Aug 05, 2020 6:29 PM
خاص

ماري طوق أطفأت نور شبابها... ورحلت في ذروة الظلمة

المركزية- حيث لا فساد ولا فاسدون. حيث لا سوس يُفسد الضمائر ولا عثّ يعبث بالقلوب النقيّة ... رحلت الزميلة، "الخدومة" المضحّية، الموظفة المتفانية، إبنة بشرّي ماري طوق.

النيران والأنقاض التي أكلت جسدها وأوقفت أنفاسها، أحرقت بقساوتها ووحشيّتها قلوب مَن عَرَفَها بل مَن أحبّها حتى بات أمس يكذّب ما يسمع... لم يصدّق.. لم يُرِد أن يصدّق أن مثل ماري يلوّع قلباً بغصّة، أو يُدمع عيناً بقطراتٍ حارقة، ولا حتى يُحزن نفساً بأسى...

فهي طالما كانت مُحبّة مقدامة.. لم تبخل لحظةً في إعطاء "مؤسّسة كهرباء لبنان" حيث عملت لأكثر من ٢٠ عاماً، ما فاق طاقتها وتخطى ساعات المهنة حتى باتت منزلها الثاني... كما لم تتردّد يوماً في تلبية مساعدة أو تأدية خدمة، إنسانية قبل أن تكون مهنيّة.

"تكرم عينك"... هكذا كانت تُجيب كل سائلٍ لإصلاح عطل أو تسهيل أمر، بصوتٍ عذبٍ يُشعِر المتّصل بارتياح يوهِمُهُ بأن ما يطلبه أمراً بديهياً بدون أي منّة أو أعذار تُخبئ رفضاً أو تأففاً...

 لم تترك ماري "كهرباء لبنان" في أسوأ أزماتها، بل لازمتها وسهرت ليالٍ لامست ساعات الصباح... وفي ذروة العمل بمشكلاته وتحديّاته، وما أكثرها، كانت تأخذ مكتبها سريراً تُلقي عليه تَعَب النهار وإرهاق الواجب وهَمّ المواطن وحسرته من ثقل التقنين حيث لا "حَول ولا قوّة".

٤ آب 2020.. يومٌ أسود لطّخ تاريخ الوطن نعم، لكنه أفقد أيضاً "مؤسسة كهرباء لبنان" ابنةً فاضلة، وأدمع الجسم الإعلامي على زميلةٍ أمينةٍ مُحبّة..

ماري طوق لن يُبكيها أهلها وأقاربها فحسب، بل كل مَن عَرَفها وتعرّف على طيبتها وخلقيّتها وأخلاقها، وتحسّس إيمانها الذي طالما كان سندها عند كل مفترق طرق حياتها، وجلّه يوم فقدَت والدها الذي لم يكن يعرف أن فلذة كبده ستوافيه سريعاً إلى العُلى وكأنها لم تصبر على السنين لملاقاته، بل سرّعت اللقاء ربما لاستعار الشوق.

بشرّي ستزفّك ماري عروساً... ومحبّوكِ سيستقبلون نعشك بزغاريد متأوّهة بغصّات خسارتِك... والراحات ستحملكِ وتراقصكِ مرتجفة من هَول فقدانِك... فاذهبي ساكنة إلى "ملك القيامة" وهناك استريحي ... واهنَأي بعيدة عن جرائم الأرض ورذائل الأرضيين.. فلترقد نفسكِ بسلام... ماري طوق وداعاً.

* * *

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o