Dec 05, 2020 6:24 AM
صحف

آخر الدعم "الكي"... "رايحين على فوضى"!

"أنا حزين على الناس كيف بدها بكرا تشتري الدوا"... بخاطر مكسور وصوت متهدّج يعبّر رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي عن خيبة أمله من نتيجة اجتماعه أمس مع ممثلي البنك الدولي، مؤكداً لـ"نداء الوطن" أنه وصل إلى "قناعة" بعد الاجتماع بأنّ "المجتمع الدولي لن يساعدنا بقرش واحد لا في الدواء ولا في غيره إذا لم تتشكل الحكومة ولم تنجز الإصلاحات المطلوبة".

وبينما أبواب قصر بعبدا لا تزال موصدة في وجه تأليف حكومة المهمة الإصلاحية، ولا يبدو في أفق السلطة أي معالم رأفة بحال العباد والبلاد، تشي كل مؤشرات انعدام الحس بالمسؤولية أنّ المنظومة الحاكمة تقود اللبنانيين مخفورين لملاقاة مصير مأسوي محتوم لم يعد يفصلهم عنه أكثر من شهر بحسب المعطيات المتصلة بالفترة الزمنية الفاصلة عن تجفيف منابع الدعم من دون إيجاد بدائل واعتماد خطوات إصلاحية تتيح تأمين جرعات دعم خارجية للخزينة.

فبحلول نهاية العام أو مطلع العام الجديد على أبعد تقدير، سيلفظ الدعم أنفاسه الأخيرة وسيُفتقد الدواء المدعوم من الصيدليات ليسود حينها "الكيّ" بفاتورة الأدوية المدولرة التي سيدفع ثمنها المواطن من صحته وربما حياته.

واقع مشؤوم لا يُخفي عراجي، حتمية بلوغه خلال فترة قصيرة في حال لم يتم اعتماد إجراءات سريعة لإبقاء الدعم ولو بشكل بسيط ومحدد أقله على أدوية الأمراض المزمنة الضرورية وإلا "رايحين على فوضى اجتماعية كبيرة، لأنّ الأسعار سترتفع 5 أضعاف والمؤسسات الضامنة ستنهار".

وإذ يؤكد مصدر وزاري انعقاد اللجنة الوزارية الثلاثاء المقبل في السراي الحكومي لاتخاذ قرار بشأن ملف الدواء، يقول عراجي: "انتظرنا طويلاً جداً اللجنة الوزارية ولكنها لم تخرج بأي قرار، فقررت كرئيس لجنة صحة برلمانية أن أتحرك وتحركت، فعقدنا اجتماعاً مع ممثلين عن البنك الدولي في بيروت على رأسهم مدير دائرة المشرق ساروج كومار جا وأجرينا مباحثات عبر "الفيديو كونفرنس" مع ممثلي البنك الدولي في الخارج لبحث إمكانية دعم الدواء في لبنان وفصل ملفه عن باقي الملفات المرتبطة بالإصلاحات، لكنّ البنك الدولي رفض ولم يقبل بأي استثناء، وكان جوابه واضحاً بعدم تقديم أي مساعدة للبنان من دون حكومة وإصلاحات فورية"، لافتاً إلى أنه "حتى في مسألة المطالبة بدفع المبلغ المخصص للبنان والبالغ 246 مليون دولار لمساعدة العائلات الفقيرة المقدرة بنحو 120 ألف عائلة، شدد البنك الدولي على أنها تحتاج إلى قرار من مجلس الوزراء وبالتالي لن يكون ذلك متاحاً قبل تشكيل الحكومة الجديدة".

وختم متأسفاً: "الحقيقة أن وضعنا صار محزناً جداً وإن لم نصل إلى حل خلال شهر فإننا متجهون بلا شك نحو مشكلة كبيرة".

سياسة المحرقة: من جهة أخرى، أشارت "الانباء الالكترونية" الى ان هاجس رفع الدعم يتقدّم على كل الملفات الأخرى لما له من تداعيات كارثية على اللبنانيين". وفي السياق، قالت مصادر حكومية إن الجهات المعنية بأخذ القرار في هذا الشأن لم تحسم أمرها بعد بخصوص رفع الدعم او ترشيده، لافتة الى وجهات نظر مختلفة اذ لم يستقر الرأي على شيء محدد بانتظار بلورة هذه الأفكار لوضعها قيد التنفيذ. وهو الأمر المستغرب إذ لا مبرر للتأخير إطلاقا طالما الاقتراحات معروفة ومتوفرة، والوقت بات داهماً. لكن المصادر بررت بأن "لا اتفاق حتى الساعة حول البطاقة التموينية، لأن لا سياسة محددة في هذا الشأن، وكل ما يُطرح من حلول تبقى مجرد وجهات نظر".

الخبير الاقتصادي الدكتور ايلي يشوعي أشار في حديث لجريدة "الأنباء" الالكترونية الى ان "سياسة الدعم بحد ذاتها كانت خاطئة، فقد ذهب اكثر من 50 في المئة منها لغير اللبنانيين وإلى خارج الحدود وإلى التجار والمحتكرين والمهربين، علماً ان هذه الأموال هي ملك الناس"، مطالباً برفع الدعم ورد جزء أساسي من أموال الناس المقدرة بقيمة 17 مليار دولار.  وعارض يشوعي ما يطرح عن محاولة لاقتراض 150 مليون دولار لتمويل شبكات أمان اجتماعي، واصفا هذه السياسة "بالمحرقة التي أغرقت البلد بالديون"، داعيا الى عدم التفكير بالاستدانة مطلقًا لإنها لا تساعد على نهوض الاقتصاد اللبناني، وفي حال اعتمدت هذه السياسة يجب ان تترافق مع قانون يمنع تحويل الدولارات الى الخارج". 

Digital Wallet لتوفير الدعم المباشر للمواطن: في المقابل، برز أمس الإعلان عن تحضير تكتل "الجمهورية القوية" اقتراح قانون معجل مكرر للحفاظ على الاحتياط الإلزامي، مقروناً بالطلب من حكومة تصريف الأعمال استصدار بطاقات تموينية للعائلات الأكثر فقراً بدل الاستمرار في هدر مئات ملايين الدولارات دعماً لمواد يتم تهريبها إلى سوريا ويستفيد منها كبار التجار والمستوردين.

وعن آلية التنفيذ المقترحة، يكشف نائب رئيس الحكومة السابق غسان حاصباني لـ"نداء الوطن" عن بديل أطلق عليه تسمية "Digital Wallet" لتوفير الدعم المباشر للمواطن بتمويلٍ غالبيته من الخارج، موضحاً أنّ المساعدات المطلوبة في هذا المجال تُقدّر بملياري دولار والأموال يمكن أن توزع من خلال محفظة الدعم الرقمية "بشكل عادل على نحو 500 ألف عائلة وقد يصل الرقم الى 800 ألف في المدى المتوسط".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o