Aug 10, 2020 9:21 AM
مقالات

"وين" الرئيس القوي و"وين" العهد القوي و"مين" ذياب؟

كتب عوني الكعكي:
راهنّا على وجود رئيس قوي، وتفاءلنا بتولي الرئيس ميشال عون سدّة الرئاسة بسبب علاقته المميزة بـ»الحزب العظيم»، وقلنا بأنه يستطيع إقناع «الحزب العظيم» بتسليم سلاحه الى الجيش اللبناني ووضعه ضمن السلاح الشرعي للدولة اللبنانية، لا سيما وأنّ الرئيس عون كان قائداً سابقاً للجيش، وأنّ «الحزب العظيم» الذي حال دون انتخاب رئيس للجمهورية لمدة عامين ونصف العام، لتمسّكه بالجنرال حليفه الأساسي، فإما أن يكون عون رئيساً أو لا رئيس للبنان.
لكن حساب الحقل، لم ينطبق على حساب البيدر، فبدلاً من أن يقدّم «الحزب العظيم» الامن والاستقرار للرئيس القوي، ويدعمه لتحقيق الأهداف التي كنا نراهن على تحقيقها، حصل العكس تماماً، فلبنان الذي لا يمكن أن يستمر ويزدهر إلاّ بالحياد، لأنه بعدد سكانه وبإمكاناته المتواضعة غير مهيّأ ليكون بلداً آمناً مطمئناً ينعم بالحريات، ويتصف بالعلم والمعرفة، بلداً سياحياً يستقطب الوفود الزائرة بغية الراحة والإستجمام، بلد المستشفيات والتطوّر الطبّي الهائل والجامعات التي تضاهي بنتائجها أرقى الجامعات في العالم الغربي، ولم نكن نتصوّر أبداً أن يكون «بلد الصمود» و»التصدّي والمقاومة».
صحيح أنّ اللبنانيين بمختلف مشاربهم وانتماءاتهم كانوا مع المقاومة قبل عام 2000، لكنهم انقسموا بعد ذلك الى قسمين: قسم يمثل أقليّة تحكم بالسلاح وتتحكم بمفاصل الوطن، وقسم يمثّل أغلبية غير مسلّحة.
ونعود الى تسمية العهد بالقوي لنتساءل:
أولاً: هل إصدار قانون إنتخابي جديد مفصّل على قياس جماعة العهد القوي وحصّة صهره العزيز لانتزاع أكبر كتلة مسيحية، وكأنّ المسيحيين لا ممثل لهم إلاّ ضمن جماعة العهد وبمباركة من الصهر العظيم الذي لم تنجب مثله النساء اللبنانيات.
ثانياً: كل التعيينات والوظائف من حصة العهد والصهر وبتنا أمام شعار جديد هو: كي تصبح موظفاً أو نائباً أو وزيراً عليك باسترضاء صهر العهد.
ثالثاً: ودخلنا في عصر «حكومة اللون الواحد» بعد أن صارت حكومات الوحدة الوطنية أو الوفاق الوطني من الماضي.. وجاءت حكومة ذياب التي لا تمثّل إلاّ «الحزب العظيم» والعهد القوي. أما المكوّنات الأخرى فليس لهم الحق بالمشاركة في الحكم لأنهم لا يملكون سلاحاً ميليشياوياً.
أما مين ذياب، فهو شخص غير لبناني، حصل على الجنسية اللبنانية بفضل كرم زوجته وأهلها الكرام، فعيّـن وزيراً للتربية لأنه لا «طعم ولا لون ولا رائحة» له... وعند «الحشرة» أتوا به رئيساً للحكومة ليجرّبوه، كيف لا وهو «مستر Yes» لا يستطيع التفوّه بكلمة No، لأنه مهذّب «ويسمع الكلمة».
اليوم يعيش لبنان أزمة كبرى ويمر بمحنة هي الأخطر في تاريخه. «فإسرائيل» تهدد وتتوعّد معلنة انها ستحرق لبنان من جنوبه الى شماله. وبالفعل نفذت تهديداتها عندما علمت ان «الحزب العظيم» استورد نيترات الأمونيوم التي تستعمل عادة في صنع الصواريخ. وكانت اسرائيل قبل ذلك نفذت غارات عدة على الحرس الثوري الايراني و»الحزب العظيم» في سوريا، وقامت بتدمير أسلحة كان الايرانيون يرسلونها الى «الحزب العظيم» عبر الأراضي السورية، وبعد التأكد من قطع الإمدادات بهذه الوسيلة، وبعد معرفة توجه الحزب الى مرفأ بيروت ومطارها واستخدامهما في نقل الأسلحة، قام العدو الاسرائيلي بعمله في المرفأ، ومهما حاولت إسرائيل إنكار دورها في انفجار المرفأ لأنها لا يمكن أن تتحمّل نتائج جريمة كهذه أمام العالم، فإنّ المراقبين والمحللين يؤكدون على هذا الدور. أما الحزب فلا يمكنه الإعتراف بأنه «صاحب المادة المخزّنة»، كما ان الرئيس عون لجأ الى فكرة «لا أعرف ولست مسؤولاً، ولا صلاحيات عندي في اتخاذ أي قرار».
العالم كله مع اللبنانيين عاطفياً وإنسانياً. ولفرنسا الدور الكبير في العمل على مساعدة لبنان... ولكن السؤال هو: كيف ومتى؟ وماذا نفعل في ظل سلاح «الحزب العظيم»؟
من هنا، فإنّ اللجوء الى لجنة تحقيق دولية، تخيف الحزب، لأنها الوسيلة الوحيدة لتبيان الحقيقة، ولاتخاذ قرار في الأمم المتحدة ضد سلاح «حزب الله».
إنّ ما حدث في مرفأ بيروت، هو نتيجة حتمية لعدم تطبيق سياسة الحياد والإعتدال، في هذا الوطن الذي يعاني من أقسى كارثة إجتماعية شهدها لبنان في التاريخ. كما ان هذا الانفجار الذي أودى بحياة أكثر من 200 بريء و 5000 جريح وأكثر من مائة مفقود أعلن أمس عن صعوبة العثور عليهم، فانضموا الى قافلة الضحايا الشهداء، إضافة الى ان وجود أكثر من 30 الى 40 ألف وحدة سكنية تحتاج الى إعادة إعمار... كل هذا يوضح هول الكارثة وحجم المأساة التي يعيشها اللبنانيون.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o