Sep 19, 2020 12:48 PM
خاص

الثنائي الشيعي "المحاصر" يفجر المبادرة الفرنسية
ماكرون يخاطر برصيده واللبنانيون يبادلونه بالنكايات السياسية

المركزية – مع اقتراب انتهاء المهلة الإضافية التي نالتها المبادرة الفرنسية من اجل اعطاء المزيد من الوقت لتشكيل "حكومة المهمة" تقلص هامش المناورة لدى الكثير من الأطراف الذين اضطروا الى الكشف عن مواقفهم بشكل صريح ادى الى عرقلة المساعي المبذولة من اجل اتمام الخطوة والتفرغ للخطوات اللاحقة الأخرى. فقد بات واضحا ان التأخير في ولادة الحكومة سينعكس بطئاً في السعي الفرنسي الى مؤتمر جديد للمانحين كان من المتوقع عقده في منتصف تشرين الاول المقبل لتقديم المزيد من المساعدات للبنان. ولذلك فان ما حصل الى اليوم ادى الى فرملة كل النشاطات التي كان يمكن ان تواكب المراحل التي تحدثت عنها خريطة الطريق الفرنسية الى الحل.

على هذه الخلفيات، عبرت مراجع دبلوماسية غربية عبر "المركزية" عن قلقها من طريقة التعاطي مع المبادرة الفرنسية التي انطلقت بتفاهم ودعم دوليين كان كافيا لاطلاق "خريطة الطريق" التي رسمتها لو واكبها اللبنانيون والتزموا بمقتضيات تشكيل "حكومة مهمة" التي حددت مقوماتها بشكل لا يحتمل اي جدل او التباس وخصوصا لجهة كيفية اختيار الوزراء المتخصصين المستقلين والحياديين من غير الحزبيين المتأثرين بالانقسامات الداخلية التي قادت الى فشل اركان السلطة في ادارة شؤون البلاد. فالجميع يعرف المواصفات التي حددت انطلاقا من كيفية اختيار الرئيس المكلف السفير مصطفى اديب الذي لقي ترحيبا من "الثنائي الشيعي" بطريقة اوحت انه هو من نبشه وسماه وكلفه قبل رؤساء الحكومات السابقين الذين اختاروه. وكان الرهان كبيرا على قدرة مثل هذا الفريق على ادارة المرحلة الانتقالية على خلفيات متعددة ابرزها ما امتلكه من دعم خارجي واقليمي في اعقاب سقوط حكومة الرئيس حسان دياب التي اعتقد البعض واهما انها من التكنوقراط والمستقلين قبل ان تظهر وجهها الحزبي والطائفي. ولعل بعض الامتحانات التي خضعت لها في المحطات السياسية والنقدية تحديدا ادت الى اعلان فشلها من اهل البيت قبل غيرهم من المعارضين وعجزها عن إدارة المرحلة الانتقالية قبل انفجار المرفأ فكيف بالنسبة الى الوضع الذي نشأ من بعده. ما شهدته تلك المرحلة من تخاذل وغياب شبه تام للدولة ومؤسساتها كان صعبا تفهمه على المستوى الدولي الذي لبى الدعوة الى ملء الفراغ على الرغم من القطيعة التي كان يفرضها على فريق الحكم  والمؤسسات الرسمية الحكومية والسياسية. كل ذلك جرى بالحد الادنى من التنسيق والتعاون مع هيئات المجتمع المدني والشعبي وتلك التي ولدت تحت وقع الصدمة، عدا عن المبادرات التي شارك فيها طلاب الجامعات الخاصة والمدارس والجيش اللبناني وما قامت به بلديات مختلفة ومنظمات اممية.      

وتعتقد المراجع الدبلوماسية ان طريقة التعاطي مع المبادرة الفرنسية كانت جيدة حتى الايام الاخيرة لمهلة الاسبوعين التي حددها الرئيس ماكرون قبل ان يرفع الثنائي الشيعي من مواقفه وسقوفه العالية متمسكا بحقيبة المالية بطريقة ادت الى تعطيل مبدأي الحيادية والمداورة بين الحقائب والمساعي المبذولة من اجل تشكيل حكومة مستقلة من المتخصصين. وان رفع الثنائي الشيعي الحجة لتبرير مواقفه ردا على العقوبات الاميركية التي استهدفت ابرز معاوني رئيس مجلس النواب نبيه بري وزير المالية السابق النائب علي حسن خليل كما على خلفية تحميل رؤساء الحكومات السابقين المسؤولية عن محاولة اقصاء الشيعة عن حقيبة المالية، رغم التفاهم المسبق على المداورة بين الحقائب المختلفة بغية ضخ دم جديد واجراء التغيير المطلوب في إداء الحكومة الجديدة بعيدا من اي اصطفاف سياسي او حزبي او طائفي. وهو ما ادى الى كربجة العملية التي كانت جارية وفق آلية جديدة لم يعهدها اللبنانيون من قبل.

من هذه المنطلقات بالذات، حرصت الادارة الفرنسية على رفض الربط الذي اقامه البعض بين العقوبات الأميركية وعملية تشكيل الحكومة على اعتبار انها آلية اميركية معتمدة قائمة منذ سنوات ومستمرة بمراحلها المقررة وفق الاجندة الاميركية  بمعزل عن عملية تأليف الحكومة. لكن الثنائي الشيعي المحاط بحصار لا سابق له من الداخل والخارج بقي وحيدا معاندا رافعا سيف الميثاقية بوجه الرئيس المكلف ومن خلفه بوجه كل من الرئيسين الفرنسي ايمانويل ماكرون واللبناني ميشال عون غير آبه بالنتائج السلبية الخطيرة المترتبة عليها دافعا بوهج السلاح الى الواجهة وكأن المرحلة تحتمل انقلابا يمكن ان يحققه في النظام قبل التفاهم على آليات أخرى قد تفرض تعديلات .

ومن دون الدخول في الكثير من التفاصيل، ترى المراجع الدبلوماسية مخاطر كبرى في حال استمر الفشل في الاقلاع من اي نقطة للخروج من الازمة او على الاقل عبور المرحلة الحكومية الأولى مما هو مرسوم من خريطة الحل الطويلة المدى. واعتبرت ان الموقف الشيعي ادى الى تصلب سني مماثل يضع لبنان بكامله امام مجموعة من الاستحقاقات سبق لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي ان لوح بواحدة منها ناعيا "لبنان الكبير" وكأنه يوحي باحتمال ان تلجأ كل مجموعة الى منطقتها المحصنة من اجل ادارة نفسها بنفسها ان فشل الرئيس الفرنسي في مبادرته على وقع المغامرة التي قام بها مخاطرا برصيده الاوروبي والعالمي من اجل انقاذ لبنان وفي حال اثبت رئيس الجمهورية عجزه ومعه اركان السلطة عن احداث اي خرق يحمي وحدة المؤسسات وهو ما سيؤدي الى ما لا تحمد عقباه.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o