Jan 28, 2021 7:49 AM
مقالات

إيران "قطٌ" أمام إسرائيل.. "نمِرٌ" أمام العرب

كتب عوني الكعكي:
فعلاً هناك تناقض عجيب غريب في مواقف إيران أمام إسرائيل. إذ كان أوّل عمل قامت به الثورة الإيرانية عام 1978، يوم عاد الخميني الى طهران وسُفّر شاه إيران الى مصر، إقفال السفارة الاسرائيلية في طهران، ورفع العلم الفلسطيني بدل العلم الاسرائيلي وحلّت سفارة فلسطين محل سفارة إسرائيل.
العمل الثاني الذي قامت به الثورة الايرانية إنشاء «فيلق القدس» وعيّنت اللواء قاسم سليماني، وهو من كبار ضباط الحرس الثوري الايراني، قائداً له. هذا الفيلق الذي أُنشئ كما كانت تدّعي إيران بهدف تحرير القدس.
والغريب العجيب أنّ هذا الفيلق الذي سمّي «فيلق القدس» منذ إنشائه لم يقم بعملية عسكرية واحدة ضد إسرائيل بالرغم من وجوده اثناء اندلاع الثورة السورية في الجولان.
وبالرغم من التهديدات التي أطلقها الحرس الثوري و»الحزب العظيم» والنظام السوري، رداً على الأعمال العدوانية التي تقوم بها إسرائيل ضد محور المقاومة والممانعة بدءًا باغتيال عماد مغنية في سوريا، وتحديداً في منطقة المزة، وفي موقع يعتبر استراتيجياً من الناحية العسكرية، إذ يقع في منطقة عسكرية مميّزة، فيها مقرّ المخابرات العامة، والمخابرات الداخلية والعسكرية وغيرها من مقارّ تابعة للمخابرات، وبالرغم من الوعود والتهديدات بالإنتقام، مع الإحتفاظ بحق الرد في المكان والوقت المناسبين، وأنهم لن يتركوا إسرائيل تستدرجهم الى حرب أو معركة تحدّدها هي، لم يحدث شيء حتى الآن.
هذا ما حصل منذ اغتيال مغنية في 12 شباط من العام 2008... وبعدها تم اغتيال مصطفى بدر الدين قرب مطار دمشق. الى اغتيال ابن الحاج عماد مغنية مع خمسة من رفاقه في كانون الثاني عام 2015، ثم اغتيال مجموعة من ضباط الحرس الثوري وعدد من ضباط الجيش الايراني وكان الجواب نفسه... نحن سنحدد الموعد والمكان.
أمّا الطامة الكبرى، فكانت تصريح رئيس أركان الجيش الاسرائيلي افيف كوخافي الذي صرّح بالأمس أنّ الجيش الاسرائيلي يتمتع بحرية عمل واسعة في جميع أنحاء الشرق الأوسط، وهدّد أنّ أي عملية ضد الجيش الاسرائيلي سيكون لها انعكاس كبير، وقد تتسبّب بحرب شبه شاملة، خصوصاً في سوريا، وأنّ «الاسرائيليين» لن يسمحوا بأن تكون منطقة «ابو كمال» وغيرها من المناطق، مراكز عسكرية لإطلاق صواريخ ضد إسرائيل.
وبالمناسبة نستطيع القول إنّ إسرائيل تقوم بعمليات عسكرية ضد الحرس الثوري، وعناصر الجيش الايراني والميليشيات الشيعية المتواجدة في سوريا، منذ الحرب الأهلية السورية التي بدأت في آذار من العام 2011 عند خروج تظاهرات شعبية، وكانت ذروة الهجمات ما قامت به الطائرات الاسرائيلية ضد منطقة ابو كمال إذ شنّت خمسين غارة في يوم واحد، والعجيب الغريب أنّ القوات الروسية كانت تتفرّج. بل ان هناك تنسيقاً بين إسرائيل وروسيا، بشأن الأعمال العسكرية الاسرائيلية هناك.
كل هذا يحدث ومحور المقاومة والممانعة، وبالأخص إيران -التي تعتبر انها تسيطر على أربع عواصم عربية- أصبحت قوة عسكرية رئيسية في المنطقة، وهي تطلب من أميركا معاملتها على هذا الأساس، وأن تتعامل معها معاملة الندّ للندّ.
بمعنى أوضح، فإنّ إيران تتصرّف كالقط أمام الهجمات العسكرية الاسرائيلية في سوريا، بينما تحاول استفزاز أميركا لاستدراجها للرد عليها في الخليج العربي، حيث تقوم القوّات الحوثية، المدعومة إيرانياً بالسلاح والمال، وبعد تحويلها الخليج الى منطقة عسكرية، مهمتها إطلاق الصواريخ والطائرات المسيّرة (من دون طيار) على المملكة العربية السعودية.
لقد قامت إيران بأكثر من اعتداء على دول الخليج العربي، من دون ان يَرِفّ لها جفن، وكأنها تحوّلت الى نمر أمام العرب.
إنّ الأعمال العسكرية الاستفزازية التي قام بها الحرس الثوري الايراني ضد دول الخليج باتت مكشوفة.. فقد أعلن الحوثيون المدعومون من إيران انهم استهدفوا منشآت عسكرية في الرياض، وأطلقوا صاروخاً باليستياً من صنعاء على الرياض. كما أعلنوا استهداف وزارة الدفاع السعودية ومقرّ الاستخبارات العسكرية وقاعدة الملك سلمان الجوية بالرياض ومواقع عسكرية في جازان ونجران جنوبي المملكة.
وفي 25 تموز الفائت هاجم الحرس الثوري الايراني ناقلة نفط في البحر الأحمر غربي مدينة الحديدة، وكانت السفينة ناقلة نفط كبيرة محمّلة بنحو مليوني برميل من النفط الى مصر، ما دفعت بالسعودية الى تعليق حركة ناقلات النفط عبر مضيق باب المندب. كذلك تمّ ضرب ناقلة النفط «أرسان» في مؤخرتها، فشبّ حريق في هيكلها الخارجي، وقيل إنّ صاروخاً إيرانياً من زورق هجومي سريع أصابها... كما استهدف الايرانيون سفينة محمّلة بالمواد الغذائية في أيار من العام 2018، كما سجّل الحوثيون هجوماً سريعاً، على السفينة السعودية المزدوجة الهيكل «البقيق» في 3 نيسان من العام نفسه قبالة ساحل الحديدة.. ولا ننسى أنّ الايرانيين بدأوا منذ العام 2015 وبالتعاون مع الحوثيين بإطلاق حملة ألغام منجرفة في باب المندب.
بمعنى آخر ان الإعتداءات الايرانية من خلال الحوثيين كانت بواسطة زوارق مفخخة في الخليج العربي. هذه الزوارق أبحرت الى جنوب البحر الاحمر، وأكملت استفزازاتها هناك... إضافة الى صواريخ موجهة الى الرياض حيث أصبحت الحديدة منطقة أساسية لإطلاق الصواريخ على المملكة العربية السعودية، بالإضافة الى الطائرات المسيّرة من اختراع الحوثيين.
وإن كنا نسينا فلن ننسى كيف قتل اللواء قاسم سليماني في «قمّة» الإعتداءات الاسرائيلية والاميركية ومعه «أبو مهدي المهندس» نائب رئيس الحشد الشعبي العراقي عبر فتاة أميركية في العشرين من عمرها، مجنّدة في ميامي، كانت تلهو بـ»الكومبيوتر»، فجاءتها الأوامر لتكبس «زرّاً» أطلقت من خلالها صواريخها على الموكب، فقتل اللواء قاسم والمهندس ومن معهما.
ومن منا لا يتذكر ما وقع في 14 أيلول عام 2019، عندما شنّت إيران عدوانها الجبان على منشأتي «بقيق وهجرة حريص» النفطيتين في معامل «أرامكو» بالسعودية.
إنّ الاستفزاز الايراني للدول العربية لن يتوقّف، ما يدلّ على صدق ما قلناه بأنّ إيران هي [«قط» أمام إسرائيل لكنها «نمر» أمام العرب].

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o