Sep 23, 2020 8:58 AM
صحف

المشاورات الحكومية تعود الى السكة...
مبادرة الحريري مرفوضة شيعياً وفرنسا تضغط من جديد وعون ترك المجال أمام الاتصالات

أخذ الرئيس سعد الحريري مجددا المبادرة، وعرض حلا وسطا لفك عقدة حقيبة المالية، وذلك من خلال تسمية رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب لشخصية شيعية مستقلة للمنصب، وهذا المقترح هو بمثابة الفرصة الأخيرة لإنقاذ جهود تشكيل حكومة في لبنان.

وجاء مقترح الحريري بعد يوم من تحذير الرئيس اللبناني ميشال عون من أن البلاد تنقاد نحو الجحيم في حال لم يجر التوصل إلى اتفاق سريع لتشكيل الحكومة.

حتى الساعة، لا تزال الضبابية تلف المشهد الحكومي، في ضوء اصرار الثنائي الشيعي على مطلبه بالحصول على وزارة المالية، على الرغم من كل المبادرات التي تسعى الى كسر الجمود الحاصل على الساحة الداخلية، وكان آخرها تلك التي أعلن عنها الرئيس سعد الحريري أمس، حول قبوله بتسمية شخصية شيعية مستقلة لتولي الوزارة.

الاّ ان هذا القرار، شكل معارضة على الساحة الداخلية من الحلفاء قبل الخصوم. ففي حين لم يصدر اي موقف رسمي من كل من حزب الله وحركة أمل حول هذا القرار، أكد رؤساء الحكومات السابقين، ميقاتي والسنيورة وسلام ان المبادرة شخصية، وانه "بعد الضجة المفتعلة التي أثيرت بشأن حقيبة وزارة المال فإننا نعتبر أنفسنا غير ملزمين بهذه المبادرة. وتبقى القضية الأساس بالنسبة لنا كما هي بالنسبة لسائر اللبنانيين في أهمية الالتزام بالاحترام الكامل والثبات على مبدأ الحفاظ على الدستور".

الى ذلك رتب الرئيس ماكرون فريقه المصغر، وفتح قنوات الاتصال بواشنطن والرياض، حيث هناك من يشبه ثنائية التصعيد والتهدئة في الخلية الفرنسية، فنجح بالحصول على ضوء أصفر فرنسي يتيح له الإقلاع مجدداً بقطار المبادرة، مستنداً الى أنه لم يبادر أصلاً من دون الحصول على مباركة أميركية وسعودية، ووصلت الأصداء للرئيس السابق للحكومة سعد الحريري مشفوعة بتمنيات فرنسية بالإقدام على مبادرة إيجابية، تلقفها الرئيس الحريري منفرداً بعدما فشلت محاولاته في إقناع شركائه في نادي رؤساء الحكومة السابقين بمجاراته ومشاركته في المبادرة.

الرؤساء السابقون: توازيا اوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ«اللواء» ان مبادرة الرئيس الحريري هي ضوء في النفق المظلم دون أن تستبعد ان يكون نسقها مع نادي رؤساء الحكومات السابقين وان اتى ببان هؤلاء ليقول ان مبادرنه شخصية في حين ان ما حصل هو توزيع ادوار لا اكثر ولا اقل ومن الواضح ان خلية الازمة الفرنسية تحركت على خط الحريري ادى الى هذا الموقف.

وفشل الرئيس السابق فؤاد السنيورة في تحريض المجلس الشرعي الإسلامي ودار الفتوى على الحريري، فأصدر الحريري موقفاً أعلن فيه موافقته على تسمية وزير شيعي لحقيبة المالية، على أن يتولى الرئيس المكلف بالمهمة، بالتنسيق والتعاون مع رئيس الجمهورية، من دون تثبيت ذلك عرفاً أو حقاً مكتسباً، وبدت مبادرة الحريري المدعومة فرنسياً، بداية اختراق نوعيّ كسر جليد الجمود، حيث توقعت مصادر على صلة بالملف الحكومي لل"البناء"، أن يتلقف الثنائي مبادرة الحريري بإيجابية تساعده على النزول عن الشجرة التي صعدها، بإلصاق المداورة بالمبادرة الفرنسية، بهدف حشر الثنائي والاعتقاد بفرصة انتزاع تنازل منه يصوّر كهزيمة أنتجتها العقوبات الأميركية. وقالت المصادر إن الرئيس الفرنسي سيوفد مندوباً رفيعاً يرجّح أن يكون مدير المخابرات الفرنسية برنار ايميه إلى بيروت لمواكبة الاتصالات الحثيثة لتشكيل الحكومة عن قرب. كما توقعت أن يزور الرئيس المكلف مصطفى اديب بعبدا للبدء بخطوات ملموسة بالتشاور مع رئيس الجمهورية حول حكومة جديدة يرجّح أن تكون من ثمانية عشر وزيراً، يتشارك أديب مع الرئيس ميشال عون في التداول بأسماء وزرائها وحقائبهم، بمعونة فرنسية، وصولاً لولادة قريبة لا تتعدى مهلتها نهاية الأسبوع للحكومة الجديدة.

الحريري والعقدة الشيعية: ورأت مصادر سياسية ان مبادرة الرئيس الحريري لحل عقدة تشبث الثنائي الشيعي بحقيبة وزارة المال تحمل في طياتها أكثر من رسالة ومؤشر اولها واهمها، الحرص على إنقاذ المبادرة الفرنسية من السقوط المحتم بعد تطويقها من قبل حزب الله بهذا الشرط التعجيزي ومبادلة تحرك الرئيس الفرنسي بكل ايجابية وتقدير لاظهار مدى ماتعنيه هذه المبادرة من إهتمام لتأمين كل مقومات نجاحها، وثانيا التصرف بمسؤولية منقطعة النظير حفاظا على مصلحة اللبنانيين ومنع انزلاق لبنان نحو التدهور المريع الذي بات يلوح بالافق جراء تداعيات الأوضاع الاقتصادية والمعيشية نحو الأسوأ بالرغم من كل ما يترتب على هذه التنازل من تذمر واستياء بمؤيديه وقاعدته الشعبية عموما وثالثا، قطع الطريق على نوايا حزب الله المبيتة من طرح عقبة التشبث الشيعي بوزارة المال وكيفية تعاطيه مع عملية تشكيل الحكومة الجديدة ككل بعد ذلك  واخيرا والمهم بالمبادرة التاكيد على الالتزام الكامل بالدستور اللبناني والرفض القاطع لتكريس هذه الواقعة كعرف في تشكيل الحكومات المقبلة.

مصادر مطلغة لـ"الجمهورية" أشارت الى أن الموقف الشيعي لم يتبدّل بعد كلام الحريري ولا يمكن للحريري أن يعطي لنفسه او للرئيس المكلف حق تسمية وزير مال شيعي أو أي وزير شيعي آخر
وكشفت المصادر لـ"نداء الوطن" أنّ بيان الحريري جاء "نتيجة اتصالات مكثفة خلال الساعات الـ48 الماضية بينه وبين الرئيس الفرنسي من دون تنسيق مع أي طرف آخر، وخلصت المشاورات إلى فكرة طرح هذه المبادرة، فتواصل الحريري مع الرئيس المكلف ولمس منه قبولاً وترحيباً بالفكرة مع التأكيد على ضرورة ألا يتحول إسناد حقيبة المال لوزير شيعي إلى عرف دستوري فكان تشديد على وجوب اعتماد هذه المبادرة الإنقاذية "لمرة واحدة" بما يفضي إلى تسمية أديب وزيراً شيعياً لحقيبة المال أسوةً بتسميته سائر الوزراء الآخرين في تشكيلته الوزارية".واوضحت مصادر مواكبة لعملية تأليف الحكومة لـ"اللواء" ان مبادرة الرئيس الحريري هي ضوء في النفق المظلم ومن الواضح ان خلية الازمة الفرنسية تحركت على خط الحريري ادى الى هذا الموقف وهناك انتظار الموقف الرسمي للثنائي الشيعي ومبادرة الرئيس المكلف وعليه ان يحضر الى قصر بعبدا بتشكيلة حكومية على ما اتى في المداخلة الحكومية لرئيس الجمهورية.

وقالت ان التأليف يبقى رهن وفق نصوص الدستور اتفاق رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة المكلف وما يمكن التأسيس عليه على مبادرة الحريري قد يكون من السابق لأوانه بأنتظار الترجمة العملية التي سوف يتم التعبير عنها في مشروع التشكيلة الحكومية التي يتقدم بها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية ومن ثم موقف الثنائي الشيعي الرسمي، ولفتت الى انه لا بد من انقاذ المبادرة الفرنسية وهناك انتظار تبلور المواقف الحاسمة.

ودعت مصادر مطلعة إلى التركيز على الاجتماعات التي عقدت في القصر الجمهوري وآخرها الاجتماع المالي في ما خص مواصلة الدعم للمواد الأوّلية. إلى ذلك، أوضحت مصادر قصر بعبدا ان هناك انتظار للخطوة التي تلي مبادرة رئيس الجمهورية أمس وقالت ان هناك اتصالات حكومية لكن لا شيء عملانياً بعد ولم يرصد أي اتصال بين الرئيس عون ورئيس الحكومة المكلف.

ولفتت إلى ان ردود الفعل على المبادرة الرئاسية لم تظهر على شكل مواقف رسمية مؤكدة ان الرئيس عون فتح الباب امام حل وهو ترك المجال امام الاتصالات قبل ان يتقدّم بالمبادرة وما قام به يأتي من باب الحرص على تأليف الحكومة والخروج من الأزمة الراهنة والأمر متروك للافرقاء ولرئيس الحكومة المكلف.

ونفت المصادر ان يكون ساير فريق على حساب آخر إنما طرح حلاً يعد الأمثل وان أي تشابه بين ما طرحه وما تحدث عنه التيار الوطني الحر لا يُشكّل مانعاً إنما فكرة المبادرة كانت في ذهن رئيس الجمهورية منذ أكثر من أسبوع وخصوصاً عندما بدأت الأزمة الحكومية بالظهور.

وتوقفت عند كلمة "جهنم" التي ذكرها رئيس الجمهورية ولفتت إلى انه قصد بها الانهيار والتدهور وأوضحت ان هناك من يريد إطفاء الضوء على المبادرة الرئاسية وتسليط الأمور على الشكليات وهدف هؤلاء الهروب من تحديد الموقف من الأساس أي هذه المبادرة.

وفي وقت رأت فيه أوساط سياسية لـ"الأخبار" أن "قرار الحريري قد يكون مقدمّة لتذليل العقدة، أي وضع الكرة في ملعب الرئيس المكلف وفتح الباب أمامه للاتفاق مع الثنائي على اسم وزير للمالية، تحت عنوان وزير مستقلّ"، اعتبرت الأوساط أن ذلك لا يعني الإفراج عن الحكومة، فهناك عقبات كثيرة تتعلق "بإدارة التشكيل مع الرئيس ميشال عون والحصة المسيحية، فهل سيقبلَ عون بأقل مما قبِل به الثنائي، أي اختيار الوزارات وتسمية الوزراء"، وهل "سيبقى الوزير جبران باسيل على تعفّفه بالبقاء خارج الحكومة، وسيقبل بأن يُعطي الحريري وزارات لجهة معينة ويمنع وزارات عن جهات أخرى، أم سيفتَح هذا الأمر شهيته من جديد للتفاوض على حصته الى جانب رئيس الجمهورية"؟

الثنائي الشيعي يرفض المبادرة؟: وفي حين ساد انطباع مبدئي لدى بعض الأفرقاء مساءً يراهن على تعامل "حزب الله" وحركة "أمل" مع مبادرة الحريري "بعقلانية" فيسارعا إلى تلقفها باعتبارها "مخرجاً معقولاً" للأزمة الحكومية شرط عدم إفساح أي مجال لفتح أي "بازار جديد" يتعلق بالحصص والحقائب بشكل يستنزف مزيداً من الوقت في عملية ولادة الحكومة، نقلت في المقابل أوساط مقربة من الثنائي الشيعي لـ"نداء الوطن" أجواء مناهضة لهذه المبادرة من جانب قيادتي الثنائي مؤكدةً أنهما "لا تزالان متمسكتين بوجوب تسمية وزرائهما الشيعة بنفسيهما، ويعتبران أنّ الحريري بمبادرته هذه إنما تقدم شكلياً خطوة إلى الأمام لكنه في الجوهر لم يقدم جديداً يمكن البناء عليه في سبيل حل إشكالية حقيبة المالية". وقالت: "البيان (بيان الحريري)، يظهر بالشكل انه خطوة إلى الامام بينما هو خطوة إلى الوراء‎..". وفي السياق، اياه، تحدثت مصادر "الثنائي" انه يتمسك بتسمية الوزراء الشيعة بالتفاهم مع الرئيس المكلف

ولعل المفارقة اللافتة تمثلت في ان محطة "المنار" سارعت الى نقل أجواء منسوبة الى مصادر الثنائي الشيعي تساءلت عبرها "كيف يسمح الحريري لنفسه بان يحدد ويشترط في تسمية الوزير الشيعي"؟ كما نقل عن مصادر حركة "امل " ان النقطة التي وردت في بيان الحريري عن مرة واحدة فقط بالنسبة الى اسناد حقيبة المال الى شيعي ليست هي ما يطالب به الثنائي الشيعي.

أديب يدرس خياراته: إلا إن "الفتور الشيعي" إزاء مبادرة الحريري لم يمنع التحركات الحاصلة من احداث خرق في عملية التأليف، فبدءاً من اليوم، يتعين ان تحدث مقاربة جديدة للموقف المربك، والجامد حكومياً، عبر اتصالات يقوم بها الرئيس المكلف مع الكتل، وعلمت "اللواء" ان حركة إتصالات واسعة جرت ليل امس لبلورة اللمسات الاخيرة للتشكيلة الحكومية، ومن المرتقب ان يزور الرئيس المكلف مصطفى اديب ظهر اليوم رئيس الجمهورية ميشال عون في بعبدا ويقدم اليه التشكيلة الحكومية في حال تم الإنتهاء من وضعها بصيغتها النهائية ليلاً، وسط استعجال فرنسي واوروبي.

الى ذلك، قالت مصادر قريبة من أديب لـ"الأخبار" إنه "يدرس خياراته كافة، ولديه مروحة واسعة منها، بدءاً بالمضي في التأليف، وصولاً إلى الاعتذار. وهو سيتشاور مع رؤساء الحكومات السابقين جميعاً، ومع الفرنسيين، كما مع رئيس الجمهورية، لاتخاذ القرار المناسب".

التيار يرحب بمبادرة الحريري: في المقابل، قالت مصادر مسؤولة في "التيار الوطني الحر " لـ"النهار" تعليقا على مبادرة الحريري ان التيار يرحب بكل خطوة تدفع الى المساعدة في تأليف الحكومة اذا كانت قائمة وفق قواعد الدستور ووفقا لوحدة المعايير والتوافق الوطني وليس نتيجة فرض قوة ضغط. واشارت الى "ان موقف التيار ورئيس الجمهورية مع تسهيل الولادة الحكومية وإزالة العراقيل ونتمنى الا تكون خطوة الحريري نصف خطوة الى الأمام".

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o