Sep 05, 2020 8:14 AM
صحف

واشنطن لا تميز بين جناحي "حزب الله" العسكري والمدني و"التنسيق ليس موافقة"
هذا ما أبلغه شينكر للنواب المستقيلين

بين بومبيو وشينكر وشيا، يعتبر البعض أنّ الضبابية هي المهيمنة على الموقف الأميركي تجاه الحراك الفرنسي في لبنان، إلّا أنّ العكس هو الصحيح، حيث إنّ التصريحات الثلاثة تكشف حقيقة موقف الولايات المتحدة من المساعي الفرنسية...

وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو عبّر عن أنّ "التنسيق قائم بين أميركا وفرنسا في لبنان"، كما أنّ شينكر قال عشية توجّهه لبيروت: "إننا على اتصال دائم مع الفرنسيين حول لبنان"، لكن تصريح السفيرة الأميركية لدى لبنان دوروثي شيا في حديث صحافي كان مختصرًا أوضحت مدى التنسيق قائلة: "اقتراحات الفرنسيين تخصّهم وحدهم"، ما يشير حتمًا إلى أنّ وجود التنسيق لا يعني أبدًا "الموافقة التامة" على كلّ المقترحات الفرنسية لمعالجة الأزمة في لبنان.

مصادر أميركية أكّدت أنّ التنسيق لا بدّ منه بين باريس وواشنطن، حيث إنّ فرنسا هي حليف تاريخي واستراتيجي للولايات المتحدة وعضو في حلف شمال الأطلسي (النّاتو)، لكن يبقى هناك اختلاف في وجهات النّظر في بعض النّقاط الرئيسية في الملف اللبناني، وأبرزها حزب الله، الذي تتبنّى فرنسا نظرية الفصل بين جناحيه السياسي والعسكري، بينما الولايات المتحدة تصرّ على التعامل معه كمنظمة إرهابية. وهذا الخلاف ظهر في كلام شينكر الذي قد يُعتبر ردًا غير مباشر على كلام ماكرون، إذ قال إنّ "الحزب ليس منظّمة سياسية شرعية رغم حيازته على عدد كبير من الأصوات".

شينكر عائد إلى لبنان بعد أسابيع للقاء المسؤولين، الذين عليهم أن يتحضّروا جيدًا لما سيسمعونه بالإضافة إلى ما تريد واشنطن منهم تقديمه في ملف ترسيم الحدود وصواريخ حزب الله الدقيقة ومراقبة الحدود والمرفأ والمطار

الخلاف بين واشنطن وباريس لا ينحصر فقط في التعامل مع حزب الله، بل مع منظومة الحكم الكاملة في لبنان، التي تعتبرها بعض الآراء في الإدارة الأميركية "متواطئة" في الفساد مع حزب الله. حيث إنّ كلّاً منهما يغطّي الآخر، وهذا ما نتج عنه بحسب الدوائر الأميركية "الانفجار في مرفأ بيروت" ضمن تنسيق عمل "الميليشيا ومنظّمات الفساد والنهب". وهذا التنسيق بالمفهوم الأميركي سيُحاسَب قريبًا ضمن إطار قانون ماغنيتسكي. وتقول مصادر أميركية إنّ عليهم ألّا يسألوا بعد اليوم عن العقوبات إن كانت ستأتي أم لا، بل أن ينتظروا دخولها حيّز التنفيذ.

وتشير مصادر الخارجية الأميركية لـ"أساس" إلى أنّ شينكر عائد إلى لبنان بعد أسابيع للقاء المسؤولين، الذين عليهم أن يتحضّروا جيدًا لما سيسمعونه بالإضافة إلى ما تريد واشنطن منهم تقديمه في ملف ترسيم الحدود وصواريخ حزب الله الدقيقة ومراقبة الحدود والمرفأ والمطار.

المصادر الأميركية تقول إنّ واشنطن وباريس تختلفان على الملفّ اللبناني منذ اللقاءات الثلاثية التي كانت تعقد في أواخر العام 2019 بين شينكر والفرنسي كريستوف فارنو والبريطانية ستيفاني القاق، وأنّه ليس جديدًا

الخلاف الجوهري في النظرة إلى حزب الله بين أميركا وفرنسا والتعامل معه، يؤكّد نظرية أنّ "التنسيق لا يعني أبدًا الموافقة". فواشنطن تعلم أنّ لباريس مصالح في لبنان وواشنطن تضمنها لها من مبدأ الشّراكة الإستراتيجية والتحالف، وذلك كونه على ساحل المتوسّط الذي يشهد صراعًا بين دول متعدّدة عماده فرنسا وتُركيا، يظهر خلاله انحياز الولايات المتحدة لفرنسا. وهذا ما عبّر عنه بومبيو في مؤتمره الصحافي الأخير بقوله: "ليس مجدياً زيادة التوتر العسكري في المنطقة"، وتبعه رفع لحظر السّلاح عن قبرص، ما أثار غضبًا في الأوساط السياسية التركية من هذه الخطوة التي يعتبرها المراقبون تصبّ في مصلحة الأوروبيين ورسالة أميركية لأردوغان. والأخير هاجمته الخارجية الأميركية قبل أيّام ببيان شديد اللهجة على خلفية استقباله وفداً "حماس". وقالت مصادر الخارجية لـ"أساس" إنّ أردوغان جالس من تصنّفهم واشنطن بـ"إرهابيين"، خصوصًا الثنائي "التركي- الإيراني" اسماعيل هنية وصالح العاروري المدرج على قوائم الملاحقة الإرهابية، بالإضافة إلى أنّ أردوغان يرتكب أخطاءً تضرّ بمصالح واشنطن الاستراتيجية بتحرّشه الدائم باليونان (العضو بحلف الناتو) وقبرص وبقوات سوريا الديمقراطية، بالإضافة إلى تنسيقه مع روسيا وإيران لتقاسم المصالح في سوريا وليبيا، وإصراره على شراء منظومة الـ S 400 الروسية، التي قد تُعرّض تركيا إلى عقوبات أميركية.

المصادر الأميركية تقول إنّ واشنطن وباريس تختلفان على الملفّ اللبناني منذ اللقاءات الثلاثية التي كانت تعقد في أواخر العام 2019 بين شينكر والفرنسي كريستوف فارنو والبريطانية ستيفاني القاق، وأنّه ليس جديدًا. ومن الواضح أنّ باريس تحاول أن تكسب للبنان بعض الوقت إلى حين اتضاح نتائج الانتخابات الأميركية ومصير الاتفاق المنتظر بين أميركا وإيران بعد الانتخابات، إذ إنّ باريس تخشى أنّ الفوضى في لبنان لا تصبّ إلا في مصلحة إيران على الساحة الشيعية وتركيا على السّاحة السّنية... فهل تتولّى واشنطن تقليم أظافر إيران وفرنسا تقليم الأظافر التركية في المتوسط؟

الى ذلك أكد مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط ديفيد شينكر، أن رزمة جديدة من العقوبات الأميركية ستصدر في الأسبوع المقبل. وقال إن واشنطن لا تميز بين جناحي "حزب الله" العسكري والمدني، ورأى أن لا مبرر لمثل هذا التمييز؛ لأنهما يتبعان قيادة واحدة، كما أن الحزب يتدخل في الشؤون الداخلية لعدد من الدول العربية، ويرعى مجموعات تعمل لزعزعة الاستقرار فيها، ويشكل الذراع الأمنية والعسكرية لإيران.

موقف شينكر هذا نقله عنه عدد من النواب المستقيلين من البرلمان، كان قد التقاهم في مقر "حزب الكتائب" في بكفيا، وهم: مروان حمادة، وسامي الجميل، وهنري حلو، وبولا يعقوبيان، ونعمت أفرام، ونديم الجميل، وإلياس حنكش، وغاب عن اللقاء ميشال معوض لوجوده خارج البلاد.

وتجنب شينكر كما نقل عنه النواب المستقيلون لـ«الشرق الأوسط» الدخول في تفاصيل هذه العقوبات، وما إذا كانت تشمل أسماء جديدة من «حزب الله» أو حلفاء له أو جمعيات ومؤسسات تابعة للحزب.

ومع أن بعض الحضور أصر على طرح مجموعة من الأسئلة ذات الصلة برزمة العقوبات، فإن شينكر جدد قوله بأنها "ستصدر، وانتظروا الأسبوع المقبل لمعرفة كل التفاصيل، وإن كان عدد الأشخاص المشمولين بها ليس بكبير".

ولفت شينكر إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب على تفاهم مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل أن يطلق مبادرته لإنقاذ لبنان، وقال إن تفاهمهما يوفر كل دعم لخريطة الطريق الفرنسية التي تبناها جميع من التقاهم الرئيس الفرنسي في زيارته الثانية لبيروت.

وشدد شينكر كما نقل عنه الذين التقاهم في بكفيا على أن الأولوية تبقى للإصلاحات ومكافحة الفساد، ومن دون تحقيقهما فلن يتمكن لبنان من الحصول على مساعدات مالية واقتصادية تؤدي إلى انتشاله من الهاوية التي يوجد فيها الآن.

واعتبر أن المبادرة الفرنسية ما هي إلا خريطة طريق لحل مرحلي ينطلق من تحقيق الإصلاحات المالية والإدارية، على أن يأتي لاحقاً البحث في الإصلاحات السياسية.

وفسر بعض من التقاهم شينكر إصراره على حصر لقاءاته بقائد الجيش العماد جوزف عون والنواب المستقيلين وممثلين عن المجتمع المدني، بأنه أراد أن يقطع الطريق على من يحاول التذرع بأن اجتماعاته بأركان الدولة وبأطراف معنية بتأليف الحكومة الجديدة أدت إلى تأخير ولادتها، بسبب تدخله في عملية التأليف.

ناهيك أن شينكر ليس في وارد تعويم هذا الفريق أو ذاك مع بدء المشاورات لتشكيل الحكومة، وبالتالي غابت مثل هذه اللقاءات عن جدول أعماله، ولم تشمل أركان الدولة ولا أسماء في الحكومة الراحلة.

وتجنب شينكر التعليق على قول عدد من النواب المستقيلين، ومن بينهم مروان حمادة، بأنهم يخشون من أن تكون الحكومة الجديدة رديفة لسابقتها؛ خصوصاً أن الجميع ينتظرون تشكيل حكومة لن تكون على شاكلة حكومة الرئيس حسان دياب وتعمل لإنقاذ البلد.

وتطرق إلى الأزمة الاقتصادية والمالية، وقال إن لبنان يمر في أزمة غير مسبوقة، وأنه في حاجة إلى مساعدات مالية مشروطة بإقرار خطة الطريق الفرنسية، على أن تتجاوز الدفعة الأولى 4 مليارات دولار.

وأبدى تفهمه لعدم إدراج مطلب الدعوة لإجراء انتخابات نيابية مبكرة في الورقة الفرنسية، وقال إن هذه الدعوة تبقى مثالية وليست واقعية، ونحن نلتقي مع ماكرون في هذا الخصوص، نظراً لوجود عوائق دستورية تحول دون إنجازها قبل موعدها؛ لأن المعبر للوصول إليها يواجه صعوبة ما دامت أكثرية النواب لا يوافقون على التقدم باستقالاتهم التي تدفع باتجاه حل البرلمان، وعندها توجه الدعوة لإجراء انتخابات مبكرة. ولفت شينكر إلى أن التأزم الذي يمر فيه لبنان لا يسمح بربط مصير إنقاذه بما بعد إجراء الانتخابات الرئاسية الأميركية، وقال إن من يراهن على تبدل الموقف الأميركي في حال وصول جو بايدن إلى البيت الأبيض، سيكتشف أن رهانه ليس في محله؛ لأن الثوابت السياسية الأميركية لا تتبدل؛ خصوصاً بالنسبة إلى التمدد الإيراني في المنطقة والموقف من «حزب الله».

ترسيم الحدود: وأكد شينكر أنه عائد إلى بيروت قبل نهاية هذا الشهر، للبحث في ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل في ظل تعذر الوصول إلى تسوية، وقال إنه كان يتمنى أن يُدرج اقتراح البطريرك الماروني بشارة الراعي بدعوته للحياد الناشط كبند في خريطة الطريق الفرنسية.

وعلمت "الأخبار" أن نائب مساعد وزير الخارجية الأميركي ديفيد شينكر التقى المستشار الإعلامي لرئيس مجلس النواب، علي حمدان، بطلب من المسؤول الأميركي، وذلك من أجل النقاش في ملف ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وفلسطين المحتلة. وقالت مصادر مطلعة على اللقاء إن الأجواء لم تكُن إيجابية وإن شينكر كان منزعجاً جداً لأن لبنان لا يزال متمسكاً بشروطه، فيما تطالب الولايات المتحدة الأميركية لبنان بتقديم تنازلات في هذا الملف. وقالت المصادر إن شينكر كرر الشروط التي سبق أن جاء بها ديفيد هيل سابقاً، وتحديداً في ما يتعلق بفصل الترسيم البري والبحري وتحديد مهلة زمنية للتفاوض.

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o