولم يُحَمَّل المسؤولون تَبِعَة ما ارتكبه البعض، ومثال على ذلك، أن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، حين أصدَرت حكما بإدانة سليم عيّاش بجريمة اغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، أشارت الى ان عيّاش القيادي في حزب الله هو المسؤول عن ارتكاب جريمته... بل هو المسؤول الوحيد ولم تُحَمِّل المحكمة المسؤولية لرؤسائه، ولقادة حزب الله.

خامساً: جرائم عدّة، قام بها أميركيون، وثبتت عليهم التهم، لكنّ أحدا لم يحمّلْ رئيس الولايات المتحدة الأميركية مسؤولية ارتكاب هؤلاء الجرائم التي ارتكبوها.

سادساً: جاء في تقرير الاستخبارات الأميركية، ان اتهام ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بالموافقة على خطف او قتل خاشقجي سببه أن ولي العهد يسيطر على عملية صنع القرار في المملكة.. وهذا غير صحيح، يحمل هرطقة قانونية، لا يقبلها منطق ولا عقل سليم. الى ذلك كانت الحكومة السعودية قد نفت أي تورّط لولي العهد، وأصدرت بيانا رفضت فيه نتائج التقرير الأميركي.

سابعاً: قد يكون استهداف ولي العهد السعودي، الأمير محمد بن سلمان جاء بسبب ما قدّمه الأمير للمملكة من انجازات ورؤى، لا يستطيع أحدٌ انكارها او التشكيك فيها، وجاء إقحام ولي العهد بالقضية للإبقاء على تخلّف المملكة وتراجعها في شتى الميادين.

لقد قدّم ولي العهد السعودي رؤية للعام 2030... عمل فيها كي تصبح المملكة العربية السعودية أحد أهم اقتصاديات العالم، وجعلها بين أفضل عشر دول في ملف «كورونا»... وتنفيذاً لِتَوْجيهات ولي العهد، عززت المملكة ايراداتها غير النفطية، وصححت أوضاع نصف مليون وافد... ومنحت المرأة عصرا ذهبيّاً، هذا ويعمل ولي العهد عن كثب على تنفيذ الرؤية... لذا بدأت السعودية تشهد نقلة نوعية في قطاعات جديدة وواعدة، نظرا لما تمتلكه المملكة من إرث ثقافي وتنوّع جيوغرافي، وديموغرافية فريدة من نوعها، تتيح للمملكة أن تكون في مصاف كبريات الدول في قطاعات السياحة والثقافة والرياضة والترفيه.

إن جهود خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين، مستمرة في السعي الجاد لمضاعفة حجم الاقتصاد وتنوّعه ودعم القطاع المالي، لأنه يسهم في تعزيز الاقتصاد، والجهود المبذولة هذه تتصف بالمرونة في اتباع السياسة المالية العامة... هذه المرونة مكّنت الحكومة من اتخاذ التدابير والاجراءات في مواجهة الصدمات الطارئة بمستوى عالٍ من الكفاءة.

ولا يمكن ان ننسى اهتمام القيادة السعودية الدائم بالمواطن، واطلاع هذا المواطن على ما حققته المملكة من خطوات كبيرة، في سبيل الإصلاح الاقتصادي، وفق الرؤية التي وُضِعَتْ، والقفزات التي حققتها المملكة في عدد من المؤشرات الدولية.
وفي ترجمة بالأرقام لما حققه الاقتصاد السعودي، نجد انه في عام 2016، كانت قيمة الناتج المحلي غير النفطي تقدّر بـ1.8 تريليون ريال، وبدأت المملكة وضع خطط لمضاعفة ذلك بوتيرة سريعة، والنتيجة كانت نموا متسارعا  في السنوات الثلاث الماضية، بنسبة 1.3٪ عا 2017، و2.2٪ عام 2018 و3.3٪ عام 2019 واكثر من 4٪ 2020.

ولا يمكن أن يغفل أحد ما فعله ولي العهد لمكافحة البطالة، إذ أكّد أن زيادة معدلات التوظيف هي على رأس أولويات الحكومة. فقد بدأ العمل وفق رؤية 2030 على إصلاح سوق العمل، وتوفير المزيد من الوظائف للمواطنين والمواطنات. فخلال عام 2018 بلغت نسبة البطالة 13٪ تقريبا، وبسبب رفع كفاءة الأجهزة الحكومية، واستثمارات صندوق الاستثمارات العامة والبرامج والمبادرات الحكومية الأخرى، انخفضت نسبة البطالة بشكل متتالٍ الى 11.8٪ في بداية عام 2020، لتصبح في نهايتها أقل من 8٪.

وهنا لا بد من القول: إن الأمير محمد بن سلمان، وجّه بمكافحة آفة الإرهاب والتطرّف قائلاً: »كانت ظاهرة التطرّف بيننا بشكل بارز وكبير، ووصلنا الى مرحلة نهدف فيها، في أفضل الأحوال، الى التخلص من هذه الآفة». وأضاف: »ان خطاب الكراهية يُعَدّ الدافع الرئيس لتجنيد المتطرفين، وان ذلك يشمل خطاب الكراهية الذي يستخدم حريّة التعبير وحقوق الإنسان كمبرّر».

هذا هو محمد بن سلمان، الذي تشير اليه إدارة بايدن، لكن بايدن وقبل أن يصبح رئيسا، يخطط »لاتهام» محمد بن سلمان، لمآرب في نفسه... وها هو بعد تسلّمه منصب رئيس الولايات المتحدة الأميركية، يريد ان ينفّذ ما يعتمل في نفسه... لكنه لن ينجح، لأن محمد بن سلمان، يشهد له كل السعوديين بأخلاقه ومناقبيته، واعتداله ومحاربته للإرهاب... ان ما بَدَرَ من تقرير إدارة بايدن، لا يقدّم ولا يؤخر، لأن المسؤولين السعوديين حكموا على قتلة خاشقجي وانتهت القضية، ولا يسعنا إلا القول: «تمخّض الجبل فولد فأراً».

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o