Aug 04, 2020 2:46 PM
خاص

لبنان سويسرا الشرق والانزلاق إلى الجحيم:
الحياد هو الحل لـ "حروب الآخرين"

المركزية- بين لبنان سويسرا الشرق، و"إنزلاق لبنان إلى الجحيم"، على ما كتبته صحيفة "لو فيغارو" الفرنسية الأسبوع الفائت يتأرجح وطن الأرز، وجيل الحرب اللبنانية وما بعدها، في وقت تعجز السلطات اللبنانية المعنية عن انتشال البلاد من أكبر نكسة اقتصادية وسياسية واجتماعية عرفتها في تاريخها الحديث، وما كان ينقصها إلا جائحة بحجم كورونا لتزداد تفاقما وتزرع الخوف في النفوس.

وفي وقت لا يشك أحد أن انفجار الثورة الشعبية في وجه الطبقة الحاكمة إلى حد اطاحة حكومة الرئيس سعد الحريري يعد معطى بارزا في رسم معالم الصورة السائدة اليوم، فإن مصادر سياسية تذكر عبر "المركزية" أن تصوير الثورة على أنها المسبب لهذه الكارثة هو الاجحاف بعينه. ذلك أن الانتفاضة الشعبية لم تكن إلا نتيجة طبيعية للسياسات الخاطئة التي اتبعت في السنوات الماضية وجعلت لبنان ساحة لحرب الآخرين وتصفية الحسابات، واقحامه في الصراعات. بدليل أن الصورة الشهيرة التي تناقلها رواد مواقع التواصل الاجتماعي في الآونة الأخيرة وفيها خبر بالفرنسية يؤكد تصنيف لبنان رابع الدول الأكثر أمانا في العالم عام 1963. على أن المصادر تنبه إلى أن هذا كان قبل الاقدام على إقحام لبنان في الصراع العربي الاسرائيلي، بتوقيع اتفاق القاهرة عام 1969 على يد قائد الجيش آنذاك العماد اميل بستاني، ما أتاح للمنظمات الفلسطينية المسلحة استخدام الجنوب اللبناني مجالا للقتال ضد الجيش الاسرائيلي. كلها أمور عززت الوجود الفلسطيني المسلح في لبنان، وأججت الكباش مع اللبنانيين، إلى أن اشعل فتيل بوسطة عين الرمانة على خلفية هذا الصراع الحرب اللبنانية حتى عام 1989، حين تدخل العرب والعالم في الشؤون اللبنانية لوضع حد للاقتتال ذي الطابع الطائفي، في ظل قصور لبناني مرعب عن ايجاد المخارج الناجعة. وما بين المحطتين، دخلت سوريا واسرائيل بقوة على الصورة وبغطاء دولي، لتشتعل حرب الجبل بعد اغتيال الرئيس بشير الجميل، مسببة موجة تهجير المسيحيين من الجبل، وتكرس دمشق احتلالها وقبضتها الحديدية على لبنان. قبضة نجح الأحرار في التخلص منها بعدما رسمت سوريا المعادلات الانتخابية النيابية، والوزارية والرئاسية الدقيقة، وقدم اللبنانيون كثيرا من الدماء والتضحيات توقا إلى الحرية، وهو المسار الذي يستعيده لبنان اليوم عشية الحكم في قضية إغتيال الرئيس الشهيد رفيق الحريري، بطل المواجهة السياسية المفتوحة مع السوريين منذ صدور القرار الدولي 1559 والتمديد للرئيس اميل لحود، وصولا إلى انفجار 14 شباط 2005، لتليه التظاهرة الضخمة في 14 آذار، ردا على تحرك "شكرا سوريا"، الذي نظمته القوى الممانعة في 8 آذار من العام نفسه.

وتشير المصادر أيضا إلى أن انسحاب القوات السورية من لبنان لا يعني نهاية مسلسل جره إلى صراعات المحاور. ذلك أن الاحتلال السوري سرعان ما استبدل بوصاية ايرانية عطلت الانتخابات الرئاسية لفرض  انتخاب مرشح المحور الممانع، عقب اجهاض المحاولة الجدية لتحييد لبنان عن صراعات المحاور، قادها الرئيس ميشال سليمان، وأفضت إلى إعلان بعبدا، فيما تصفية الحسابات جارية على قدم وساق في الميدان السوري. ذلك أن حزب الله قفز فوق الاجماع اللبناني ليتدخل في الحرب السورية إلى جانب الرئيس بشار الأسد ويفتح على لبنان نار العزلة الدولية والعقوبات والاهتزازات الأمنية والاقتصادية، التي تجلت في انهيار الليرة وشح الدولار والتردي الاقتصادي الذي قاد الناس إلى الشارع. امام كل ما تقدم تشدد المصادر على أن الحياد الايجابي الذي ينادي به البطريرك الماروني هو الحل الأمثل لفرملة السقوط المدوي في محظور الانهيار. 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o