Oct 30, 2020 5:26 PM
اقتصاد

صفير: مسؤولية الحكومة الجديدة تهدئة العاصفة.. ولا فترة سماح

اعتبر رئيس جمعية المصارف في لبنان سليم صفير أن “البحث في أي حلول يجب أن ينطلق من أن هناك أزمة ثقة ضاربة داخلياً وخارجياً، تشمل الزبون الصغير والمتوسط والكبير، إضافة إلى أزمة العلاقة مع السياسيين، والقطاع المصرفي بين ناري الدولة والشعب اللذين لهما مطالب منه سواء من له 1000 دولار أو من لديه وديعة أكبر، والجميع يلومه بأنه لم يقم بواجباته”.

وشبّه صفير لـ”اندبندنت عربية”، “الأزمة والمصارف، بباخرة في قلب العاصفة، تضربها أمواج عالية من جهة والأمطار الشديدة من جهة ثانية، ولا بوصلة توجّهها يميناً أو يساراً. المصارف خزان الثقة الذي يربط الشعب بثروته وتعبه، والقطاع الخاص كماكينة اقتصادية تؤمّن الوظائف للناس الذين راهناً لا يرون بصيص أمل للمستقبل. الأزمة لم يعش مثلها لبنان منذ المجاعة الكبرى أوائل القرن الماضي. مسؤولية الحكومة الجديدة تهدئة العاصفة حتى من هم على علاقة بالمصارف، أو المصارف أو القطاع الخاص الذي عليه خلق فرص عمل”.

وأضاف، “من دون الدخول في تفاصيل ما أوصلنا إلى هذه الحال، فإن أكبر خطأ حصل عام 2020 هو التخلّف عن دفع الدين، لأنه قرار أخّر لبنان 50 عاماً، في وقت كان بإمكان البلاد الاستغناء عنه ويعالج بتوازن مشكلته الاقتصادية”.

ورأى صفير أن مسؤولية الحكومة الجديدة “أن تكون فعالة من اليوم الأول، أشخاصها يعرفون ما ينتظرهم ولديهم الخبرة والقدرة الاحترافية لينتجوا من اليوم الأول، ولا نحتمل الدخول في عملية التجربة والخطأ لأن المسؤولية هي التي تقود لبنان إلى برّ الأمان. ولذلك نحتاج إلى فريق متجانس يعمل طوال النهار لربح الوقت في ظرف صعب، مع جائحة كورونا التي خلقت وضعاً اقتصادياً صعباً في العالم. والمطلوب من الحكومة إعادة الثقة الداخلية والخارجية. أهدافها واضحة وليست لديها فترة سماح. والمسؤولية المالية تقتضي حكماً، أن يكون وزير المال الجديد على تفاهم كلي مع مصرف لبنان ورئيس الحكومة ليستخدموا معرفتهم وما تبقّى من أدوات لوقف التدهور والنزف المالي، ويجدوا مداخيل، ويساعدوا القطاع المصرفي، ويحركوا الماكينة الاقتصادية والقطاع الخاص ليخلق فرص عمل ومداخيل للدولة. فالمشكلات الاجتماعية لا تحل إذا لم تنطلق الماكينة الاقتصادية، التي لا تتحرك إذا لم يكن هناك تفاهم بين المالية ومصرف لبنان”.

وشدد رئيس جمعية المصارف على أن القطاع المصرفي هو “المحرك الذي يغذي الدورة الاقتصادية لينطلق القطاع الخاص، وينشئ فرص عمل جديدة ومداخيل للخزينة، ويخلق أملاً للجيل الجديد كي يبقى في البلد. ينقصنا خلق الثقة والأمل بالمستقبل، اللذان يجب أن يكونا دافع الحكومة الجديدة”.

وقال صفير، “القطاع المصرفي يشغّل 28 ألف عائلة ولديه بين مليون ونصف مليون ومليوني مودع وزبون لبناني، وهو مفتاح القطاع الخاص، ولا يزال صامداً وعاملاً. ما ينقصه نفس جديد من المودع والمستهلك، والدولة التي عليها مستحقات للقطاع الخاص والمصارف ومصرف لبنان، ليس مطلوباً منها أن تدفعها في يوم واحد، لكن أن تعطي أملاً لكل هؤلاء الفرقاء الذين مدّوا يدهم لها في الماضي، كي يخلقوا مناخاً إيجابياً يعيد تحريك البلد”.

وأكد صفير أن “التعميم قيد التنفيذ حالياً والمصارف تحضّر لزيادة رأس المال في 31 كانون الأول المقبل، وهي تعمم على زبائنها أن يساعدوها ويعينوا البلد على استرجاع الثقة المطلوبة لخلق النهضة قريباً. وما أراه اليوم هو أن الزبائن حاضرون لذلك. ويتوقف نجاح التعميم 154 وإعادة إدخال أموال إلى البلد على نجاح أولى خطوات الحكومة من الآن حتى بداية العام الجديد”.

وعن التوقعات حول ما يمكن للتعميم 154 أن يجذبه من أموال إلى البلد، أشار صفير إلى أن “زيادة رأس المال قد تجلب حوالي أربعة مليارات دولار واستعادة 15 في المئة من الودائع (التي خرجت من البلد) تعيد حوالى أربعة إلى خمسة مليارات دولار. وهذه الخطوة إذا نجحت تسهّل مشوارنا مع صندوق النقد الدولي، الذي هو في النهاية مصرف دولي، يطرح عليه تمويل البلد، إذا لم يجد جدوى منه متعلقة طبعاً بالثقة وبمؤسساته، لا نستبشر خيراً”.

ورداً على سؤال “لماذا لم تبدأ المصارف بإدخال المال إلى البلد كي تسهم في استعادة الثقة وحلحلة المشكلات الاجتماعية؟”، رأى رئيس جمعية المصارف أنها “ستزيد رأسمالها شئنا أم أبينا قبل آخر السنة، لكن الفريق الثاني (المودعين) لا يمكنك إرغامه، لأنه يحتاج إلى تشجيع لإعادة ولو جزء صغير من تعب حياته”.

وعن أصحاب المصارف الذين حوّلوا أموالاً إلى الخارج ويحتفظون بها، لفت صفير إلى أن هؤلاء من المستثمرين “خسروا حتى اليوم حوالى 20 مليار دولار منذ قررت الدولة الكريمة التخلّف عن الدفع. تطلب منهم زيادة الرساميل بين أربعة وخمسة مليارات دولار، وهم مستعدون للقيام بذلك. يجب إعطاؤهم المجال كي يواصلوا دورهم”.

ورأى صفير أن “تعداد المشكلات لن يتوقف لأن كل الأمور مترابطة ببعضها. وكلها يتعلق بالسيولة، وهي ذيول التخلّف عن دفع الدين الذي كان بمثابة مقصلة الاقتصاد اللبناني. قلنا لهم (الحكومة السابقة) لا يمكنكم عدم السداد لأنكم لا تستطيعون مقاومة أضراره الجانبية (collateral damage) بالورقة والقلم. بدأت الأضرار الجانبية للتخلف عن الدفع تظهر. في منزلك طالما لديك مدخول لا تشعر بمصروفه. حين يتوقف المدخول، كل قرش تدفعه موجع، ثم تلاحظ كم أن هناك أموراً صغيرة لم تكن تنتبه إليها، مثل الدواء الذي لا تجده”.

وأضاف صفير، “أما الدولار الطالبي فقد مضت سنة ونحن نفتش عن وسيلة لمساعدة طلابنا في الخارج، كان يجب أن يستشيروا مجلس النواب قبل وضع القانون لمعرفة كيف يطبق، ككل شيء يقومون به وغير متأكدين من نجاحه، سمّوه دولاراً طالبياً، لكن أين هو موجود حتى تستعمله؟ يجب أن يكون معك حتى يتم تحويله، أتمنى لو أن الدولار الطلابي أقرّ مع الحكومة الجديدة وليس قبلها، وكان ممكناً الانتظار أسبوعين أو شهراً حتى يتم تأمين هذا الدولار، والدواء أهم والبطالة مهمة وكل الأمور مترابطة. المسؤولون في الدولة لا يأخذون في الاعتبار أن حبات المسبحة متعلقة ببعضها”.

وقال صفير إن زيارة وفد جمعية المصارف إلى فرنسا كانت “لعرض دراسة جمعية المصارف لأن خطة لازار التي هدفها إفلاس البلد كان فريق من الفرنسيين مقتنعاً بها، ودراستنا أعدّيناها مع استشاري فرنسي وطلبنا منهم الاطّلاع عليها. شرحنا لهم أن خطة لازار هي إفلاس اقتصادي بينما دراستنا هي للإنقاذ الاقتصادي. لم نبحث في الخطة الفرنسية لإنقاذ لبنان”.

وتحمل مجموعات في المجتمع المدني والانتفاضة الشعبية وكذلك وسائل إعلام عدة على جمعية المصارف بأنها تريد الاستيلاء على عقارات الواجهة البحرية في بيروت، لكن صفير يدافع قائلاً، “هذا ليس دقيقاً. لم نطلب الحصول على أراضي الدولة لا في الواجهة البحرية ولا غيرها. هذه الفكرة ليست اختراعاً لبنانياً. تطرح في كل دول العالم التي مرت بأوضاع صعبة ولقيت نجاحاً، بهدف إعادة الثقة بالعملة الوطنية. ما قلناه هو إنشاء صندوق تملكه الدولة من دون أن تديره، بل خبراء مستقلون لا يكونون من موظفيها، تختارهم هي، من رجال الأعمال لديهم تاريخ من الخبرة والنجاح لإدارة الأملاك، حتى تعطي الدولة ضمانة بأنها مع الوقت ستردّ أموال المودعين التي تبخرت، نحن تحدثنا عن مردود وأرباح هذه الأملاك لا عن بيعها وهدرها. ولا أحد يتصرف بهذه الأملاك”.

المصدر: اندبندنت عربية

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o