May 11, 2020 10:11 AM
مقالات

صفير ولبنان الكبير ولدا عام 1920

كتب الدكتور توفيق الهندي في مناسبة الذكرى السنوية الاولى لرحيل البطريرك الماروني مار نصرالله بطرس صفير: ولد البطريرك الكبير مار نصر الله بطرس صفير يوم 15 أيار 1920 ولبنان الكبير يوم 1 أيلول 1920 بفارق 108 أيام. توفي البطريرك الكبير يوم 12 أيار 2019 والحصرة في قلبه على ما آل إليه وضع لبنان، وذلك ثلاثة أيام فقط قبل عيد ميلاده ال 99، وهو يشهد على الطريق المؤدية إلى إحتضار توأمه، أعني لبنان الكبير. وكأن الذكرى الأولى لوفاة البطريك الكبير، أكاد أقول لإستشهاده لما لحياته من تلازم نضالي وحياة لبنان الكيان والدولة، تنذر بالإستشهاد الوشيك للبنان الكبير في يوم ميلاده.

وإن كان للصدف التاريخية حكمها (ولادة التوأمين وإستشهادهما معا")، فلن ندع هذا الصدف يتحقق وعلى من آمن بالتوأمين أن يحفذ همته للإستماتة في أن تكون هذه الذكرى بداية لإنبعاث متجدد للبنان الكبير، فنحتفل بمئويته بدلا" من التحسر على إستشهاده وإستشهادنا معه.

فاللعنة على هؤلاء القادة الذين خانوا الأمانة!

وبعد هذه الدعوة، أعيد نشر مقال كتبته يوم إستشهاده ونشرته في جريدة النهار تحت عنوان: صفير صخرة لبنان لن تموت. وها هو نصه :

صحيح أن المجد أعطي له. فالبطريرك مار نصر الله بطرس صفير إستحق هذا المجد بإمياز. فالظروف لا تكفي لخلق الرجل التاريخي.

إنتخب صفير بطريركا" في 19 نيسان 1986، 94 يوما" بعد إنتفاضة 15 كانون الثاني 1986 التي أطاحت بالإتفاق الثلاثي. كان الظرف صعبا" وسوف تظل الظروف صعبة طوال حبريته التي إمتدت زهاء 25 سنة.

غير أن ما جعل منه بطريركا" تاريخيا" هو طينته، معدنه، أي الصفات التي تميز بها. فهو يشع بالقوة الهادئة، وهي أفعل وأصدق من شتى أنواع القوة التي نشهدها اليوم.

كان لصفير إدراك عميق لدور البطريركية المارونية في الحفاظ على الكيان اللبناني، لبنان الرسالة، المميز في محيطه العربي ولكن ليس عنه، لبنان المساحة الحضارية وليس فقط المساحة الجغرافية، حيث تتفاعل إيجابيا" الثقافات والأديان والطوائف، أو هكذا يجب أن يكون.

كان يدرك تماما" أن لبنان والحرية صنوان وأن لبنان دون الحرية يفقد علة وجوده. والحرية تعني حرية الإنسان وحقوقه في حرية المعقد والتفكير والتعبير والكتابة في

العمل وتعني الحريات الجماعية من حرية الصحافة وحق التجمع والعمل والحرية الإقتصادية والحرية السياسية والعدالة الإجتماعية، حرية مسؤلة منتظمة في إطار نظام ديمقراطي.

كان متمسكا" أيضا" بحرية الوطن والشعب، وكان هذا الأمر يتجسد بالمتسك بالدولة وتنفيذ الدستور والقوانين والحفاظ على إنتظام الحياة السياسية في مؤسسات الدولة وسيادة الجيش اللبناني والأجهزة الأمنية على كافة الأراضي اللبنانية وحصرية إمتلاك السلاح وتحريكه في يد السلطات الشرعية اللبنانية، وإستقلال لبنان الناجز ورفض الوصايات الخارجية والإحتلالات أكانت إسرائيلية أو سورية أو إيرانية وعدم الدخول في لعبة المحاور الإقليمة القاتلة ورفض علاقات أي دولة بأي طرف لبناني، على أن تكون علاقات لبنان بأي بلد من دولة إلى دولة.

كان يتمسك بالعيش المشترك ولكن في الوقت عينه بالحضور المسيحي الفاعل من منطلق الحفاظ على الكيان اللبناني الذي أراده وسعى إليه البطريرك الحويك وكان يعتبر أن البطريركية المارونية أوكلت إليها حراسة هذا الكيان المميز وأن دور لبنان في العالم العربي هو رفده بهذه التجربة الفريدة في التفاعل بين الأديان والثقافات.

أسمح لنفسي أن أتحدث عن رؤيته هذه لأني كنت لصيقا" به طوال حبريته وفاعلا" إلى جانبه.

وقد قاد الحركة السيادية بحكمة وصلابة ولكن بدون تهور. وقد كان الغطاء المسيحي والوطني لإتفاق الطائف وإلى جانبه شكلت القوات اللبنانية الغطاء السياسي المسيحي لهذا الإتفاق. ولكن الظروف الدولية والإقليمية وضعت أمر تنفيذه في يد سوريا-الأسد. فلم ينفذ الوصي منه إلا ما هو بمصلحة تسلطه على لبنان.

وفي أيلول 2000 كان نداء بكركي الشهير لخروج الجيش السوري من لبنان وقبل هذا التاريخ لقاء قونة شهوان الغير معلن وتحوله في 30 نيسان 2001 إلى صيغته العلنية الموسعة.

وعند عودته من أميركا بشباط 2001 توافدت الحشود (أكثر من 250000) إلى بكركي لإستقباله ومبايعته قائدا" للحركة السيادية، فكان لهذه الحركة في لبنان قائد وشعب وساعد سياسيي، أعني لقاء قرنة شهوان.

أختم بالقول أننا سوف نكون أوفياء لتعاليمه لنخرج لبنان من تحت الوصاية البديلة والطبقة السياسية الملحقة بها والتي تعبث بالكيان والدولة والحرية والسيادة والإستقلال.

 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o