Oct 02, 2020 6:03 AM
صحف

لبنان وإسرائيل إلى مفاوضات الترسيم البحري "على مَرأى" من إيران

باغَتَ إعلانُ انطلاقِ العدّ العكسي لبدء المفاوضات اللبنانية – الإسرائيلية غير المباشرة بوساطة أميركيةٍ حول ترسيم الحدود البحرية المشهدَ السياسي في لبنان "المستسْلم" أمام استعصاءِ أزمةِ تأليفِ الحكومة العتيدة على أيّ حلولٍ من "حواضر البيت" الداخلي بعد انتكاسة المبادرة الفرنسية. وشكّل كشْفُ رئيس البرلمان نبيه بري، أمس، عن الاتفاقِ الإطار الذي يرسم الطريقَ للمُفاوض اللبناني لترسيم الحدود "البرية والبحرية" مع إسرائيل برعاية الأمم المتحدة وترحيب واشنطن بـ"الاتفاقية التاريخية" و"قرار حكومتي إسرائيل ولبنان بدء مناقشات حول الحدود البحرية"، مفاجأةً غير مفاجئة في التوقيت إذ كانت متوَقَّعة، ولكنها أشاعتْ مناخاتٍ تشي بمتغيّرات وتراجُعاتٍ وربما مناورات، بحسب "الراي الكويتية".

وجاء هذا التطور مدجّجاً بالمفارقات في المضمون وفي سرعة دخوله على خط "الحساسيات" الداخلية، والأهمّ أنه بدا من الصعب فصْل خلفيّاته المتعدّدة البُعد عن الصراع الأميركي – الإيراني وحسابات اللاعبين الإقليميين والمحليين، لجهة شقّ "خط أبيض بارد" مع مرحلةٍ ما بعد الانتخابات الأميركية أياً كان الفائز فيها (إيران)، و"فتْح حسابٍ" يتصل بالانتخابات الرئاسية اللبنانية عبر "الانحناء أمام عاصفة" العقوبات الأميركية من ضمن "هنْدسةٍ" للأدوار لا يبدو "حزب الله" بمنأى عنها، هو الذي بات حليفاه المسيحي (فريق الرئيس ميشال عون) والشيعي (بري) تحت مقصلة لوائح واشنطن السوداء.

ولم يكد أن يجفّ حبرُ إطلالةِ "تسليم الشُعلة" من بري الذي أعلن انتهاءَ دورِه عند عتبة الاتفاق – الإطار، حتى تدافعتْ الأسئلةُ عن سرّ "لعب هذه الورقة"، التي أدارها على مدى عقدٍ من الزمن الثنائي الشيعي بري – "حزب الله" على طريقة "الوكيل الحصري" لها، في هذا التوقيت الذي يصبّ في النهاية في "صندوقة المكاسب" الانتخابية للرئيس دونالد ترامب الذي يُراكم نقاط انطلاق مسار التطبيع العربي مع إسرائيل ليُلاقيه لبنان بقطارِ المفاوضات البحرية التي توصل إلى اتفاقية ترسيم توثق في الأمم المتحدة وتكرّس الاعتراف بـ"إسرائيل"، في حين تطايرتْ القطب المخفية بين سطور الاتفاق الذي أعلنه رئيس البرلمان اللبناني والتي "لم تصمد" طويلاً بعدما أزاح الغبار عنها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، قبل أن ترتسم سريعاً خطوط التسابق اللبناني على "أبوة" هذا "الإنجاز" والإمرة لمَن في مرحلته التنفيذية.

وفي هذا الإطار استوقف أوساطاً مطلعة أن بري حرص وفي "التمهيد" قبل تلاوته الاتفاق الذي حمل عنوان "الاتفاق الإطار العملي للتفاوض حول ترسيم الحدود البحرية والبرية في جنوب لبنان" على التذكير بتلازُم المساريْن براً وبحراً بما أوحى بأن هذه النقطة التي كانت ترفضها تل أبيب نجحتْ بيروت في انتزاعها، قبل أن يكشف بومبيو أن بلاده تتطلّع إلى "محادثات منفصلة على مستوى الخبراء لتحديد القضايا العالقة المتعلقة بالخط الأزرق والتي تُعدّ خطوة إيجابية أخرى لتحقيق الاستقرار الإقليمي"، تاركة هذا المسار في عهدة "التجربة الإيجابية للآلية الثلاثية (الجيشان اللبناني والإسرائيلي عبر اليونيفيل)"، وذلك بعدما رحّب "بقرار حكومتي إسرائيل ولبنان ببدء مناقشات حول الحدود البحرية"، مشيراً الى أن "هذه الاتفاقية التاريخية توسّطت فيها الولايات المتحدة"، ولافتاً إلى أن "هذا الاتفاق يؤمن للجانبين إطار عمل مشتركاً للمناقشات البحرية لبدء المناقشات التي من شأنها أن تؤدي إلى مزيد من الاستقرار والأمن والازدهار للمواطنين اللبنانيين والإسرائيليين على حد سواء"، ومؤكداً أن "إعلان اليوم خطوة حيوية إلى الأمام تخدم مصالح لبنان وإسرائيل والمنطقة والولايات المتحدة".

قلب المعادلة التفاوضية: من جهة أخرى، كشفت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان الموقف الذي صدر في ما خص ترسيم الحدود منسق بين الرئيسين ميشال عون ونبيه بري وجرى اتصال بينهما اول من امس والاتفاق على جميع النقاط التي وردت  كما حصل تواصل مع الفريق الأميركي. وقالت ان الاجتماع الاول سيعقد في منتصف الشهر الجاري في الناقورة، وسيحضره مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الاوسط ديفيد شنكر شخصياً، ويتألف الوفد اللبناني من ضباط من الجيش اللبناني، وخبراء في القانون الدولي، وقوانين المياه، لا سيما قوانين البحار، والحدود الاقليمية.

وفهم من مصادر مطلعة ان الإتفاق يفتح افاقا كثيرة وهناك صلابة ومرونة في أي تفاوض غير مباشر برعاية الأمم المتحدة وبوساطة اميركية. وقالت ان الأميركيين أصبحوا في قلب المعادلة السياسية التفاوضية ذات اهمية سيادية. واشارت الى انه يؤمل الكثير من هذه الخطوة وادركت الولايات المتحدة الأميركية  انه لا بد من التفاوض.

امتعاض دفين: وفي السياق، أشارت "نداء الوطن" الى ان رئيس الجمهورية سارع إلى استنفار صلاحياته المنصوص عنها في أحكام المادة 52 من الدستور، فتعمدّ الترحيب بالإعلان الصادر عن "وزير الخارجية الأميركية" لا عن "رئيس مجلس النواب" حول التوصل إلى اتفاق إطار للتفاوض على ترسيم الحدود بوساطة الولايات المتحدة، تعبيراً عن "امتعاض دفين" من مصادرة الرئاسة الثانية دور الرئاسة الأولى في عملية التفاوض الخارجي، وفق ما لاحظت مصادر مواكبة لـ"نداء الوطن"، مشيرةً إلى أنّ "إعلان بري سحب يده من الملف بعد التوصل إلى اتفاق إطار أتى بدفع من "حزب الله" حفظاً لماء وجه عون، وتمهيداً للإعلان عن أن رئيس الجمهورية من الآن فصاعداً هو من سيتولى المفاوضة بدءاً من تأليف الوفد اللبناني المفاوض ومواكبة مراحل التفاوض".

الجولة الاولى: إلى ذلك، من المتوقع أن تنطلق الجولة الأولى من المفاوضات في منتصف شهر تشرين الأول الجاري، بحسب ما تفيد معلومات حصلت عليها "الشرق الأوسط". وستُعقد المفاوضات غير المباشرة بين الطرفين في مركز الأمم المتحدة في رأس الناقورة في أقصى جنوب غربي لبنان، وفق الآلية نفسها التي تجري فيها اجتماعات اللجنة الثلاثية المؤلفة من الجيشين اللبناني والإسرائيلي وقوات الأمم المتحدة العاملة في الجنوب (يونيفيل)، تحت "علم الأمم المتحدة وبرعايتها"، وبحضور مندوب أميركي هو "وسيط ومسهل" في تلك المفاوضات.

اعتبر متحدث باسم "اليونيفيل" في لبنان أن اتفاق الإطار لإطلاق مفاوضات بين لبنان وإسرائيل حول ترسيم الحدود البحرية بين البلدين "خطوة كبيرة"، مؤكداً  أن الاتفاق "من شأنه أن يخفف التوتر" في المنطقة الحدودية الجنوبية. وأشار لـصحيفة "الشرق الأوسط" إلى أن الترتيبات ستُعلن لاحقاً.

تفاصيل المفوضات: وفي معلومات "الجمهورية" انّ التفاهم على "اتفاق الإطار" الذي اعلن عنه امس واكَبه التفاهم على عقد اول جلسة للمفاوضات بين لبنان واسرائيل في مقر قيادة القوات الدولية "اليونيفيل" في الناقورة، في حضور الوفدين العسكريين اللبناني والاسرائيلي ومساعد وزير الخارجية الاميركية لشؤون الشرق الادني ديفيد شينكر، الذي سيشارك في الجلسة الاولى فقط، إلا اذا دعت الحاجة في بعض المحطات الأساسية منها، كذلك سيحضر قائد القوات الدولية الجنرال ديل كول.

 

وبناء على ما تقدم، سينكَبّ رئيس الجمهورية، وبالتنسيق مع وزارة الدفاع وقيادة الجيش، على تأليف الوفد اللبناني في الايام القليلة المقبلة، على ان يكون برئاسة ضابط كبير من الجيش اللبناني ويعاونه وفد موسّع من كبار الضباط، وتحديداً من المديرية الجغرافية في قيادة الجيش ومجموعة من الخبراء والمستشارين في القانون الدولي، وخصوصاً المتخصّصين في المفاوضات الدولية وقوانين البحار المطّلعين على ما يَتحكّم بها من اتفاقيات دولية لا بد من اعتمادها حفاظاً على حقوق جميع الاطراف.

في سياق متصل، أفادت مصادر صحيفة النهار ان الوفد اللبناني المفاوض سيكون عسكريا ويضم خبراء في القانون والمياه والهندسة، وسيتولى الجيش التفاوض كما يجري الامر في اللجنة الثلاثية اللبنانية الإسرائيلية الدولية التي تجتمع في الناقورة. وستعقد الجولة الأولى من المفاوضات في 14 تشرين الأول الحالي في حضور مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر. 

لا إفراط في التفاؤل: وجنحت مصادر واكَبت المراحل التي قطعها التفاوض في ملف الترسيم في اتجاه عدم الافراط في التفاؤل، وقالت لـ"الجمهورية": "الموضوع أصعب واكثر تعقيداً ممّا نتصوّر، فلا نزال في أول خطوة في طريق الـ1000 ميل المليء بالاشواك والمطبّات، خصوصاً انّ هذا الملف سيكون مرتبطاً مباشرة بأكثر من منحى سياسي ولا تزال الضبابية تلفه في لبنان والمنطقة، والتعاطي معه على أساس انه سلك طريقاً معزولاً بضوء أخضر أميركياً عن الملفات السياسية الحساسة الاخرى هو مغالاة او تمويه ليس إلّا". واضافت المصادر "انّ الجلسة الاولى في 14 تشرين الاول المقبل ستكون شكلية، والهدف منها هو أميركي اكثر منه لبنانياً او إسرائيلياً، لإعطاء الورقة الاضافية لترامب قبل الانتخابات الرئاسية الاميركية من ضمن أوراق يسعى الى تجميعها حالياً بدفع كبير دعماً له في هذه الانتخابات".

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o