Dec 13, 2020 6:59 AM
مقالات

القضاء منبر للزجل الطائفي وماكرون لن يلتقي منظومة الفساد

كتب منير الربيع في المدن:

توقظ المنظومة الحاكمة شياطين الطائفية والمذهبية في لبنان. إنها حاجة القوى السياسية المترهلة لتجديد شبابها واستعادة صباها. وهي ملجؤها في زمن إفلاسها السياسي وإفلاس البلاد المالي والاقتصادي وعزلتها الدولية والعربية.

احتضان دياب نكاية بعون
ويتجدد العقم اللبناني في معادلة 6 و6 مكرر السحرية التي يلجأ إليها المحرجون المفلسون، لإشاحة النظر عن الانهيار الزاحف بسبب ممارساتهم. والشياطين التي يوقظونها يمكنها تخريب كل شيء أكثر من ما هو خراب، وإضاعة الحقوق وهدرها أكثر من ما هي مهدورة.

وسريعاً اتخذت صورة التحقيقات في تفجير مرفأ بيروت طابع الانقسام السياسي، الطائفي والمذهبي، للإيحاء بشرخ متجدد بين المسلمين والمسيحيين.

والمسترسلون في هذه الممارسات لا يهمهم الغرق في مزيد من الدمار، وزوال المؤسسات وتفككها، فيما تتناثر منشآت البلاد ومؤسساتها الحيوية أشلاء: المرفأ، القطاع المصرفي، المصرف المركزي، الجيش اللبناني، والجسم القضائي...

وسارع رؤساء الحكومة السابقون والمجلس الأعلى الشرعي الإسلامي إلى التضامن مع رئيس الحكومة حسان دياب، من موقع طائفي. ولو خطط حزب الله وميشال عون لإعادة تفعيل عمل حكومة تصريف الأعمال وتعويم دياب سنياً، لما نجحا في حشد الاحتضان السنّي الذي حظي به.

وتأتي هذه الممارسات بفعل تراكمات سنية، وفق اعتبارات أبناء هذه الطائفة. فتيار المستقبل أكثر من يشعر بالاستهداف العوني، بعدما أُرغم على ايصال عون إلى الرئاسة، وعقد تسوية مع صهره جبران باسيل. وانفكت تلك التسوية على أحقاد دفينة ومتجددة بين الطرفين: بدءًا من الكلام عن إثارة ملفات، وفتح دفاتر، ونبش أوراق الفساد والصفقات، ووصولاً إلى الحملة على مدير عام قوى الأمن الداخلي عماد عثمان، وما بينهما من صراع على الصلاحيات ومساع لتطويق "الموقع السنّي".
زجل الملفات 
تلقف الحريري الكرة، وانتهز فرصة الهجوم على دياب، ووظفها شعبياً وطائفياً، ولكن بأبعاد سياسية، وفق معارضيه. وهو لجأ إلى خطوته هذه لدفع ما يمكن أن يفتح من ملفات تطاله، ولإعلان استعداده للهجوم على العهد مستقبلاً، على قاعدة مقارعة الملف بملف مضاد.

إنه زجل ملفات يتخذ شكل حرب استباقية يريد الجميع خوضها للتستر على أفعالهم. ويعتبر السنّة أن رئيس الجمهورية تخطى الخط الأحمر مرتين: بتسليمه رئيس الحكومة المكلف مقترحاً حكومياً للتشكيلة الوزارية وتوزيعها على الطوائف. واتهامه رئيس حكومة آخر بتفجير المرفأ. وهذا يؤسس للمزيد من الانقسام والتوتر.

ولم يستفد حزب الله من وقوفه جانباً في حفلة الزجل هذه. لذا أقدم على دعم حلفائه المستهدفين بالادعاء القضائي على رئيس الحكومة المكلف، ووزيرين شيعيين تابعين لحركة أمل، والوزير السابق يوسف فنيانوس. واصدر حزب الله بيانه التضامني.

وفي المقابل هناك جو مسيحي عارم يتعاظم منذ مدة ضد المطالبة باستقالة رئيس الجمهورية، ورسم خط أحمر حوله. وهذا بعدما غلبت إصابة أحياء مسيحية بانفجار المرفأ، وكان المهجرون والمتضررون مسيحيين في معظمهم. وتلك نار يجد كثر فرصة للنفخ فيها.
حزب الله بين عون والحريري
لكن حزب الله لا يمكنه في هذه المرحلة، وتحديداً بعد حكم المحكمة الدولية الخاصة بلبنان، أن يكون على خصومة مفتوحة مع السنة، ومع الحريري تحديداً. فهو مضطر لمراعاته والحرص عليه، لئلا تشهد الساحة اللبنانية توتراً مذهبياً، حزب الله في غنى عنه الآن.

وفي المقابل لا يترك حزب الله فرصة لا يظهر فيها تضامنه وتعاونه الكامل مع رئيس الجمهورية ورئيس التيار العوني، وخصوصاً في ملف تشكيل الحكومة والحرص على تلبية مطالب عون وعدم كسره.
ماكرون للتبرؤ من المنظومة 
ما يجري يؤدي إلى مزيد من المراوحة ومن حالة اللا إستقرار والانهيار. وفي هذا المشهد لن تسهم زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون يومي 22 و23 من الشهر الحالي، من إحداث أي تغيير، أو لجم أي مسار انحداري بسبب النهج المتبع من القوى السياسية اللبنانية. وسيكون لماكرون مواقف صارمة جداً، يحمّل فيها المسؤولين مسؤولية ما يجري.

وحسب المعطيات فإن التقارير التي ترسل من بيروت إلى باريس تلقي المسؤولية الكاملة على الطبقة السياسية. وهذا سيدفع ماكرون إلى مواقف واضحة، وخلاصة واحدة من لبنان: لن يلتقي شخصيات سياسية، بل قوة بلاده العاملة في قوات اليونيفيل. وسيعلن أن لا أحد سيساعد لبنان إذا لم يساعد اللبنانيون أنفسهم. الانهيار إذاً سيكون شاملاً، وبعده يبدأ الحديث والاهتمام الدولي.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o