Nov 24, 2020 6:06 AM
مقالات

هل طلب نصرالله من عون مهاجمة التطبيع؟

كتب احمد عياش في "النهار":

خطاب رئيس الجمهورية ميشال عون عشية عيد الاستقلال، تميّز بالتركيز على موضوع الفساد الذي إحتل القسم الاكبر من الخطاب.لكن فقرة واحدة في هذا النص، عسكت تحولا جذريا في موقف الرئيس عون من إتفاقية السلام بين إسرائيل ودولة الامارات العربية المتحدة، أي  بما كان عليه في منتصف آب الماضي وما صار اليه  في الخطاب الاخير.فما هي الدوافع التي أملت هذا التحوّل؟

في مقاربة هذا السؤال، قالت اوساط في المعارضة الشيعية لـ"النهار" ان التصعيد المتعدد الاوجه الذي تشهده مناطق النفوذ الايراني من اليمن الى العراق مرورا بسوريا وصولا الى لبنان، ترك بصماته على عدد من الاصعدة في لبنان ما أدى بالرئيس عون الى تبديل موقف ادلى به في 16 آب الماضي  محطة BFMTV الفرنسية من الاتفاقية المشار اليها. وقبل خطاب الاستقلال، طرأ تحول في الموقف اللبناني في مفاوضات ترسيم الحدود البحرية في آخر جلستيّن في نهاية الشهر الماضي الامر الذي حرّك إتصالات عاجلة قامت بها الامم المتحدة لإستطلاع سبب هذا التحوّل، والذي قلب التوقعات المتفائلة التي رافقت إنطلاق المفاوضات قبل أسابيع رأسا على عقب.

ولاحظت هذه الاوساط ان الرئيس عون الذي رد هذا التحول الى تمسك لبنان "بحدوده السيادية كاملة"، صاغ  الامر الامين العام لـ"حزب الله" السيد حسن نصرالله في الحادي عشر من الجاري في كلمته لمناسبة "ذكرى يوم الشهيد" بقوله "نحن لسنا بوارد ان نكون جزءاً أو مؤيدين أو ممهدين أو مساعدين، لا لمفاوضات سلام مع هذا العدو، ولا لتطبيع مع هذا العدو، ولا أي شيء من هذا القبيل".

ورأت الاوساط نفسها، ان هناك غرفة تنسيق مشتركة تعمل على مدار الساعة في حارة حريك وقصر بعبدا تتولى إدارة الملفات الرئيسية ومن بينها ملف المفاوضات في الناقورة، والتي صاغت الموقف المشترك من التطبيع محليا وإقليميا.
من المهم، إستعادة ما قاله الرئيس عون في منتصف آب وما قاله في 21 الجاري. فقد سألت المحطة الفرنسية قبل أكثر من ثلاثة أشهر رئيس الجمهورية: هذا الاسبوع حصل حدث تاريخي حيث قامت الامارات العربية المتحدة بتوقيع السلام مع إسرائيل. كيف تعلقون على هذا الاتفاق؟ وهل لبنان على استعداد للتوقيع على السلام مع اسرائيل؟ فأجاب: "نحن لدينا مشاكل مع إسرائيل يتوجب حلها". ثم سألته: ولكن هذا الاتفاق الذي قامت به الامارات ماذا يعني لكم وللبنان؟ كيف تفسرونه وكيف ترونه؟
  فأجاب: "الامارات بلد مستقل وله الحق بالقيام بما يريده". كما سألته: ما هي المشاكل مع اسرائيل التي من الواجب حلها، قبل ربما التوقيع على السلام؟  فأجاب: "هناك ارض لبنانية لا تزال إسرائيل تحتلها، إضافة الى حدود بحرية يجب ان يتم تحديدها".

ثم جاء موقف الرئيس عون السبت الماضي على النحو الاتي: "أما في ما يجري حولنا وفي العالم من تغيرات وتحولات سياسية جذرية دوليا وإقليميا، فإن اللافت منها إعتراف دول عربية عدة بإسرائيل وسيرها نحو التطبيع الكامل معها. وفي ذلك، ومع الأسف، قبول ضمني بضياع القدس والجولان".

لن يكون صعبا فهم هذا التحول الذي طرأ على موقف الرئيس عون من هذا الملف الاقليمي الحساس، إذا ما جرت قراءته ضمن المشهد الاقليمي والدولي الواسع المتصل بلبنان. في هذا السياق، تقول لـ"النهار"  شخصية سياسية مسيحية كانت تربطها علاقات وثيقة بالعماد عون في عقديّ الثمنييات والتسعينييات من القرن الماضي، ان من ابرز صفات "الجنرال " هي "التعامل على القطعة  بطريقة مفرطة ببراغمايتها" على حد تعبير هذه الشخصية، التي أضافت قائلة: "لم تأت علاقة العماد عون بحزب الله بدءا من عام 2005 خارج هذه الصفة سعيا وراء نيل مكاسب يعز الوصول اليها خارج هذه العلاقة". ولفتت الى ان الاشارة الايجابية التي صدرت عن الرئيس عون بعد إبرام الامارات وإسرائيل إتفاقية سلام، ثم ذهاب لبنان الى ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، لم يؤديا الى تجنيب وريثه السياسي الوحيد جبران باسيل كأس عقوبات وزارة الخزانة الاميركية المرير، فكان ان عاد الى دفتر التفاهم بينه وبين هذا حزب ولو تطلب ذلك تغييرا في المواقف من السلام بين الامارات وإسرائيل أو فيما يتصل بمفاوضات الترسيم بين لبنان وإسرائيل".

هل فهمت إسرائيل مغزى هذا التحوّل أقله في موقف الرئيس عون من مفاوضات الترسيم؟ في الساعات الماضية، اوردت منصات إعلامية تصريحا أدلى به وزير الطاقة​ الاسرائيلي يوفال شتاينتس موجها الى ​الرئيس عون​ ردا على بيان ​القصر الجمهوري​ حول ​ترسيم الحدود ختمه قائلا: "أوعزت للوفد الإسرائيلي بالتصرف بمسؤولية وبالتمسك بالخط البحري الذي أودعته إسرائيل في الأمم المتحدة قبل حوالي عشر سنوات. كما أوعزت لوفدنا بانتهاج أسلوب براغماتي في المحادثات وذلك في محاولة لتخفيف وحل الخلاف، من أجل توفير الرفاهية للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين".

إنها "البراغماتية" على لسان الوزير الاسرائيلي أيضا.ولعل الرئيس عون يدرك ان المرحلة الممتدة حتى  20 كانون الثاني المقبل، موعد وصول الرئيس الاميركي المنتخب جو بايدن الى البيت الابيض، تقتضي إتقاء عاصفة الرئيس المغادر دونالد ترامب. ومن يقرأ تصريح المتحدث باسم الخارجية الإيرانية سعيد خطيب زاده الأحد يستخلص دقة هذه المرحلة الانتقالية على مستوى الادارة الاميركية. فهو بعدما "توعّد بسحق أي محاولة إسرائيلية للنيل من دور إيران في سوريا"، وصف هذا الدور بـ"الاستشاري"، لكنه أسهب في الدفاع عن "حزب الله" قائلا ان "حزب الله هو جزء من المجتمع والدولة اللبنانية و"لا يمكن إلغاؤه".

لماذا كلام  المسؤول الايراني هذ عن الحزب؟ الاسئلة من هذا النوع كثيرة هذه الايام بما فيها السؤال عما أملى على الرئيس عون أن يغيّر مواقفه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o