Oct 29, 2020 11:01 AM
مقالات

أوباما وقّع وثيقة عام 2010: نصف العرب لتركيا والنصف لإيران

كتب عوني الكعكي:
كنا قد أثرنا في مقالاتنا السابقة قضية وجود قوتين متصارعتين تتنازعان منطقة الشرق الأوسط كلها، هاتان القوتان هما: تركيا وإيران.. وكم حذرنا من المدّ الفارسي والتمدّد التركي ومن الخطر الذي يحيق بالعرب جرّاء هذا التجاذب.
يومذاك لم نكن نتجنى على أحد، ولا كنا متعصبين أو متزمتين... وها هي ذا وثيقة أوباما تثبت صوابية رأينا.
فالوثيقة التي وقعها الرئيس الاميركي باراك أوباما عام 2010 والتي تمّ الحديث عنها والمودعة بالرمز (Presidential Study Directive II) أي PSD-II، والقاضية بتسليم السلطات في الشرق الأوسط وشمال افريقيا للجماعات الإسلامية المعتدلة «حسب رأيهم» خصوصاً تنظيم الإخوان المسلمين، ليكون الإشراف العام بيد تركيا الممثلة بـ»حزب العدالة والتنمية»، والذي كان أوباما واليسار الاميركي ينظرون إليه كنموذج مثالي للحزب الاسلامي الحاكم لدولة مدنية علمانية وصديق لأميركا وإسرائيل..
في حين يُنْشَأ كيانٌ ثانٍ شيعي تتسلّمه إيران ويضم دول الخليج العربي واليمن ولبنان وسوريا.
من هنا يمكن فهم ما يجري اليوم في ليبيا وتونس وغيرها، فنحن بنظري ما زلنا نعيش تبعات مرحلة استراتيجية أوباما وقراراته البائسة.
أوباما أراد من هذا التقسيم إراحة أميركا من التدخل في المنطقة على أكثر من 20 جبهة، وفضّل عند التفاوض حصر هذا التفاوض بدولتين إثنتين فقط هما: تركيا وإيران لتصبح مهمة السيطرة الاميركية أسهل وأيسر، عبر مفاوضات محصورة لا موسّعة.
هذا المشروع الذي أعدّه أوباما وحاول تنفيذه، سمّاه حسب إدارته «مشروع الشرق الأوسط الكبير».
من أجل ذلك بدأ أوباما الإطاحة بحكومات، وتنصيب جماعات عليها كـ»الإخوان»، رغم أنّ أوباما نفسه لم يكن يحب الإخوان المسلمين، لكن هدفه كما أشرنا هو تقسيم المنطقة بين تركيا وإيران...
وتنفيذاً لرغبته وقّع أوباما الاتفاق النووي مع إيران -هذا الاتفاق المثير للجدل، والذي أبطله دونالد ترامب الرئيس الاميركي الحالي.
وبسبب سياسة أوباما وأهدافه، ابتعدت تركيا عن حلف شمال الاطلسي، وأدخلت قواتها الى سوريا وقطر وسلحت جماعات ليبية، وراحت تتدخل في شؤون المنطقة غير هيّابة.
وكان عام 2019 ملتبساً، حين أسقطت إيران طائرة «ار كيو 4 غلوبال هوك» أميركية، ونفذت عمليتها بصاروخ ارض جو في 20 حزيران وتمّ إطلاق الصاروخ من القوات الجو-فضائية التابعة للحرس الثوري الايراني وكان ذلك فوق المجال الجوي الدولي في مضيق هرمز وفقاً للوثائق التي نشرتها وزارة الدفاع الاميركية.
يومها قال الكابتن بيل أوربان، المتحدث باسم القيادة المركزية للجيش الاميركي، إنّ الطائرة التي أسقطت هي طائرة استطلاع.
وفي أول تعليق له على ما حدث، غرّد الرئيس الاميركي دونالد ترامب قائلاً: «لقد ارتكبت إيران خطأً كبيراً».
بداية حاول ترامب ضبط النفس، لكن جاء اغتيال قاسم سليماني والمسؤول في الحشد الشعبي العراقي أبو مهدي المهندس، وأعلنت طهران على لسان وزير دفاعها أمير حاتمي ان إيران ستنتقم انتقاماً ساحقاً لاغتيال قاسم سليماني قائد «فيلق القدس» التابع للحرس الثوري الايراني.
ونعود بالقصة الى لبّ الصراع في المنطقة وإلى الأهداف التي سعت إليها الإدارات الاميركية المتعاقبة لنقول: إنّ السبب بإيجاد كيانين، والتخلي عن مواقع أميركية في المنطقة يعود الى الصين... نعم فالصين هي سبب المشكلة.
هدف الولايات المتحدة ترك المنطقة في أحضان كيانين مع إيجاد توازن بينهما.. لكن «الطفرة الصينية» الكبرى، ومحاولة واشنطن الحدّ من هذه الطفرة الصينية، سمح لتركيا وإيران بالتحرّك بحرية أكثر، إذ استغلتا إشارات واشنطن أفضل استغلال.
اشتداد الصراع الصيني - الاميركي، خلط الأوراق، فما حققته الصين في سنوات محدودة، لم تستطع الولايات المتحدة تحقيقه في مائة عام..
الحرب اشتدت بين الصين وأميركا، ولا أقصد هنا الحرب بالأسلحة، بل قد تكون أشد هولاً، انها الحرب التجارية... وجاءت جائحة كورونا لتزيد الطين بلّة.
الصين استطاعت السيطرة على الجائحة وحاصرتها وحدّت كثيراً من تداعياتها... أما الولايات المتحدة الاميركية فعجزت تماماً. والسبب أنّ الضبط الصيني للوباء كان شديداً... فكان المسؤولون الصينيون يراقبون المصابين لحظة بلحظة، من خلال أجهزة خاصة، حتى انهم كانوا يراقبون المتعافين ويضعون لهم نقاطاً إجتماعية... فإذا كان مجموع النقاط قليلاً فإنهم معرّضون للمنع من السفر. أما في الولايات المتحدة، فمشكلة حقوق الانسان والاقتصاد والحر منع هذه المراقبة.
لقد قيل: «إذا نظرت الى الصين اليوم فهذا هو العالم غداً».
خلاصة القول... لن تستطيع أميركا الوقوف في وجه العملاق الصيني... لأنّ الصين وحش سوف يبتلع العالم.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o