May 28, 2020 1:38 PM
خاص

رغم التداعيات الوخيمة.. حزب الله يسعى لتغيير موقع لبنان الاستراتيجي و"نظامه"
دفع نحو الانفتاح على دمشق و"الممانعين".. وتصعيد ميداني على وقع كلام عن "الصيغة"!

المركزية- تكثّف نشاط حزب الله في الايام القليلة الماضية على أكثر من جبهة، متنقّلا بين السياسة المحلية للدولة ماليا واقتصاديا، مرورا بسياستها الخارجية، معرّجا على النظام اللبناني والصيغة التي قام عليها عام 1943، وصولا الى جرود جبيل! 

في بعض الاحيان، تحرّك بالمباشر وفي بعضها الآخر، بالواسطة. الا ان العنوان العريض الذي يمكن ادراج هذه الحركة كلّها تحته، بحسب ما تقول مصادر سياسية معارضة لـ"المركزية"، يختصر بالآتي "تكريس تفوّق الحزب على الساحة المحلية وتعزيز سيطرته على القرار الرسمي، وتسخير لبنان لخدمة مصالح المحور المقاوم، ولو على حساب مصلحة اللبنانيين".

صحيح ان الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله حرص في كلمته الاذاعية الاخيرة منذ يومين على طمأنة الجميع الى ان الحزب ولو طُلب منه حكم البلاد، فإنه سيرفض الطلب، غير ان ممارساته على ارض الواقع تدل بوضوح، الى عكس ذلك، وتؤكّد ان فريقه يواصل الضغط لفرض أجندته على القرارات الكبرى كلها، والتي تؤثّر بالمباشر على مصير البلاد والعباد، ولو انه يسمح في بعض الاحيان للحكومة التي تحمل صبغته، بمناورات تبقى محصورة ضمن هوامش معينة.

فالحزب مثلا، تتابع المصادر، يدفع اليوم نحو تطبيع العلاقات مع دمشق، شريكته في محور الممانعة، واعادة اطلاق عجلات التعاون والتنسيق بين البلدين، على اساس ان في ذلك مصلحة اقتصادية وتجارية للبنان. وهو يعتبر ان الانفتاح على "الحلفاء" المناوئين للاميركيين، من ايران الى الصين مرورا بالعراق، هو خشبة الخلاص للبنان اقتصاديا وماليا. الا ان الارقام والوقائع، تثبت ان هذه المعادلة لا تستقيم، وان ما يطرح لا يعدو كونه لتعويم النظام السوري من جهة، عشية دخول قانون قيصر الاميركي، الذي سيشد أكثر طوق العقوبات حول عنقه، ولتكريس موقع لبنان في "الخندق" الايراني من جهة ثانية. 

وللمفارقة، تضيف المصادر، فإن السلوك هذا، الذي انتهجه الحزب منذ سنوات، هو الذي أدى الى تعكير علاقات لبنان مع اشقائه العرب والخليجيين، أهم داعمي الاقتصاد اللبناني، ودفعهم الى "الانسحاب" من لبنان، نقدا واستثمارا وسياحة. وهو نفسه الذي سمح بتسريب الدولارات والمواد الاولية اللبنانية الى سوريا، في وقت يضع هذا النهج "الاصفر" استراتيجيا وسياسياـ اليوم، مستقبل البلاد ومفاوضاتها مع صندوق النقد، كلّها على المحك، حيث يراقبه بعين الريبة، الاميركيون والاوروبيون. 

وفيما يبدو الحزب مستعدا للتضحية بمصالح اللبنانيين "الاقتصادية" من جديد، كرمى لعيون المحور، تتابع المصادر، فإن توجهاته في الداخل تبعث على القلق هي الاخرى. فهو يبدو يمهّد الطريق، وفي صورة أوضح وأوسع، للانقلاب على الصيغة اللبنانية التي تقوم على المناصفة، لفرض اخرى لن تكون الا لصالحه بطبيعة الحال، على شكل "مثالثة" على الارجح.

هذا النَفَس، ظهر جليا من خلال مواقف المفتي الجعفري الممتاز الشيخ احمد قبلان في عيد الفطر، والذي لم يتصدّ له بحزم نصرالله منذ ايام، وظهر على الارض ايضا مع الاشكالات التي عادت لتشهدها بلدة لاسا الجبيلية مع محاولة المكون الشيعي الموجود في المنطقة، منع اصحاب الارض من المسيحيين، من العمل في حقولهم، من دون ان يتدخّل لا المجلس الشيعي الاعلى ولا الحزب، صاحب الكلمة الاقوى في لاسا، لمنع هذه الممارسات.

من كل ما تقدّم، الا يصح القول ان الحزب مصرّ على تغيير وجه لبنان نهائيا، فينقله الى المحور الايراني من جهة، ويحكم قبضته عليه في الداخل سياسيا وميدانيا من جهة اخرى؟

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o