Oct 27, 2020 2:29 PM
خاص

الاستقالات الجماعية فرصة التغيير الضائعة!

المركزية- قليلة كانت القوى السياسية التي استوعبت التداعيات السياسية الفعلية لكارثة بحجم انفجار مرفأ بيروت. ذلك أن انفجارا بهذه الخطورة، لو أنه وقع في دولة يحترم مسؤولوها الشعب، لكان كفيلا بإزاحة الطبقة السياسية بالكامل، ولفتح المجال أمام الناس المفجوعين لاختيار ممثليهم الحقيقيين على أساس معيار الكفاءة دون سواه. لكن، ولسوء حظ اللبنانيين، الأمور لم تجر على هذا النحو. ذلك أن عددا محدودا من النواب بادر إلى الاستقالة من مجلس النواب، في خطوة أريد منها الضغط في اتجاه الانتخابات النيابية المبكرة، وهي الهدف الأبرز لثورة 17 تشرين التي أيقنت أن الوقت قد حان للإنطلاق في مشروع ضخ التغيير في عروق الطبقة السياسية، قبل عام من انفجار 4 آب.

وفي وقت رفع عدد من القوى السياسية هذا المطلب أيضا من باب التماهي مع الثورة، لفتت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" إلى أن اتهامات كبيرة بالتسييس وركوب الموجة الشعبية كيلت للقوى المعارضة للنهج السياسي السائد راهنا في البلاد، مع العلم أن هذه الاندفاعة السياسية هي التي قد تكون حفزت، أو على الأقل، سرعت سقوط حكومة الرئيس حسان دياب التي لم تنل رضى اللبنانيين أصلا. بدليل أن المصادر تذكر بأن النائب الاشتراكي المستقيل مروان حمادة كان أول من أعلن قرار الخروج من دائرة القرار السياسي معللا خطوته بتعابير قاسية جدا من قبيل أن "هذا العهد عهد النحس"، على حد قوله. على أن حمادة لم يكن الجنبلاطي الوحيد الذي استقال، بل تبعه في ذلك النائب هنري حلو في خضم موجة قادت الكتلة الكتائبية الثلاثية إلى الخروج من المجلس، إضافة إلى جمع من النواب المستقلين.

وإذ نبهت المصادر إلى أن كتلة الكتائب كانت من أول المنادين إلى استقالة نيابية جماعية بهدف الدفع في اتجاه إجبار السلطة على الركون إلى الانتخابات النيابية المبكرة، شأنها في ذلك شأن القوات والنواب المستقيلين والمستقلين، لم يتوان بعض المراقبين عن اعتبار الاستقالة، التي قد يصح وصفها بالعفوية لكونها أتت في لحظة فورة شعبية غاضبة، دعسة سياسية ناقصة لن تؤدي الغرض منها. وأشارت المصادر إلى أن أحدا من القوى السياسية الكبرى لم يتجاوب مع ضغط النواب المستقيلين لملاقاتهم على طريق الاستقالة. حتى أن القوات اللبنانية، رافعة شعار المعارضة من الداخل، لم تنجح في حض حليفيها الأوثق، الحزب التقدمي الاشتراكي وتيار المستقبل على الخروج من عباءة المجلس. فجنبلاط  لم يرد طعن حليفه، رئيس المجلس نبيه بري، بهذا الشكل، تماما كما الرئيس سعد الحريري، مع العلم أن الأخير راكم التوترات في علاقاته مع كل من المختارة ومعراب. لذلك بادرت القوات إلى الركون إلى الاتجاه المعاكس، فقادت اتصالات هدفت إلى ثني المستقيلين عن خطوتهم، من غير جدوى، حيث أن الجميع مصرون على أنهم مرتاحو الضمير، في وقت دخلت بكركي على الخط فمدت هؤلاء بجرعة دعم، من دون أن يفوتها حض الآخرين على اللحاق بالركب.

على أي حال، لم تلق الخطوة صدى ايجابيا لدى المعنيين، بل إن الامعان في إدارة الاذن الصماء للناس مستمر، بدليل أن لا أحد يعرف شيئا عن مآل تحقيقات المرفأ، تماما كما أن مبدأ business as usual لا يزال الوحيد الساري المفعول حيث أن لا انتخابات فرعية في الأفق لعدم تلمس النبض الشعبي الجديد، والكباش حول القانون الانتخابي الجديد سائر وكأن شيئا لم يكن. فهل كانت الاستقالة فرصة التغيير الضائعة؟ حتى الآن تبدو "نعم أبدية" هي الإجابة المؤسفة...

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o