Dec 02, 2020 1:52 PM
اقتصاد

"مؤشر تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثالث من 2020:
استمرار التدهور المالي والاقتصادي والمعيشي

المركزية- أظهر "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثالث من سنة 2020 (Q3 - 2020) مزيداً من الانخفاض في الحركة الاستهلاكية، وتواصل التدهور المالي والاقتصادي والمعيشي، لافتاً إلى أن  الفصل الثالث لهذا العام "كان كارثياً في لبنان على كل الأصعدة".

ومما جاء في نَص المؤشر: "الفصل الثالث لسنة 2020 كان كارثياً في لبنان على كل الأصعدة: توقّف المفاوضات الإنقاذية مع صندوق النقد الدولي وشبه لا تصريف لأي أعمال من قـِـبل الحكومة المستقيلة، سوى الجهود المبذولة على صعيد وزارة الصحة لمواكبة انتشار فيروس “كورونا” والحدّ من انتشاره في البلاد، الأمر الذي أدّى الى إقفالات مناطقية متتالية. وما رافق هذه الحقبة من تخبـّـط في الأوساط المالية من جرّاء تعدّد قرارات مصرف لبنان والقيود المصرفية، وتسارع في هبوط قيمة الليرة اللبنانية، ومزيد من التقنين في المصروف والاستهلاك من قـِـبل الأسَر اللبنانية المقيمة، حتى في السلع والمواد المعيشية، بما في ذلك السلع المدعومة منها من وقود أو أدوية أو مشمولة في السلة الغذائية، والتى تفاقم تهريب جزء كبير منها الى الأسواق المجاورة على حساب ما تبقـّـى من احتياطات بالنقد الأجنبي في المصرف المركزي ...

الى أن حلـّـت الكارثة مع انفجار مرفأ بيروت، وتداعياتها المأساوية على الصعيد الاجتماعي كما على الصعيد الاقتصادي من جهة، إنما أيضاً لجهة المعونات والمساعدات، بعدما بلغت الخسائر مئات الأرواح وآلاف الجرحى، والمنازل المتضرّرة والمحال والمؤسسات المدمـّـرة والمنكوبة لا تـُـحصى. أما المساعدات الدولية، وعلى رغم كثرتها، فلم تبلغ سوى مستوىً ضئيلاً جداً من الاحتياجات.

أما برامج الإنقاذ الاقتصادي الدولية، ولانعدام وجود الى يومنا هذا أي خطة أو برنامج وطني، فهي لا تزال في طور التقييم والإعداد ولم نلمس منها لتاريخه أي تطبيق؛ في حين أن شركات التأمين تمتنع عن صرف أي تعويضات الى حين تحديد طبيعة الانفجار .. ويُحرم المستفيدون من المبالغ الدولارية "الطازجة" التى كانت – لو صـُـرفت، قد ساهمت في استعادة جزء من النشاط الاقتصادي، ولا سيما التجاري، بشكل أسرع.

وظلـّـت جمعية تجار بيروت كالعادة في حالة تأهـّـب مستمرّ للسهر على مصالح التجار وأرزاقهم، ودعت الى اجتماعات متكرّرة ضمـّـت كافة الأفرقاء التجاريين من جمعيات ومجمـّـعات ولجان أسواق ونقابات من كل المناطق اللبنانية ولا سيما لجان أسواق بيروت للتشاور في الأوضاع وسبل التصدّي للمفاعيل الدراماتيكية على الوضع التجاري وعلى المؤسسات وموظفيهم، وكان التواصل إيجابياً بين رئيس الجمعية ووزير الداخلية لجهة تخفيف قيود الإقفال على المحال بعدما عمـّـمت الجمعية على كل المعنيين تعليمات لجنة Covid-19 للوقاية والسلامة وسهرت مع زميلاتها في كل المناطق على تطبيقها الى أقصى الحدود.  

وفي تلك الأجواء، استمرّت موجة إقفال المؤسسات والمحلات وصرف الموظفين، وظلـّـت مداخيل الأسَر تتهاوى، فتقنين في المصروف في ظلّ استمرار الصعوبة في التموين من قـِـبَل المؤسسات المستوردة، وتتابع القرارات الرسمية للتوصـّـل الى التخفيف من عبء الصعاب إنما من دون تأثير فعلي على الأرض.

عليه، اقتصر شبه إجمالي الاستهلاك على المواد الغذائية والمواد المعيشية الأساسية وأدوات التطهير، بحدّها الأدنى، حيث كانت سائر المتاجر والمحلات مغلقة الى حين استجاب رئيس الحكومة لمطالب جمعية تجار بيروت التى أوصلت صوت كل المجتمع التجاري اللبناني ومطالبته بإعادة فتح أبواب رزقهم – ولو كان هذا الرزق ضئيلاً بسبب وطأة الأزمة الاقتصادية الخانقة.

أما على أرض الواقع، فقد سجـّـل مؤشر غلاء المعيشةCPI) ) الرسمي الصادر عن إدارة الإحصاء المركزي ارتفاعاً قياسياً بلغت نسبته 131.05% ما بين الفصل الثالث لسنة 2019 والفصل الثالث لسنة 2020، وهو مرّة أخرى ارتفاع غير مسبوق.

وأظهرت النتائج المجمـّـعة لأرقام أعمال قطاعات تجارة التجزئة تدهوراً حادّاً جداً في رقم الأعمال الحقيقي في الفصل الثالث لسنة 2020 بالمقارنة مع النتائج المجمـّـعة للفصل الثالث للسنة السابقة (أي بعد التثقيل بنسبة مؤشر غلاء المعيشة لهذه الفترة) حيث بلغت نسبة هذا الانخفاض – 87.50 % مقابل – 93.30 % للفصل السابق له (مجدّداً بسبب الإرتفاع الحاد جداً في مؤشر الغلاء بنسبة 131.05 %)، وذلك حتى بعد استثناء قطاع المحروقات (الذى شهد انخفاضاً من حيث الكميات يناهز – 26.98 % بالمقارنة مع مستويات الفصل الثالث لسنة 2019).

إذاً تدهور مستمرّ – بل متزايد، من جرّاء الانفجار أولاً، إنما أيضاً من جرّاء غلاء معيشي متزايد وخارج عن السيطرة، وإاخفاض حاد في قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار، وقوّة شرائية متهاوية، فتدهور مأساوي في أرقام أعمال التجار، حتى في قطاع المواد الغذائية، نتيجة لما آلت إليه الأسَر من مزيد من التقنين والترشيد في المصروف.

عليه، ونظراً الى أرقام الفصل الثالث من هذه السنة بالتفصيل، يتبيـّـن أن أرقام أعمال تجارة التجزئة خلال هذا الفصل شهدت انهياراً تاماً في كل القطاعات من دون استثناء.

من جهة أخرى، ارتفع أيضاً مؤشر غلاء المعيشة ما بين الفصلين الثاني والثالث لسنة 2020 بشكل ملحوظ مسجّلاً زيادة بنسبة + 21.60% (مع أنها زيادة أدنى من التي شهدناها في الفصل السابق)، وأشارت أرقام أعمال معظم القطاعات للفصل الثالث من 2020 الى تدهور أرقام الأعمال وذلك بالطبع نتيجة لكل العوامل التي تمّ ذكرها، عاكسةً استمرار الانخفاض الحاد في الحركة الاستهلاكية الى حدّ شبه الشلل في الأسواق، في حين أن قطاعات مثال قطاع السيارات المستعملة والوقود، الى جانب الأجهزة الطبية وأيضاً الكتب والصحف، لحظت زيادة في مبيعاتها الحقيقية.

وعليه، جاءت النتائج المجمـّـعة لكافة قطاعات تجارة التجزئة (بما فيها قطاع المواد الغذائية) لتسجـّـل – مقارنة بمبيعات الفصل الثاني لسنة 2020 (التي كانت هي الأخرى متدنية جداً أصلاً)، مزيداً من التراجع في أرقام الأعمال الحقيقية المجمـّـعة، بلغ نسبة – 25.07% بعد استثناء قطاع المحروقات (الذي شهد هو الأخير زيادة حادة في الكميات المباعة بلغت + 49.63 % لهذه الفترة.. الأمر الذي طرح العديد من التساؤلات وعلامات الاستفهام).

في ضوء ما سبق، وبعد الإشارة الى أن المؤشر الأساس (100) الذي قد تم تبنـّـيه هو للفصل الرابع لسنة 2011، وأن تضخم الأسعار خلال الفصل الثالث من سنة 2020، وفقاً لإدارة الإحصاء المركزي، بلغ + 21.60%، نعلن أن "مؤشر جمعية تجار بيروت- فرنسَبنك لتجارة التجزئة" هو: 5.52 للفصل الثالث من هذه السنة، مقابل 6.43 في الفصل الثاني من سنة 2020.

إن "مؤشر جمعية تجار بيروت – فرنسَبنك لتجارة التجزئة" للفصل الثالث من سنة 2020 جاء للأسف، ليعكس مزيداً من الانخفاض في الحركة الاستهلاكية في البلاد، من جرّاء ما لحق بمعظم المحال والمؤسسات التجارية في بيروت بعد الانفجار، ومع تفاقم مفاعيل “كورونا”، ومع التدهور المالي والنقدي والمعيشي المستمر، في ظل حكومة تصريف أعمال معدومة الفعالية وتخبّط على الجبهة السياسية وعدم القدرة على التجاوب مع المطالبات الدولية الشرعية للتمكين من مدّ يد العون الى الشعب اللبناني".

* * *

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o