Oct 22, 2020 5:59 AM
صحف

عون للحريري: "هيهات أن تؤلف"... ومعركة رئاسة الجمهورية بدأت الآن

فيما لا يُقلّل القريبون من الرئيس سعد الحريري من صعوبة المهمة لإنضاج حكومة تحقّق الهدف الانقاذي منها، وهذه مسؤولية تقع على كل الاطراف، أكدت مصادر واسعة الاطلاع لـ"الجمهورية" انّ المناخ السائد متشنّج ولا يوحي بالاطمئنان الى إمكان بلوغ تأليف سريع للحكومة، لكن هذا لا يعني ألّا نتوقّع مفاجآت سريعة، خصوصاً انّ التوَجّه في تأليف الحكومة، سواء لدى الحريري وداعميه لرئاستها، هو استثمار الوقت الى أبعد الحدود وصولاً الى وضع مسودة للحكومة في فترة قياسية، خصوصاً انّ كل الاطراف أكدت الحاجة الى حكومة توقِف الانهيار الحاصل.
 
إلّا انّ مصادر سياسية أخرى قالت لـ"الجمهورية": "بعد التكليف ستصبح الامور أكثر صعوبة، ويجب ألّا نَستهين بموقف رئيس الجمهورية والتيار الوطني الحر وحلفائه. فرئيس الجمهورية لن يُمرّر أيّ حكومة يعتبرها ناقصة، او صورة مستنسخة عن حكومات سابقة ونهجها السابق، او مراعية لفرقاء معيّنين على حساب فرقاء آخرين لهم حضورهم وتمثيلهم ودورهم الفاعل الذي لا يمكن القبول بتجاوزه".

على أنّ اهم ما تشير اليه هذه المصادر هو انّ التقديرات والقراءات للمشهد الداخلي والخارجي في آن معاً، لا تؤشّر الى ولادة سريعة للحكومة، بل انّ هذه الولادة قد تكون مؤجّلة الى السنة الجديدة. وفي أحسن الاحوال، وتِبعاً للتطورات الدولية، وكذلك الانتخابات الرائسية الاميركية تحديداً، يمكن أن يعايدونا بحكومة قبل عيدي الميلاد ورأس السنة.

ولاحظ متابعون عبر "اللواء" ان الرئيس عون أراد ضرب عدّة عصافير بحجر واحد: فهو رمى على رئيس المستقبل، قبل ان يوقع مرسوم تكليفه مسؤولية معالجة الفساد وإطلاق ورشة الإصلاح. وتالياً، اعفى نفسه من تهمة الفشل في تحقيق التغيير أو الإصلاح، فهو ليس بيده لا التشريع، ولا هو السلطة الاجرائية. كما  ثبت موعد الاستشارات الملزمة انسجاماً مع المهلة التي حددها الرئيس ايمانويل ماكرون، بعد اعتذار  السفير مصطفى أديب عن تأليف الحكومة في 27 أيلول الماضي. كذلك، شكلت استقالة الحريري في 29 (ت1) 2019 الماضي، ما يوازي عاماً الا أسبوع على خروجه من السراي الكبير، وذلك تحت وطأة حراك شعبي ضد الطبقة السياسية.. وها هو يعود، وسط إعادة تحريك الشارع بوجه عودته! مع العلم ان الرئيس الحريري تعهد بحكومة اخصائيين لستة أشهر، لتنفيذ المبادرة الفرنسية بإصلاح مالية الدولة وإعادة اعمار بيروت. الى ذلك، تترافق عودة الحريري، القوية إلى السراي مكلفاً بدءاً من اليوم، وسط انهيار عام في الاقتصاد والنقد والاسعار، واستفحال خطة فايروس كورونا، الذي يسجل يومياً ما فوق الألف إصابة وبضع مئات، فضلاً عن تداعيات انفجار مرفأ بيروت في 4 آب الماضي، الذي اوقع أكثر من مائتي شهيد و6500 جريح.

"هيهات أن تؤلف": من جهة أخرى، استنتجت مصادر متابعة من كلام عون، انه لم يجد ما يبرر له تأجيل الاستشارات مرة ثانية، فقرر أن يعلن موقفه الرافض لتكليف الحريري عبر مؤتمره الصحافي المتسم بقلة الأسئلة، على اعتبار أنه لا رأي له يبديه في أثناء الاستشارات، وكأنه يقول للحريري، انك ستكلف ولكن هيهات أن تؤلف.

وردا على سؤال عما اذا وصلت العداوة السياسية بين طرفي التسوية الرئاسية الشهيرة إلى هذا الحد، ردت المصادر المتابعة لـ"الانباء الكويتية" أنها لا تستغرب ذلك في ظل بعض المعطيات الموضوعية، وخلاصتها أن الرئيس عون سلم، كما يبدو، بفشل مشروع صهره جبران باسيل السياسي، وقد دخلت ولايته الرئاسية في ثلثها الاخير، وطموحه الباقي أن تتشكل حكومة مطواعة، تنهي معه عهده بأقل خسارة ممكنة.

معركة الرئاسة بدأت: إلى ذلك، كتبت "الانباء الكويتية" :يبدو أن الرئيس عون ارتاب أولا من رغبة الحريري وتلهفه للعودة الى رئاسة الحكومة بعدما كان أكد مرارا أنه لن يعود ولن يكون رئيسا للحكومة مرة أخرى في عهده، وارتاب ثانيا من الحلف الرباعي الجديد وخطته لمحاصرة باسيل وعزله، وبما يؤدي الى إضعاف وتهميش المكون المسيحي في الحكم الذي بات مقتصرا على جبران باسيل بشكل أساسي وعلى سليمان فرنجية بشكل ثانوي.

لذلك، فإن الرئيس عون يتصرف من خلفية أنه يخوض آخر معاركه السياسية الفاصلة، وأن من يربح معركة الحكومة الحالية يربح في معركة الرئاسة ومن يخسر الآن يخسر فيما بعد.

ولكن عون يعتبر أيضا أنه لم يصل بعد الى خط النهاية، ومازالت هناك مسافة زمنية وسياسية طويلة فاصلة عن انتهاء ولايته بعد سنتين.. عون الذي انتخب رئيسا في آخر أيام الرئيس الأميركي باراك أوباما وفي ظل تقاطع أميركي- إيراني في المنطقة، يمرر على مضض تكليف الحريري وينقل المعركة معه الى حلبة التأليف وينتظر مثل حزب الله الذي يدعمه بقوة في هذه المعركة من سيكون الرئيس الأميركي الجديد.

من جهتها، أفادت مصادر لـ"الجريدة" الكويتية "ان عون يمسك بورقة توقيع رئاسة الجمهورية على تركيبة الحكومة، وهو من خلال كلامه امس يلوح بها في وجه الحريري، فإذا أصر على مخاصمة باسيل يظل رئيسا مكلفا إلى ما شاء الله، وإذا تفاهم معه تفتح له أبواب السراي الحكومي".

بيت الوسط: من جهتها، قالت مصادر بيت الوسط، عبر "الأنباء الالكترونية" بأنها تفضّل الصمت في هذه الظروف، وتترك الكلام الى ما بعد التكليف لأنها لن تعلّق على كلام الرئيس عون وهو حر أن يقول ما يراه مناسبا. ولفتت المصادر إلى أنه "في حال تم تكليف الرئيس الحريري لتشكيل الحكومة، فمن المتوقع ان يكون له كلمة بعد التكليف".

عين التينة: بدورها، علقت مصادر عين التينة على كلام رئيس الجمهورية عبر "الأنباء الالكترونية" بالقول إن "الكل مسؤول، ولا يجوز تحميل المسؤولية لجهة معينة، فالكل مشارك في السلطة، لكن المسؤولية تتفاوت بين وزير وآخر وبين وزارة وأخرى".

عون رفع السقف: واعتبرت "الشرق الاوسط" ان خطاب عون رفع سقف الاشتباك السياسي مع كل القوى السياسية، ولم يوفر مجلس النواب تلميحاً من خلال سؤاله عن اقتراحات قوانين الإصلاح وغيرها، وسط أسئلة من المعارضة عن توقيت هذا الخطاب الذي "جاء من دون مناسبة أو حدث مهم عادة ما يواكبه رئيس الجمهورية بخطاب موجه للبنانيين"، رغم الاعتراف بأنه "حق دستوري له"، لكنه يمثل، بحسب أوساط معارضة، "سابقة في الخطابات الرئاسية التي تأتي قبل الاستشارات النيابية".

وفي حين لم تعلق أوساط رئيس مجلس النواب نبيه بري على الخطاب، كما لم تعلق أوساط الرئيس سعد الحريري، رأت مصادر معارضة أن خطاب عون أشّر إلى معركة سترافق تأليف الحكومة، بعد خسارة معركة التكليف، ووضع خريطة واضحة للتأليف ستشهد صراعاً سياسياً.

وقالت مصادر سياسية معارضة لـ"الشرق الأوسط" إن عون "من حقه أن يوجه رسالة للبنانيين، لكنه اختار توقيتاً بين تأجيل الاستشارات في الأسبوع الماضي، وعشية الموعد الجديد للاستشارات النيابية الملزمة، قائلة إن التأجيل السابق "كان بغرض إبعاد الحريري عبر الرهان على سحب اسمه من التداول، وهو ما لم يجرِ، ولم يكن للتأجيل أي فعل سلبي".

قزي: وعلّق الوزير السابق سجعان قزي على كلمة عون، قائلا: «لم يرجئ الرئيس استشارات التكليف، لكنه نسف استشارات التأليف. لقد فتح جميع الملفّات واتّهمَ جميعَ الأطراف، وأوحى بأنه زعيم المعارضة لا رئيس الجمهورية. وتساءل ماذا سيكون موقف سعد الحريري؟».

وفي اتصال مع القبس، أوضح قزي ان نسف التأليف لا يعني نية العرقلة، ولكن العرض الذي قدمه عون كان بمنزلة دفتر شروط لعمل الحكومة وللتعاون مع رئيس الحكومة أكثر مما هو استعراض لمشاكل البلاد. وهي مشاكل قائمة وصحيحة، ولكن السؤال هو عن توقيت الاعلان عن هذه السلبيات عشية الاستشارات؟ فهل لأن الحكومة الجديدة هي حكومة مهمة تحمل مشروعاً اصلاحياً، أم للقول للحريري أنت جزء من استمرار هذه الازمات، وبالتالي توقع مني ان أكون معارضاً لاي سلوك يؤدي الى ما أدت اليه الحكومات السابقة. وعلى مسافة ساعات من الاستشارات، يسأل قزي عن موقف الحريري بعد كلمة عون التي كان يفترض ان توجه الى من سيسمون الحريري وهم حلفاء عون، حزب الله و8 آذار يعني حلفاء إيران من 2006 لغاية اليوم. وليست قوى 14 اذار ولا انتفاضة 17 تشرين.

ويسخر قزي ممن يشككون بموقف حزب الله من تكليف الحريري في ظل توزع الكتل الدائرة في فلكه بين التسمية والامتناع، ويقول «هذه مزحة لا تنطلي علينا. حين تسمي كتلة أمل الحريري يعني أن حزب الله سماه»، اما امتناع بعض حلفاء الحزب عن تسمية الحريري، فلا يعني أنهم لا يريدون الحريري بل يريدونه ضعيفاً.

ويسأل: هل يقبل الحريري ان يسمى من قبل 8 آذار وبأقلية منها؟ وهل يضمن حصول حكومته المشكلة من الثنائي الشيعي ومن دون مشاركة القوى السيادية والاستقلالية على مساعدات المجتمع الدولي وعلى تنظيم مؤتمرات داعمة للبنان، في وقت تواصل الولايات المتحدة عقوباتها على هذا الفريق؟ وعن تقديراته لموقف الحريري قال قزي «لا أستطيع تقدير موقفه، فأنا أقرأ المنطق وليس اللامنطق».
 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o