Mar 30, 2020 7:42 AM
صحف

هل تعود النفايات لتغرق الشوارع؟

في وقت ينشغل فيه اللبنانيون بأزماتهم المعيشية والاقتصادية وكيفية مواجهة فيروس "كورونا"، يُتوقع أنّ تصل ‏مطامر النفايات في الكوستابرافا والجديدة (برج حمود) إلى قدرتها الاستيعابية القصوى في أبريل (نيسان) المقبل، ‏مما يثير مخاوف الناس من أن يعود مشهد النفايات المكدّسة إلى الشارع في وقت قريب، في حين تكثر التساؤلات ‏حيال كيفية معالجة النفايات الطبية الملوثة بفيروس "كورونا" والتي تنتجها المستشفيات‎.‎
خيار وحيد بدأ الترويج له من قبل المعنيين بإدارة هذا الملف خلال الأيام القليلة الماضية، وهو توسعة المَطْمَرَين، ‏فيما بدأ منذ فترة طمر النفايات عمودياً في مطمر برج حمود. كما يتمّ الحديث عن توسعة معامل فرز النفايات، مما ‏سيزيد قدرتها على الفرز أكثر وتقليل كمية النفايات التي يتمّ طمرها، وهو أمر لطالما جرى الحديث عنه دون أي ‏إجراءات فعلية؛ إذ إنّ ما جرى دوماً هو انتظار لحظة الصفر؛ أي نفاد القدرة الاستيعابية للمطامر، من أجل وضع ‏اللبنانيين أمام خيار من اثنين: إما القبول بتوسعة المطامر، وإما عودة النفايات إلى الشارع مجدداً‎.‎
ويقول رئيس "لجنة البيئة" النيابية النائب مروان حمادة لـ"الشرق الأوسط" إنّ "قرار التوسعة أو التغيير عن ‏المطامر، هو لدى السلطة التنفيذية ومجلس الإنماء والإعمار بانتظار ما سيقرران. أما اللجان النيابية فليست لديها ‏القدرة أو الصلاحية لاتخاذ أي قرار في هذا الخصوص". ويضيف: "الإيجابية الوحيدة في هذه المرحلة، هي أنّ ‏إقفال المؤسسات والمطاعم والمقاهي قلل من حجم النفايات المنتجة بسبب شح الاستهلاك إلى حد ما، مما يعدّ ‏متنفساً صغيراً في الوقت الراهن، ولكن المشكلة في حال البقاء هكذا لأسابيع وأشهر‎".‎
ويشير حمادة إلى أنّ "ملف النفايات ليس في سلم الأولويات راهناً، ما عدا مسألة فرز النفايات وجمعها في المكبات ‏الشرعية. أما الشيء الّذي يحتاج للانتباه أكثر، فهو نفايات المستشفيات، وقد لفتنا نظر الوزارات المعنية له، وهو ‏موضوع قديم ومستمر حتى اليوم، لكن (كوفيد19) فرض الانتباه لهذا النوع من النفايات أكثر". ويلفت حمادة إلى ‏أنّ "المستشفيات الجامعية التي أنشأت لنفسها وسائل معالجة كالمحرقة مثلاً، قد لا تكون لديها أي مشكلة، أما ‏المستشفيات الأخرى فلا تشكل خطراً إضافياً عما كانت عليه سابقاً، ما دامت ليست ضمن المستشفيات التي ‏حددتها وزارة الصحة لاستقبال المصابين بـ(كوفيد19‏‎)".‎
ويتخوف المحامي هاني الأحمدية، وهو متابع لهذا الملف، "من أنّ يتمّ استغلال هذه الظروف (الصحية والمالية) ‏لتمرير قرارات على حساب المواطن وحقوقه، من بينها قرار توسعة المطامر"، ويقول لـ"الشرق الأوسط": ‏‏"ملف النفايات ممكن أنّ ينفجر في أي لحظة بسبب الإدارة السيئة لهذا القطاع، وما يجري اليوم هو محاولة توسعة ‏المنطقة البحرية التي يتم الطمر فيها بهدف إيجاد أراض واستثمارات جديدة". ويضيف: "لدينا تساؤلات كثيرة ‏حيال النفايات الطبية الملوثة بفيروس (كورونا) في ظل عدم وجود رقابة كافية في ملف النفايات وغياب الشركات ‏المختصة للتعامل مع هذه الحالة الطارئة، مما سيفاقم الأزمة حتماً"، لافتاً إلى ارتفاع حجم النفايات المنزلية بسبب ‏الحجر المنزلي‎.‎
وفي الوقت الذي يعوّل فيه كثير من اللبنانيين على اعتماد الحكومة الحالية خيارات بديلة عن المطامر، يقول ‏الأحمدية: "رغم أنّه لا ثقة لنا بهذه الحكومة، لكن نعتقد إنّ كانت لديها الجرأة والإرادة فإنّ خيارات كثيرة ستكون ‏أمامها، تبدأ بمحاسبة المقاولين والشركات المستفيدة من قطاع النفايات وتفرض عليهم معالجة مسألة نفاد القدرة ‏الاستيعابية للمطامر لأنّها قامت بطمر كميات كبيرة من النفايات دون فرز، ومن ثمّ يتمّ التشديد على فرز النفايات ‏في معامل الفرز والتسبيخ، وتعتمد اللامركزية في معالجة النفايات، أي أن تنشأ معامل فرز جديدة في كل قضاء أو ‏اتحاد بلديات لمعالجة النفايات‎".‎
من جهته، يقول الخبير البيئي ومستشار وزير البيئة السابق، دكتور جوزيف الأسمر، لـ"الشرق الأوسط": "يبدو ‏أن وزارة البيئة تتعاطى بروية وتدرس حالياً الخيارات المتاحة أمامها. وفي رأيي، توسعة المطامر يفترض أن ‏تكون الحل الأخير، وإنّ حصل ذلك فلا بد من أنّ يتزامن مع أمرين أساسيين: توسعة معامل الفرز، واعتماد ‏اللامركزية في معالجة النفايات"، لافتاً إلى الاعتراض السياسي الذي كان يحول دائماً دون تطبيق هذين الأمرين‎.‎
وعن النفايات الطبية، يقول الأسمر: "إن هذا النوع من النفايات يمكن أنّ يتسبب بانفجارات بيئية، بسبب المعالجة ‏السيئة له، لا سيّما النفايات الكيميائية التي لا يمكن معالجتها في لبنان، ويفترض ترحيلها، لكن ذلك لا يحدث بسبب ‏تكلفة الترحيل المرتفعة"، مشيراً إلى أن "النفايات المنزلية أيضاً، والتي باتت تحتوي كمامات وقفازات ترمى في ‏النفايات المنزلية، يمكن أن تكون ملوثة؛ إذ لا يتمّ فرزها من المصدر، وبالتالي ربما سنكون أمام أزمة صحية ‏بسبب هذه النفايات‎".‎

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o