Feb 19, 2021 9:49 AM
مقالات

أكثرية اللبنانيين مع البطريرك

كتب نقيب الصحافة عوني الكعكي:

كلمات غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لم تكن اعتباطية او عفوية او من خلال مزاجية خاصة، بل هي نابعة من ألم شديد في أعماقه. فغبطته شخصية نادرة وهب نفسه لخدمة الانسان، وهو دائما يستمع الى معاناة الناس ويعمل على مساعدتهم. فكلماته التي ينطق بها تكون صادقة معبّرة عن آراء الناس الذين يجتمع بهم ويستمع الى ما يقولونه. وهو بالتالي يقوم بنقل معاناتهم الى المسؤولين: رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة والوزراء والنواب، علّه يريح الشاكين، ويحقق لهم ما يحلمون به من عيش كريم واستقرار نفسي واجتماعي.

وبالفعل، فإن غبطته قام أكثر من مرّة بزيارة رئيس الجمهورية، وأطلعه على حاجات الناس وما يتمنونه في هذا الوطن، خصوصاً في ظل هذه الأوضاع الصعبة التي يعيشها اللبنانيون.
كما يريد البطريرك إفهام اللبنانيين، كل اللبنانيين، أننا في هذا الوطن شركاء... نعمل جميعنا لخدمة لبنان ومواطنيه في ظل عدالة ومساواة من دون تغليب رأي على رأي، او فئة على أخرى، وان لكل لبناني الحق في إبداء رأيه بحرية، شرط أن يكون رأيه بعيدا عن التجريح او اثارة الفتنة.

ولأُذَكِّرْ بموضوع السلاح الذي يمْسِكُ ويَتَمَسّكُ به حزب الله. هذا السلاح حصل عليه الحزب نتيجة الاحتلال الاسرائيلي... يومذاك قام اللبنانيون كلُّهم من مختلف الطوائف المسيحية والإسلامية - وعلى اختلاف آرائهم وتعددها بتأييد تحرير لبنان من العدو الاسرائيلي المحتل، ولن ننسى ان قافلة الشهداء بدأت بسناء محيدلي... وهنا نقول إنه لا يجوز لأحد أن يحتكر لنفسه الفضل وحده في تحرير لبنان... فالتحرير للمسيحيين وللمسلمين على حدّ سواء.
على أية حال... وصلنا الى ما وصلنا إليه اليوم، ونحن نعيش في أسوأ الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية... فيجب ان تتوحد جهودنا لننقذ لبنان مما هو فيه حتى نصل الى برِّ الأمان. ولو عدنا الى ما قبل 21 سنة، يوم انسحبت «إسرائيل» من دون قيد ولا شرط، فإننا سجلنا للحزب العظيم، ولكل لبناني هذا الانتصار العظيم.

في العام 2006، يوم بدأت «حرب تموز»، تحت شعار «لا نترك أسرانا»، ويوم خُطِفَ جنديان اسرائيليان، أُذَكّر بما انتهت إليه الحرب، إذ خَلّفت أكثر من خمسة آلاف قتيل وجريح من الجيش اللبناني، ومن المقاومة ومن المدنيين، كما أدّت الى خسائر مالية وصلت الى حدود الـ15 مليار دولار، يومذاك رفع سماحة الأمين العام شعار «لو كنت أعلم».

وبعد ذلك كله، انتهت مرحلة التحرير، وجاءت مرحلة بناء لبنان. وهنا أقول وبكل موضوعية: ان الحزب العظيم لو حاول مساعدة الرئيس الشهيد رفيق الحريري في عملية البناء... وحاول حماية الرئيس الشهيد من «الاغتيال» لكان وضع لبنان في أحسن حالاته.

أيام الرئيس الشهيد رفيق الحريري كانت قيمة الدولار 1515ل.ل. أما اليوم فهي على عتبة العشرة آلاف.

الرئيس الشهيد اعاد لبنان ووضعه على الخارطة العالمية، فأين صار لبنان بعد اغتياله؟.

الوضع الاقتصادي منهار تماماً... والوضع الاجتماعي متفكّك ومنهار هو الآخر... الوضع السياسي في مأزق... وكلٌّ يغني على ليلاه... لقد هاجر خيرة شبابنا... ولبنان نحو الهاوية...

وأسأل السيد حسن: كم من الحروب التي جابهتنا مع العدو الاسرائيلي... والآن وبعد تحرير وطننا ألا يحق لنا أن نرتاح، أم أنه كُتب علينا القتال حتى قيام الساعة؟

المهم أن يبقى لبنان أولاً، فالسلاح لا يجوز ان يظل خارج إرادة الجيش... بل يجب ان يُسَلّم كل سلاح للجيش الذي نثق به جميعنا... فالمفترض أن يكون جيشنا هو المدافع الوحيد والأول عن الوطن، يؤازره شعبه، كلُّ شعبه، من مسيحيين ومسلمين.
هذا ما يجب ان يكون.. وهذا هو المنطق... أما أن نهدّد ونقطة على السطر، او ان يتخذ البعض موقفا لا رجوع عنه، فهذا يعني بالتأكيد، القضاء على أي حوار او نقاش... وبالتالي فإن مثل هذه المواقف، قد تؤدي الى الهاوية، والى ما لا تحمد عقباه.
دعونا نعمل معاً، على تحرير لبنان من كل سلاح متفلّت، ونعيد الى الدولة هيبتها، وهيمنتها على مقدّراتها لانقاذ الوطن والمواطنين.

هكذا ينجو لبنان مما هو فيه، وهكذا يتوحد اللبنانيون في موقف واحد، لا تبعيّة فيه لأحد، ولا هيمنة لأحد على الآخر... كلنا متساوون، وتحت قانون عادل...

إذ ذاك نعيد لبنان الى ما كان عليه «سويسرا الشرق» في العلوم والفنون والسياسة والطب، والسياحة والاقتصاد.

كلام غبطة البطريرك مار بشارة بطرس الراعي، لم يكن مستهجنا، ولا تحديا لأحد... إنه كلام المنطق الواعي الهادئ والهادف والرصين... إنه منطق كل لبناني يريد وطناً حراً مستقلاً. فاللبناني لا يريد أن يصل الى ما وصلت إليه دول اقليمية، من تدهور اقتصادي وانهيار مالي...

المواطن اللبناني، وبكل بساطة، يريد أن يرتاح في وطنه، وَيَطْمَئنّ على مستقبله ومستقبل أولاده.

أفلا يكون هذا من حقه؟ وهل كلام البطريرك الذي يصبّ في هذا الهدف؟ فيه تجَنٍّ على أحد؟

لا أظن ذلك، ولا أخال أحدا مخلصاً يظن ذلك.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o