Sep 18, 2020 6:58 AM
مقالات

أين يقع لبنان من مناخ السلام العربي مع إسرائيل؟

كتبت ثريا شاهين: تلاحظ مصادر ديبلوماسية عربية أن لبنان لم يعبّر عن موقف محدّد من توقيع الإمارات والبحرين اتفاقيتي سلام مع إسرائيل. وجاءت تفاصيل ما حصل في الاجتماع الأخير لوزراء الخارجية العرب في الدورة 154 العادية، مناسِبة جداً للبنان، لناحية الابتعاد عن الاحراج وعدم تناول هذا الموضوع لا من قريب و لا من بعيد.

وتفيد هذه المصادر ان الدول العربية تنقسم الى أربعة أقسام، بالنسبة إلى موضوع العلاقات مع اسرائيل.

الأول، الدول الخليجية مع مصر وهي مُرَحِّبة بذلك. ومصر تحديداً لا تريد أن تسيء علاقاتها مع الامارات.

الثاني، دول مثل الأردن محرجة لأن ثلاثة أرباع شعبها فلسطيني الأصول. فلا تريد الاحراج في ذلك، وفي الوقت نفسه لا تريد أن تسيء علاقاتها مع الولايات المتحدة.

الثالث، دول يسودها الصمت، لأنها ستنضمّ إلى القافلة السلمية مع إسرائيل. مثال على ذلك السودان والمغرب، حيث تتوقع المصادر ان تكونا الدولتان اللتان ستتبعان خط الإمارات والبحرين قريباً جداً.

والرابع، دول مثل لبنان، لا تملك موقفاً علنيّاً، لكنها اذا أُحْرِجَت لاتّخاذ موقف، أو أن تصوّت، ستمتنع عن التصويت. لكن موقفه هو مع المبادرة العربية للسلام، ومع حق العودة للفلسطينيّين، وضد التطبيع، ومع رفض التوطين.

وما حصل خلال الدورة 154، اعفى لبنان من اتخاذ موقف علني. فالرّئاسة الفلسطينية للدورة استشفّت الجو الإيجابي العربي العام من العلاقات والاتفاقات مع إسرائيل. وهي عمدت الى عدم فتح نقاش حول ما قامت به الإمارات والبحرين. اذ أنه حصل تباين في النص الذي كان يعد لاستصدار قرار، بين المصريين والاردنيين من جهة، وبين الامارات والبحرين من جهة ثانية. وبعد حصول اتصالات فلسطينية - بحرينية - مصرية - إماراتية - أردنية لطرح حلول وسط، رأى الفلسطينيون أن يضيفوا الى عبارة التمسك بالمبادرة العربية للسلام، عبارة "وإدانة من يخالف أحكامها". فرفضت الإمارات والبحرين ذلك، ومصر أيضاً. فما كان من الرئاسة الفلسطينية للدورة الا ان رفعت الجلسة، ولم يحصل قرار حول ذلك.

وفي الاساس لم تحصل مداولات رسمية حول الموضوع، وتُرك الامر للمشاورات الجانبية.

أما لبنان فلم يعبّر عن موقفه خلال ذلك كلّه، مثله مثل دول عدة. وموقفه معروف كما أسلفنا، إنما لو طرح الأمر على التصويت، لكان امتنع ليس أكثر، لأنه لا يريد سوء العلاقات مع كل من الإمارات والبحرين. وكان لبنان يتمنى ألا يطرح التصويت، لأن مبدأه الأساسي التمسك بالمبادرة العربية للسلام.

ومنذ بدأ الإجتماع، كان جلياً، اما أن يكون هناك نصٌّ توافقيّ، أو لا نصّ أبداً. ولم ينتج عن الدورة أيّ موقف عربي حيال الاتفاقات السلمية مع إسرائيل.

والأكيد أن لبنان في حالة وجود نص توافقي، لم يكن ليعترض عليه، أو ليتحفظ عليه. الفلسطيني قلب الطاولة في وجه الجميع، وأحرج العرب بأنه لا يمكنهم الاتفاق على شيء.

والآن، وفق المصادر، ان ما يسود العرب هو مناخ من الهرولة الى التطبيع.

واذا حصل السودان على ضمانات جدية بإزالته عن لائحة العقوبات، سيسير حتماً في التطبيع. ويلي السودان، المغرب، ثم موريتانيا، التي كانت لديها علاقات مع اسرائيل، وجمدتها في مرحلة ما عند فشل المبادرة العربية للسلام. أما الكويت والسعودية، فيسود موقفهما التريث في الوقت الحاضر، لأن التطبيع لا يزال صعباً بالنسبة إليهما.

لبنان الآن، بالنسبة الى العرب، في مرحلة دولة منهارة، وهو يجهد للملمة مساعدات انسانية واعمارية من هنا وهناك. وفي هذه المرحلة لا يمثل ثقلاً معيناً، بسبب ما فعله حكامه به. مع الاشارة الى أن لبنان آخر من يوقع على سلام مع اسرائيل، وهذا مؤكد. هكذا ينظر إليه العرب اليوم، في الواقع. لذلك، ليس من هرولة عربية إلى لبنان، من أجل حضّه على التوقيع مع اسرائيل، و يدرك العرب أنه لن يوقع الآن. الآن يهم الولايات المتحدة توقيع المغرب لأن مَلِكُهُ من سلالة الرسول، وهو المسؤول عن الحرم القدسي. والسودان يهمهم أيضاً، لأنه يشكل المخزون الاستراتيجي للغذاء العالمي.

وتلفت المصادر الديبلوماسية العربية الى أن الدول العربية التي وقّعت سلاماً مع اسرائيل، مثل مصر والاردن، لم تصل إلى مرحلة تطبيع العلاقات لا سيما بين الشعوب. الإماراتيّون والبحرينيّون يتقبلون الآن التطبيع، على عكس المصريين والاردنيين. بينما يسير الشعبان الاماراتي والبحريني بالتطبيع بطريقة لافتة.

وتؤكد المصادر ان للاتفاقات السلمية الحاصلة بُعداً إيرانيّاً أولاً، اذ أن الامر رسالة خليجية موجهة الى إيران حول تدعيم الامن عبر العلاقة مع اسرائيل. وثانياً بُعد يتعلّق بالحفاظ على التسليح الاميركي للخليج، بحيث يتعزز التسليح في ظلّ الصلح مع اسرائيل، ويتباطأ في ظل عدم الاتفاق معها. أما البُعد الثالث فيتعلّق بالمقاومة وحزب الله إذ أنّ ما يحصل من اتفاقات هو رسالة مباشرة إليهما بأنّ المقاومة بالشكل الذي تحصل فيه لم تعد تنطلي على أحد.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o