Dec 05, 2020 3:58 PM
تحليل سياسي

في الجمهورية "الغريقة".. اجتماع "أهل الحكم" بات حدثا بحد ذاته!
الحريري في بعبدا "مبدئيا" خلال 48 ساعة لكن المواقف توحي بزيارة "بلا أفق"
عشية رفع الدعم.. الراعي: الآتي أصعب.. وواشنطن: حملتنا ضد حزب الله نجحت

المركزية- في بلد منهار غارق بـ"شبر" أمطار، وفي جمهورية تعصف بها إحدى اكبر الازمات الاقتصادية – المالية التي عرفها العالم في التاريخ الحديث، بات مجرّد التواصل بين المسؤولين الممسكين بمقاليد الحكم، حدثا بحد ذاته! نعم، العيون ترصد اليوم زيارة يفترض ان يقوم بها الرئيس المكلف سعد الحريري الى قصر بعبدا، للقاء رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، بعد نحو 20 يوما على آخر اجتماع ضمّهما. والانكى، ان اللقاء المفترض، لن يخرج منه الدخان الحكومي الابيض الذي يعلن انطلاق مرحلة انتشال لبنان من جحيم ازماته – اللّهم اذا كانت التركيبة الحكومية تلاقي طموحات الناس والمجتمع الدولي، لا مفصّلةَ على قياس اهل الحكم واحزابه – بل جُلّ ما قد يفضي اليه هو كسر الجليد الذي تراكم على طريق بعبدا – بيت الوسط، وربّما يعيد بعض النبض الى مفاوضات التأليف المعلّقة منذ اسابيع، والتي من غير المضمون ايضا ان تمضي قدما، وان تنتهي بولادة الحكومة العتيدة، طالما ان كلّ فريق لا يزال متمسكا بتصوّره الخاص لكيفية التشكيل واختيار الوزراء وتسميتهم وتوزيع الحصص والحقائب، وطالما لا زال التوتر يحكم العلاقة بين طرفي التأليف، وهو ما أكدته مجددا اليوم، المواقفُ الصادرة عنهما.. اما الاوضاع المحلية الضاغطة التي لامست الخطوط الحمر، لا بل تجاوزتها، سيما مع اقتراب احتياطي "المركزي" من النضوب، خلال اسابيع لا أكثر، مع ما يعنيه ذلك من انتفاء قدرته على دعم السلع الاساسية الحيوية، من الدواء الى الطحين والمحروقات، والتي ستتضاعف اسعارها... هذه الاوضاع الخطيرة، تماما كما تحذيراتُ العواصم الكبرى المتعاظمة من المصير الأسوأ الذي يتربّص باللبنانيين، ودعواتُها الى الاسراع في التأليف والاصلاح، فلا يبدو ستبدّل في نتائج "الاجتماع – الحدث" ولا في السلوك السياسي الذي تعتمده المنظومة الحاكمة، فلن تقلع عن المحاصصة والاشتباك لتسهيل التشكيل، منتظرة التطورات الخارجية. وأولويّةُ أركانها: حمايةُ رؤوسهم ومصالحهم!

زيارة مرتقبة؟ فيما لا حركة ظاهرة على الضفة الحكومية، ووسط صمت يطبق على بيت الوسط، أعلن عضو تكتل لبنان القوي النائب ألان عون ان "من المتوقع أن يزور الرئيس الحريري، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في الساعات الـ48 المقبلة"، مضيفا "سيطرح تصورا لعون عن شكل الحكومة على أن يتم استكمال التشاور في الأسماء بين الرئيسين في ما بعدها". واضاف في حديث تلفزيوني "ارادة المكونات الاساسية في تشكيل الحكومة لا يمكن تغييبها ورئيس الحمهورية هو شريك أساسي في تسمية الوزراء". وتابع: لا محاصصة حقائب في الحكومة المقبلة لكنها يجب أن تشكل ضمن عملية تشاركية. واشار الى ان "على الحكومة المقبلة أن تأتي بذهنية وأداء مختلفين عن السابق لإنقاذ اللبنانيين". وعن العلاقة بين التيار الوطني الحر وكتلة المستقبل، اوضح عون ان العلاقة عادية ولا يوجد اي توتر لكن يوجد جفاء، متوقعا ان تعود العلاقة كما كانت.

حملة على الحريري: في الموازاة، لفت عضو كتلة المستقبل النائب محمد الحجار في حديث اذاعي الى ان "من الممكن أن يتوجه الحريري الى قصر بعبدا لتقديم المسودة في أية لحظة". وإذ أمل أن "تقدر كل الأطراف السياسية صعوبة الوضع الذي يمر به البلد"، أكد أن "المعيار الأساسي الذي يعمل عليه الحريري لتشكيل الحكومة هو المبادرة الفرنسية، آخذا في الاعتبار التوزيع الطائفي في لبنان". ولفت الى أن "الحريري وعد بمصارحة اللبنانيين في أية لحظة، وبالتالي فهذا الامر سيحصل إلا أننا نتمنى أن يكون في الاتجاه الإيجابي عبر الإعلان عن التشكيلة الحكومية". غير ان الحجار اكد ان هناك "حملة لتحميل الرئيس المكلف مسؤولية التأخير في إصدار مراسيم تشكيل الحكومة وهذا الامر غير صحيح".

التيار للرئيس المكلف: وبالفعل، كان المجلس السياسي في التيار الوطني الحر اعتبر اثر اجتماعه الدوري الكترونيا "أن المماطلة في تشكيل الحكومة تحمِّل المسؤول عنها الرئيس المكلف مسؤولية أخلاقية ووطنية فمن غير المقبول ربط التشكيل بتبدّل الظروف وبالضغوطات الحاصلة. وإذا كان ما يزيد من التأخير هو الوقوع في فخ الوعود المتناقضه فإن الالتزام بوحدة المعايير والمبادئ كما يطالب التيار هو حبل نجاة للرئيس المكلف، اذ يحفظ التوازنات ويحترم الأصول ويحقق الهدف الوطني بقيام حكومة اختصاصين  ‏تنفذ الإصلاحات المطلوبة ويتمتع وزراؤها بالكفاءة والفعّالية والقدرة على الإنتاج". وشدد المجلس على ضرورة التزام الدستور في عملية التشكيل باحترام موقع رئاسة الجمهورية وصلاحياتها من دون أي انتقاص أو تجاوز.

بومبيو: على الخط الاميركي – اللبناني الذي بات يسجّل تطورات "يومية"، أعلن وزير الخارجية الأميركي مايكل بومبيو أن بلاده تشيد بتصنيف سلوفينيا لحزب الله بكامله كمنظمة إرهابية رافضة بذلك التمييز بين الجناحين السياسي والعسكري لحزب الله. واضاف "منذ اليوم الأول انخرطت إدارة ترامب في مشاركة دبلوماسية متواصلة لإقناع المجتمع الدولي بإلقاء نظرة واضحة على النشاط الخبيث لحزب الله واتخاذ إجراءات لمنع حزب الله المدعوم من إيران من العمل في أراضيهم. لقد وضعنا تركيزًا خاصًا على أوروبا، وحققت الحملة الدبلوماسية بقيادة وزارة الخارجية نتائج".

الآتي أصعب: وفيما معطيات الخارج والداخل، لا توحي بفرج قريب محليا، جدّد البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي، التنبيه من الأخطر الآتي. فقد قال اليوم في سيامة الخوراسقف شربل عبدالله مطرانا جديدا لابرشية صور "أمام هذا الواقع الأليم والمتردي يوما بعد يوم بسبب فقدان الوعي والضمير لدى المسؤولين السياسيين، أنت مدعو لتضع إمكانات الأبرشية، إلى جانب البطريركية والأبرشيات الأخرى والرهبانيات والمنظمات الإنسانية والخيرية، في مسيرة تنسيق خدمة المحبة الإجتماعية المعروفة بالكرمة، بحيث تشمل كل الأراضي اللبنانية، وشعارها: أن لا تموت عائلة من الجوع، أو تشعر بأنها متروكة. إن الأيام الآتية ستكون أصعب مما هي اليوم بسبب الممارسة السياسية المدانة. غير أن رجاءنا بالله وعنايته يبقى أقوى".

الدواء كالرغيف: من جانبه، وعن ترشيد الدعم الدوائي، قال وزير الصحة في حكومة تصريف الاعمال حمد حسن "نحن كوزارة صحة نؤكد ونشدد على ان الدواء كالرغيف لا يمكن فصلهم ويجب ان يبقى الدعم قائما ونطالب ما امكن بتحييد القطاع الصحي خصوصا القطاع الدوائي عن رفع الدعم، ولكن اذا كان لا بد فنحن لدينا خطة رشيدة للمواطنين بالكلام الذي سمعوه عن ترشيد الدعم بالايام المنصرمة من ثم بدأ مسلسل الهلع، الكلمة التي صرنا نخشاها في موضوع الدواء واتجاه الناس بتخزين الدواء والتهافت على الدواء وخلق ازمة مجددا، صحيح كان هناك ازمة عالجناها بحزم وحكمة واجراء ميداني وبتتبع". وأضاف، "في 12 كانون اول الحالي سنطلق عملية تتبع للادوية من المصدر الى المريض لانه في المرحلة المقبلة حتى بترشيد دعم الدواء يجب وجود آلية مراقبة لكل من يحاول الاستثمار في المكان الخطأ، ابتداء من المستورد حتى الصيدلي حتى يصل الدواء لكل مواطن بحاجة إليه".

اللبنانيون يغرقون: على اي حال، جزءٌ كبير مما سيعيشه اللبنانيون في الايام المقبلة، معيشيا، ستتحدد معالمه خلال الاجتماع الذي سيعقد الإثنين المقبل في السراي ويضمّ إلى الرئيس حسان دياب المجلس المركزي لمصرف لبنان، للبحث في موضوع الدعم وإيجاد مقترحات عملية. لكن في انتظار ما سيحمله اليهم الاجتماع المرتقب، والذي بطبيعة الحال لن يكون حاسما في ظل تقاذف كرة النار هذه، بين حكومة تصريف الاعمال، والقوى السياسية، والمركزي، غرق اللبنانيون اليوم مجددا في المستنقعات وبرك المياه التي طافت بها الطرق ولا سيما في منطقة ساحل المتن وطرابلس جراء كمية الامطار والبرد الكبيرة التي انهمرت قبل الظهر، وذلك غداة اجتماع المجلس الاعلى للدفاع الذي اوعز بتنظيف وفتح الاقنية ومجاري المياه على الطرق.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o