May 21, 2020 1:41 PM
خاص

عازوري يفنّد مقاربتَيّ الحكومة وجمعية المصارف:
بدون استعادة الثقة لا قيامة للاقتصاد اللبناني

المركزية- سلّط المحامي أكرم عازوري الضوء على اختلاف المقاربة في خطتي الحكومة وجمعية المصارف، مشدداً على أن "المطلوب هو العمل على ألا يرغب جميع المودِعين في استعادة ودائعهم فوراً، والسعي إلى تكبير تلك الودائع عن طريق استعادة الثقة... إذ بدون ذلك لا قيامة للاقتصاد اللبناني".

وقال عازوري في حديث لـ"المركزية": إن خطة الحكومة كما هي، تعتبر أن رساميل كافة المصارف التجارية في لبنان أصبحت صفراً، لاعتبارها أن كل التسليفات المصرفية للقطاع الخاص لا يمكن ردّها، وكذلك الأمر بالنسبة إلى التسليفات للقطاع العام. كما اعتبرت الخطة أن الخسائر محققة بكاملها فوراً... وبالتالي يصحّ وصف هذه المقاربة محاسبيّة.    

ورأى أن "المطلوب هو استمرار القطاع المصرفي وليس تصفيته، إذ لا شيء يثبت أن كل التسليفات للقطاع الخاص هي على هذا النحو، كما أن الحكومة لم تبدأ بالمفاوضات مع حَمَلة سندات الـ"يوروبوند". وأضاف: في مطلق الأحوال، لا يمكن اعتبار كل التسليفات هي هالكة فوراً من دون أن يؤدي ذلك إلى تدمير القطاع المصرفي".

وشدد على أنه "يجب استهلاك التسليفات على مدى سنوات عديدة، وأن يُعاد تقييم الخسائر سنوياً في ضوء تطوّر الوضع الاقتصادي"، ولفت إلى أن "هذا الاختلاف في المقاربتَين، هو اختلاف بين واحدة محاسبية وأخرى اقتصادية ترتكز على بَث النشاط مجدداً في الاقتصاد اللبناني الحيوي ورافعته الأساسية القطاع المصرفي الذي وثق به اللبنانيون ولم يخيّب آمالهم طوال 80 عاماً".

وأكد في السياق، أن "أي مصرف في العالم مهما كان حجمه، غير قادر على رَدّ جميع ودائعه فوراً إذا طالبه بذلك جميع المودِعين"، وأوضح أن "بنتيجة انعدام الثقة بدءاً من نهاية العام الماضي، تهافت جميع المودِعين على جميع مصارف لبنان مطالبين بسحب ودائعهم". وتابع: إن انعدام الثقة العامة هو السبب المباشر لأزمة السيولة التي لم تكن تبرز بهذه الحدّة على رغم حجم دين الدولة ودين مصرف لبنان. علماً أن أزمة الثقة هي السبب المباشر، أما السبب الموضوعي فهو حجم عدم قدرة الدولة على سداد دينها.

وأشار عازوري إلى أن "الكلام الذي صدر عن مختلف المسؤولين، الماليين والسياسيين، عن احتمال المَس بالودائع أو ببعضها، ساهم أيضاً في هلع المودِعين، فلم يكن هذا الكلام حكيماً".

وقال: إذا كانت الأسباب غير المباشرة والآنية والموضوعية هي أسباب سياسية، فلا تكون معالجتها عبر تكبيل القطاع المصرفي، بل على العكس يجب دعم القطاع وتكبيره والتأكيد أولاً وأخيراً على عودة الثقة إلى النظام المالي والسياسي اللبناني. وعلى سبيل المثال، إذا ردّت جميع المصارف الودائع كافة إلى أصحابها، ماذا نفعل في الغد؟ فالمطلوب هو العمل على ألا يرغب جميع المودِعين في استعادة ودائعهم فوراً، والسعي إلى تكبير تلك الودائع عن طريق استعادة الثقة. بدون ذلك لا قيامة للاقتصاد اللبناني.

واعتبر أن "الاختلاف في المقاربة بين مشروع الحكومة وخطة جمعية المصارف هو أحد أسباب الاختلاف في الأرقام، تضاف إليه أسباب تقنية لا مجال لتفصيلها".

وقال: يُفهم من خطة الحكومة، مَنح 5 رُخص لإنشاء مصارف جديدة، لا نعلم كيف ستوزَّع هذه الرخص الخمس، الأمر الذي ما يناقض ما ورد في الخطة ذاتها عن رغبتها في تقليص عدد المصارف إلى النصف. كما أن إنشاء شركة توضع فيها كل أصول الدولة، يؤدي إلى تكبير حجم القطاع العام وزيادة الإدارة السياسية لهذه الأصول، علماً أن إدارة الدولة لأصول سابقة لم تكن مشجعة.

وإذ لفت إلى أن "الأهم من كل ذلك، أن كل دولة هي سيّدة نفسها وتستطيع أن تشرّع كيفما تشاء"، حذّر  عازوري "من أن التشريع بمفعول رجعي من شأنه أن يزعزع ثقة أي مودِع وأي مستثمر في القطاع الاقتصادي اللبناني"،  وقال: إن كافة الاستثمارات والودائع في المصارف تأتّت من ثقة المستثمرين والمودِعين بالقطاع المصرفي وبالحماية الدستورية للملكيّة الخاصة والنظام الاقتصادي الحرّ. وبالتالي إن أي تشريع يبدّل في قواعد اللعبة وتطبيقه على  الاستثمارات الموجودة في لبنان، سيكون من الصعب جداً إيجاد مودِعين أو مستثمرين جدد يثقون مجدداً بالنظام الاقتصادي اللبناني... وهذا ما يجب التنبّه إليه.

أضاف: وفي هذا المجال، إن دولاً عديدة في الستينات، كمصر وسوريا والعراق شرّعت بمفعول رجعي ووضعت قطاعها المصرفي والتأميني تحت السلطة المباشرة للدولة، ما أدّى إلى هروب الرساميل من تلك البلدان، لكنه كان أحد أسباب ازدهار الاقتصاد اللبناني. من هنا يجب ألا نمسّ بأحد أركان الازدهار اللبناني إذا كنا ننوي نهضة لبنان. إن ثروة لبنان الحقيقية هي الشباب اللبناني المتعلم والمبادر في ظل نظام اقتصادي حرّ... لذلك يجب استعادة هؤلاء من حيث ذهبوا مضطرين وزادوا بنشاطهم، الناتج القومي لبلدان أخرى.

وشدد على "وجوب التفكير مليّاً بـ28 ألف عائلة تعتاش من القطاع المصرفي، وتؤلف الجزء الأهم من الطبقة الوسطى للبنان، ولا تكلف الدولة قرشاً واحداً. هؤلاء جميعهم يشعرون بالقلق من الحديث عن تحجيم القطاع المصرفي".

وخلص عازوري إلى القول "إن السفينة الاقتصادية اللبنانية بدأت تغرق، والحكومة اللبنانية مسؤولة عن إنقاذها... وجمعية المصارف إلى جانب الحكومة في مسعاها... لأنه إذا غرق المركب سيغرق بجميع مَن فيه، وستجد الحكومة في الجمعية العَون والمؤازِر في خطتها الإنقاذية... من غير المفيد إطلاقاً تصوير الحكومة والجمعية وكأنهما على خلاف، فهذا ليس صحيحاً على الإطلاق".

* * *

 

 

 

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o