Oct 04, 2020 7:24 AM
مقالات

الحريري وحزب الله: لا لميقاتي!

الجمود الحكومي الذي بات أكثر فأكثر أسير المعادلات الدولية والإقليمية مع اقتراب استحقاق الانتخابات الأميركية ورصد تداعيات قصّ شريط التفاوض حول ترسيم الحدود مع إسرائيل بوساطة أميركية، دخل على خطه معطى ضعيف لم يتبلور بعد، هو مشروع حلّ متماسك يستند إلى إهمال اقتراح حكومة المستقلين بالكامل، والسير بخيار حكومة اختصاصيين مطعّمة بسياسيين أو بممثّلين عن القوى السياسية، وهي التي تسمّيهم هي حصراً.

وهنا تطرح إشكالية أساسية مرتبطة بمدى تقديم الدعم الدولي المالي لحكومة تضمّ في صفوفها ممثّلين أو قريبين من حزب الله في حال السير بحكومة تكنو - سياسية، وفي ظلّ قرار مُعلن بوضوح كامل من السيد حسن نصرالله "بالمشاركة الحتمية في أيّ حكومة مقبلة".

وإذا كان الرئيس نجيب ميقاتي المبادر في تقديم الاقتراح المذكور، إلا أنّ مفهوم "تسييس" الحكومة هو بالأساس طرح مبدئي لدى الثنائي الشيعي تلاقيه رئاسة الجمهورية التي تتخوّف من "كائن حكومي" يخرج تماماً عن السيطرة بوجود طاقم يتصرّف كـ"آلة" وليس كعقل سياسي إصلاحي يفترض أن يكون عنوان المرحلة. ومن هذه النقطة ستبدأ مفاوضات الخطة "ب" في المبادرة، وهذا ما بات الفرنسيون في جوّه.

يجزم المطلعون في هذا السياق بأنّ "آلية إدارة المبادرة ستتغيّر، وكذلك بعض الشروط التي فرضت سابقاً ولم تكن من صلب المطلوب فرنسياً. وهذا الأمر بحدّ ذاته كفيل بتوسيع مروحة الخيارات. لكن ذلك لا يعني أنّ ميقاتي، صاحب الاقتراح، قد يُسوّق جدّياً كرئيس للحكومة لأنّ الفيتو الداخلي عليه فاقع"!

في الأيام الماضية، لوحظ نشاط زائد لدى الرئيس ميقاتي في إعادة "إنعاش" حلقات تواصل سابقة كانت بمثابة مفاتيح  له مع رئيس الجمهورية وجبران باسيل وحزب الله والرئيس نبيه بري. يأتي ذلك في وقت أبعد الحريري نفسه عن دائرة تبنّي المزيد من رؤساء الحكومات. ثمّة من وشوَش مؤخراً في أذن الحريري: "يجب أن تتوقّف فوراً عن لعب دور "قابلة" رؤساء الحكومات لما لذلك من آثار سلبية على صورتك ورصيدك السياسي"!.

العارفون في كواليس الحسابات السنّية يسلّمون بصعوبة أن يتبنّى الحريري خيار ميقاتي. ويسأل هؤلاء: "تخلّى عن نواف سلام، ولم يخطر بباله طرح اسم تمام سلام الرافض كلياً للتعاون مع الرئيس عون، ووضع منذ فترة طويلة فؤاد السنيورة على الرفّ، كيف له أن يسير بخيار ميقاتي "الممتلئ" مالياً وصاحب الخبرة حكومياً والقادر على نسج تفاهمات ماكيافالية إذا كانت وجهة سيره السراي الحكومي؟". ويعلّق هؤلاء: "ميقاتي خيار غير وارد لدى الحريري".

أكثر من ذلك، أدّت تجربة مصطفى أديب إلى خلخلة الثقة أكثر بين أعضاء نادي رؤساء الحكومات. بعد أن وصلت قبل اعتذار أديب رسائل بهذا المعنى إلى الرئيس المكلّف من محيط ميقاتي بتحذيره من مغبّة الانصياع التام للحريري كي لا يخسر فرصته بأن يصبح رئيس حكومة الإنقاذ".

وهنا يشبّه كثر "إدارة" الحريري "عن بعد" لأديب بما فعل مع المرشّح السابق لرئاسة الحكومة سمير الخطيب الذي انسجب من السباق في كانون الأوّل 2019 برغم غطاء الحريري الشكلي له. رئيس تيار المستقبل، برأي هؤلاء، يفضّل أن يتبنّى من يشكّل جسر عبور له مجدّداً الى السراي، لا من يقطع عليه طريق العودة، وميقاتي احتمال لمن يقطع عليه الطريق.

أما من جهة بعبدا وحزب الله، فالرأي مشترك: "لا ثقة بميقاتي، ولا ارتياح لخياراته السياسية. وفي مقلب حزب الله من يصفه بـ"المتآمر" و"السياسي الأكثر تقلّباً".

تشير أوساط قريبة من حزب الله في هذا السياق إلى "الرسالة التي وجّهها الرؤساء السابقون أمين الجميل وميشال سليمان ونجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام إلى القمة العربية في عمان عام 2017، التي أثارت استياء الحزب كثيراً يومها، ولا تزال آثارها قائمة حتى الآن، وتعتبر علامة سوداء في سجلّه الذي لا "يخدمه" أيضاً في الشارع. وعلى رأس اللائحة القروض المصرفية المدعومة التي لا تشكّل مخالفة قانونية، لكنّها بالتأكيد خطوة غير أخلاقية"!!

في الكواليس الضيّقة أحاديث عن احتمالات عودة الحريري ربطاً بتعديلات ستدخل إلى المبادرة الفرنسية التي سلّم الأخير بأنّها "مرجعيته الوحيدة بصفتها الفرصة الأخيرة لوقف الانهيار"، بالتوازي مع إعلان عدم ترشّحه لرئاسة الحكومة.

وفق المعلومات، فإن خيار ميقاتي غير ناضج، والفيتو الداخلي عليه أكبر من الخارجي، في وقت يدرس رئيس الجمهورية، كما الثنائي الشيعي، احتمال الحديث عن حكومة تتوافق عليها الأطراف السياسية بوجوه مختصّة برئاسة الحريري أو اسم من خارج نادي رؤساء الحكومات ويستفيد من "الدروس" في تجربتي حسان أديب ومصطفى اديب. ويبدو أنّ الذهاب نحو اسم خارج دائرة "نادي الأربعة" لا يزال الأكثر صعوبة إلاّ إذا قرر الحريري غير ذلك.

أما حالة التريّث لدى الرئيس عون في الدعوة إلى الاستشارات النياية لتكليف رئيس حكومة جديد، فلن تواجه هذه المرة على ما يبدو بحملة مضادة في ظلّ الحديث المشترك "عن ضرورة التوصّل إلى تفاهم يحمي التأليف بعد التكليف".

لكن في القصر الجمهوري حالياً ما يشبه الاستنفار بسبب وباء كورونا الذي أصاب عدداً من المخالطين يومياً للرئيس عون ما دفع إلى اتخاذ احتياطات أكثر صرامة، فيما تأكدت على الرغم من الإشاعات عدم إصابة الرئيس ولا زوجته بالفيروس. ولذلك، فإن أيّ اجتماعات من قبيل إجراء استشارات أو مواعيد روتينية، هو غير متاح في الوقت الحاضر باستثناء واجب توجّه الرؤساء الثلاثة الى الكويت غداً الإثنين لتقديم واجب التعزية بأمير الكويت الراحل.

أساس - ملاك عقيل

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o