Mar 30, 2020 3:47 PM
خاص

ما قبل وما بعد كورونا وما بينهما...

المركزية-  إنه الله حين يعيد إلى البشر بعض الهدوء الذي حرمتهم إياه حياتهم العملية الصاخبة، فيعطيهم فرصة لإعادة رسم الأولويات... إنها الأرض حيث تأخذ استراحة مستحقة من حركة البشر وتلوثهم واقتصاداتهم وصناعاتهم، حتى تتنفس الطبيعة الصعداء... كلها محاولات لكشف السر خلف تفشي وباء كورونا بهذه السرعة في كل دول العالم، والذي لا يزال الطب عاجزا عن ايجاد الدواء الشافي له... 

في انتظار جلاء هذا السر، يمكن البناء على معطى واحد يبدو أكيدا: ما قبل كورونا لن يكون كما بعده، باعتراف أكثر من مسؤول عربي ودولي انخرطوا بقوة  في الحرب الكونية ضد هذا المرض الفتاك. 

وفي محاولة لتحليل هذا الاستنتاج ، تذكر مصادر مراقبة عبر "المركزية" أن ظهور الفيروس في الصين أعقب مرحلة قاسية من الحرب الاقتصادية الباردة بين بكين وواشنطن، ما دفع البعض  إلى الكلام عن أن "مؤامرة" أميركية ضد الصين وقوتها الاقتصادية تقف وراء تفشي هذا المرض في الصين، بهدف ضرب إقتصادها الذي يسجل أرقاما لافتة في الآونة الأخيرة، بدت ترى فيها الولايات المتحدة تهديدا جديا لقوتها واكتساحها الساحة الاقتصادية العالمية، مع كل ما يعنيه ذلك من ارتفاع في منسوب التأثير السياسي لكل من واشنطن وبكين في المشهد الدولي العام.

لكن المصادر تلفت في المقابل إلى أن الصين، وعلى لسان سفيرها في بيروت، عادت واستبعدت هذه النظرية، معتبرة أن الفيروس ضرب العالم أجمع ولم يقتصر ضرره على الجمهورية الشعبية حصرا، مذكرة بأنه، في مرحلة لاحقة، سجل ضربات موجعة لعدد من خصوم الولايات المتحدة السياسيين، وعلى رأسهم إيران، فشل اقتصادها. غير أنه عاد ووصل إلى أقرب حلفائها الدوليين كفرنسا وبريطانيا، مصيبا فيهما مقتلا إقتصاديا وسياسيا.

تبعا لهذه الصورة، لا تبدو المصادر راغبة في الغوص في دهاليز المؤامرات وسواها من النظريات. لكن هذا لا يمنعها من الجزم بأن نظاما عالميا جديدا قد يبصر النور حين يقلب الكوكب الأزرق صفحة كورونا نهائيا، مرجحة أن يعاد رسم التكتلات السياسية بناء على نظرة جديدة قد تجمع خصوم الأمس كالولايات المتحدة والصين. بدليل أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب كشف أن بلاده عرضت المساعدة الطبية على بكين في مجال مكافحة كورونا بغض النظر عن التموضعات السياسية التقليدية . 

وتذهب المصادر عينها إلى حد ترجيح أن يقلب الفيروس أولويات الدول، وإن كانت السياسة ستبقى قبلة الاهتمام الأولى. لكن الأهم أنها قد تكرس كثيرا من الجهود لتأكيد كون الانسان ورخائه وصحته الهدف الأول، ما يعني أننا قد نشهد على سبيل المثال تراجعا كبيرا في صناعة الأسلحة الفتاكة. وتذكر بأن التجارب السياسية في المرحلة السابقة أظهرت أن الحرب الاقتصادية قد تكون الأفعل لتسجيل الأهداف الدولية بعيدا من الممارسات الحربية. بدليل الحصار الاقتصادي الخانق الذي فرضته العقوبات الأميركية على ايران وما لبث أن تحول حربا فعلية عليها، دفعت الجمهورية الاسلامية إلى  إعادة النظر في أولوياتها وسياستها، مؤكدة التمسك بالاتفاق والمفاوضات مع الأسرة الدولية، بدلا من الغوص في دهاليز المواجهات العسكرية التي قد تكون غير محسوبة النتائج. كلها فرضيات تدعو المصادر إلى عدم الغرق فيها في انتظار انتهاء موجة الوباء ليبنى على الشيء مقتضاه.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o