May 29, 2020 1:45 PM
خاص

هل تحول صندوق النقد الى وسيط بين المفاوضين السياسيين والماليين؟
الاداء الحكومي في المفاوضات يقصي لبنان عن اولوياته لمصلحة دول جدية

المركزية- أعربت مصادر معنية بالمفاوضات بين لبنان وصندوق النقد الدولي تواكب الاجتماعات التي تتم بين الجانبين، عن خشيتها على مصير هذه المفاوضات ومستقبلها في ضوء الإداء الحكومي الذي يعكس "تخبطاً وتناقضا" بما تتطلبه مثل هذه المفاوضات من جهود وخبرات ووقت وتفرغ كامل لتحضير ملفاتها ومتابعة النقاشات في شأنها.

وقالت المصادر لـ "المركزية"  أن الحكومة اللبنانية تتصرف خلال المفاوضات حتى الآن وكأنها على غير عجلة من أمرها، وهي تتعاطى مع الاجتماعات مع ممثلي الصندوق كتعاطيها مع اجتماعات اللجان الحكومية اللبنانية، بأسلوب "فيه الكثير من التأـجيل ومحاولات الالتفاف على الحقائق والأرقام"، بعيداً من الصراحة والشفافية التي تتطلبها مثل هذه المفاوضات. فصندوق النقد الدولي لم ينخرط في المفاوضات مع لبنان ليحاول تحقيق مكاسب لنفسه ولا لدعم وجهة نظر سياسية واقتصادية في لبنان ضد أخرى، بل إنه جاء لمساعدة لبنان وهو ما يتطلب من الحكومة اللبنانية الانطلاق من هذه الثابتة لا من خلال محاولة توظيف دور صندوق النقد الدولي لتقوية موقفها في مواجهة موقف خصومها. فالصندوق ليس طرفاً في النزاعات اللبنانية الداخلية، وبالتالي لا يجوز تحويل المفاوضات معه الى جزء من استراتيجية الحكومة في مواجهة خصومها، ولا الى جزء من استراتيجية المعارضة لاستهداف الحكومة، بل هو ينطلق في التعاطي مع الملف اللبناني من قواعد علوم الاقتصاد والمال لمساعدة لبنان باعتباره من بين أكثر 3 دول في العالم في حاجة لمساعدة الصندوق في هذه المرحلة. 

وتبدي مخاوفها من الانطباعات التي تكونت لدى إدارة الصندوق خلال الأسبوعين الماضيين بنتيجة التقارير والأجواء التي نقلها المفاوضون الى المسؤولين عنهم، خصوصاً لناحية بروز توجه لدى بعض أركان إدارة الصندوق الى إعطاء الأولوية لمعالجة ملفات تخص دولاً أخرى تبدي الجدية والرصانة المطلوبتين في التعاطي مع أزماتها ومع صندوق النقد الدولي.

وتلفت هذه المصادر الى أن صندوق النقد الدولي غير معني بالعمل والتفاوض مع لبنان من أجل توحيد المعطيات التي يعرضها على ممثلي الصندوق، بل أن مسؤولية الحكومة أن تتفاهم مع المصارف ومصرف لبنان ومع مكوناتها السياسية ومع من تراه مناسباً في لبنان لتقدم الى الصندوق تصوراً متكاملاً وشاملاً ليبني صندوق النقد الدولي على الشيء مقتضاه. في حين أن ما شهدته الاجتماعات وجولات المفاوضات حتى الآن يكاد يتحول الى شبه وساطة يتولاها فريق صندوق النقد الدولي بين المفاوضين اللبنانيين السياسيين والماليين في محاولة لتوحيد أرقامهم وقراءتهم ومقارباتهم للمشاكل والحلول، في حين أن مهمة الصندوق لا علاقة لها بمثل هذا الدور.

وتشير الى أن إدارة الصندوق تواكب في موازاة متابعة عمل فريقها المفاوض، ما تشهده الساحتان السياسية والاعلامية في لبنان من نقاشات ومواجهات، بالنظر لما لهاتين الساحتين من تأثيرات على الأوضاع الاقتصادية والمالية في الحاضر والمستقبل، وهي تتخوف من أن تقرأ إدارة الصندوق في هذه المواجهات والحملات دليل "مراهقة سياسية واقتصادية" لأصحاب القرار في لبنان لا يمكن أن تساعد في إخراج لبنان من مشاكله وأزماته. 

وتختم المصادر بإبداء الكثير من الخشية والتشاؤم على مصير المفاوضات ومستقبلها على الرغم من الإداء "العلمي والمتّزن والواقعي" الذي يبديه الفريق المصرفي في المفاوضات خلافاً للفريق السياسي الذي يحاول تحقيق مكاسب سياسية تعزز موقعه وحضوره في مواجهة خصومه الداخليين. فالفريق المصرفي يخوض المفاوضات بلغة هي أقرب الى اللغة التي يفهمها صندوق النقد الدولي ويريدها في مثل هذه الظروف التي يعاني منها لبنان، مما يسمح بالدفاع عن مصالح لبنان واللبنانيين وبتحسين شروط لبنان في حين يستمر بعض السياسيين في محاولة تسجيل النقاط على حاكم مصرف لبنان بما يسيء الى صورة الدولة اللبنانية ويضعف موقفها التفاوضي.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o