Mar 28, 2020 10:14 AM
خاص

8 آذار تقرأ بين سطور إقفال الحدود السورية في وجه السوريين
إجراء وقائي وحذار الحكم المبكر على النيات

المركزية- بعدما دعت الموظفين والعمال الذين يعانون أمراضا مزمنة كالسرطان ومشكلات القلب التقيد بالحجر الصحي تفاديا لإصابتهم بفيروس كورونا، أقدمت الدولة السورية على اتخاذ قرار إقفال حدودها منعا لتسرب المرض إليها. 

من المسلم به أن سوريا ليست الدولة الوحيدة التي قررت اتخاذ اجراء من هذا النوع في إطار الحرب المفتوحة ضد فيروس كورونا. لكن هذا لا ينفي أن "لبنان بكل عرس إلو قرص". ذلك أن ما يمكن أن يسميها البعض "خطورة" القرار الرسمي السوري تكمن في كونه لا يقتصر على الأجانب، بل يشمل أيضا السوريين القاطنين خارج وطنهم الأم، وبينهم بطبيعة الحال، أولئك الذين هربوا من شناعة آلة الحرب ودمارها منذ العام 2011.

من هذا المنطلق، لم يتأخر القرار الرسمي السوري في رفع منسوب المخاوف اللبنانية الداخلية إزاء احتمالات سعي نظام الرئيس بشار الأسد إلى إبقاء اللاجئين السوريين في دول الشتات، بدلا من العمل على إعادتهم معززين مكرمين إلى أرضهم.

وفي السياق، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية"إلى أن الرئيس الأسد كان اتخذ في مراحل سابقة خطوات كثيرة فسرت على أنها مقدمة لدفع السوريين الفارين من بلادهم إلى البقاء في دول اللجوء ، مع كل ما يعنيه ذلك من تغييرات ديموغرافية تسجلها المجتمعات المضيفة، كإجبارهم على العودة سريعا إلى البلاد لتسجيل أراضيهم في السجلات الرسمية، تحت طائلة المصادرة، على سبيل المثال لا الحصر.

أما على المستوى المحلي اللبناني، فتذكر الأوساط أن قرار إقفال الحدود هذا يأتي في وقت لا يزال موضوع اللاجئين السوريين يشكل قنبلة خلافية موقوتة بين اللبنانيين قد تنفجر في أي لحظة في وجه الموالين والمعارضين على السواء، لافتة إلى أن بعض أطراف الداخل المحسوبين على محور الممانعة والمقاومة كان رفع الصوت في مراحل عدة مطالبا بتطبيع العلاقات مع النظام السوري، بذريعة ضرورة التنسيق معه في ما يتعلق بطرق عودة اللاجئين.

وتشير المصادر إلى أن هذا التوجه كان يختصر، في مرحلة معينة، السياسة الرسمية اللبنانية، خصوصا مع تولي الوزير السابق صالح الغريب (المحسوب على رئيس الحزب الديموقراطي اللبناني طلال إرسلان، صاحب العلاقات الجيدة مع سوريا) حقيبة شؤون النازحين، كما السياسة الخارجية اللبنانية، حيث أن الوزير السابق جبران باسيل كان أعلن صراحة في خطاب 13 تشرين أنه ذاهب إلى سوريا لبحث هذا الملف. لكن هذا كان قبل أن تندلع الثورة الشعبية وتقلب الأولويات وتعيد رسم الخرائط السياسية.

أمام هذا المشهد برمته، تتجه الأنظار بطبيعة الحال إلى الفريق المحلي الموالي لسوريا وحلفائها، وما يمكن أن يقدم عليه على وقع قرار إقفال الحدود هذا، خصوصا في ما يخص ملف اللاجئين، الذين يرى بعض أطراف الداخل أن الحل الأمثل يكمن في عودتهم إلى المناطق الآمنة، من دون أن يعني ذلك تعبيد الطريق أمام تطبيع العلاقات مع دمشق ونظامها.

لكن، وفي وقت أحجم صقور الفريق المناوئ لسوريا حتى اللحظة عن التعليق على هذه الخطوة السورية، تتريث أوساط فريق 8 آذار بدورها في القراء ة ما بين سطور هذا القرار ودلالاته، معتبرة عبر "المركزية" أن معارضة القرار بهذه السرعة غير مبررة، خصوصا وأن تدبيرا من هذا النوع قد يكون مجرد إجراء وقائي في مواجهة وباء كورونا.

وتذكر الأوساط بأن الدولة اللبنانية اتخذت قرارا مماثلا قبل أن يفكر النظام السوري بمثله، فأقفل مطار رفيق الحريري الدولي أمام حركة الطيران، وأقفلت الحدود أمام المغادرين والعائدين. لكن هذا لا يعني أن لبنان لا يريد أن يعود أبناؤه المنتشرون في العالم إلى بلدهم الأم. بدليل أن وزير الخارجية ناصيف حتي أعلن أمس عبر تويتر أن الطلاب اللبنانيين في الخارج سيعودون بعد إجراء الفحوصات اللازمة للتأكد من عدم إصابتهم بالوباء. وقد يكون الأمر نفسه ينطبق على دمشق التي من الممكن أن تشرع أبوابها وحدودها أمام حركة التنقل بعد طي صفحة كورونا نهائيا.

                                   ***

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o