Feb 26, 2020 8:39 AM
مقالات

"وحدة ابطال" في مستشفى الحريري تتحدى "كورونا"

بعد سحب المستشفيات الخاصة يدها من قضية مواجهة فيروس كورونا المُستجد في لبنان، وتخلّيها عن مسؤولياتها الإنسانية بالدرجة الأولى والوطنية، تجاه المرضى المعرّضين للإصابة بكورونا أو المُشتبه بإصابتهم، سار الأطباء التابعين للجامعات الخاصة على الخطى ذاتها وأعلنوا رفضهم مشاركة زملائهم من "الجامعة اللبنانية" للتطوع في قسم مواجهة كورونا في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، معلنين بذلك تخاذلهم عن أداء مهامهم الإنسانية عند أول حالة طارئة يواجهها البلد على المستوى الصحي.

ما حصل أن الأطباء المتمرّنين العاملين في مستشفى رفيق الحريري الحكومي، والمنتمين إلى جامعات خاصة كالجامعة الأميركية AUB والجامعة اللبنانية الأميركية LAU والجامعة العربية BAU، وغيرها من الجامعات رفضوا التطوّع في القسم الذي استحدثته المستشفى، لاستقبال أي مصاب بفيروس كورونا والحالات المشتبه بإصابتها. فما كان من الأطباء المتمرّنين المنتمين إلى الجامعة اللبنانية (كلية العلوم الطبية) إلا أن أقدموا على التطوع، من دون أي شروط أو مقابل مادي. واتخذت منهم مستشفى الحريري الحكومي فريقاً طبياً على أتم الاستعداد للقيام بواجب وطني، تخاذل أمامه الكثير من الأطباء، فتشكّلت "وحدة الكورونا".

وحدة "الأبطال"

تعمل "وحدة الكورونا" التطوعية والمؤلفة من 14 طبيباً، ينتمون إلى كلية العلوم الطبية في الجامعة اللبنانية، بشكل مجّانيّ 24 على 24 ساعة في المستشفى. تبدأ مهامها من الفحص الأوليّ وصولًا إلى متابعة المصاب في غرفة العزل، إضافة إلى دورها الإرشادي والتوعوي في التعامل مع الفيروس وسبل الوقاية منه.

وقد تداول يوم أمس الثلاثاء 25 شباط ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي منشوراً، نقلاً عن صفحة الجامعة اللبنانية، يشيد بخيار الأطباء المتطوّعين المسؤول. وينقل عن أعضاء الفريق قولهم: إن قرار التطوّع لم يكن سهلًا، لكن الواجب الإنساني والوطني والأخلاقي يحتّم علينا عدم الهرب من ساحة معركتنا ومن مسؤولياتنا أمام عائلاتنا وأحبائنا ومجتمعنا ووطننا الذي يواجه استحقاقًا قد يكون الأصعب والأخطر في تاريخه". ووصف ناشطون أطباء "وحدة كورونا" بـ"الأبطال".

تخاذل أطباء الجامعات الخاصة

وفيما أكد مصدر طبي في مستشفى رفيق الحريري الحكومي في حديث إلى "المدن" صحّة ما تداوله ناشطون عن أن إدارات الجامعات الخاصة هي من قرّر سحب الأطباء المتمرّنين من المبنى المخصّص لمواجهة فيروس كورونا، في مستشفى الحريري الحكومي، خوفاّ عليهم من أي إصابة، نفى ذلك مصدر إداري آخر في المستشفى في حديث إلى "المدن"، قائلاً إن الأطباء المتمرّنين المنتمين إلى الجامعات الخاصة هم من قرّر عدم التطوع للعمل في المبنى المخصص لمواجهة كورونا، ولم يكن قراراً رسمياً من جامعاتهم...

ولكن مهما كانت الأسباب، سواء بقرار شخصي أو قرار مؤسساتي، فالنتيجة واحدة، هي تخاذل أطباء الجامعات الخاصة عن القيام بواجباتهم تجاه مواطنة مصابة بفيروس كورونا، وآخرون مُشتبه بإصابتهم ومصابين محتملين في الأيام المقبلة، متنازلين عن واجبهم الإنساني في مرحلة تُعد الأشد حاجة إليهم.

ووفق المصدر الإداري، فإن المتطوعين من الأطباء في قسم الكورونا كافٍ حتى اليوم، لا سيما أن المستشفى يستقبل يومياً ما لا يزيد عن 10 إلى 12 حالة مُشتبه بإصابتها بفيروس كورونا. وعند إجراء الفحص مرتين للمُشتبه بإصابتهم، في حال كانت النتيجة سلبية يتم الإفراج عنهم. بمعنى أن القسم لا يزال في وضع ممكن السيطرة عليه بالعدد الموجود من الأطباء، "ولكن في حال تطوّرت الأمور لن يكون حجم الكادر الطبي كافياً"، على أمل أن يشكّل تطوّع طلاب الجامعة اللبنانية دافعاً لبعض الجامعات الخاصة وطلابها الأطباء، لإعادة النظر في قرار عدم المشاركة في مواجهة أزمة كورونا الداهمة.

المُضحك المُبكي

ليس قدراً أن تخلو ساحة المعركة في وجه كورونا القاتل من الجميع، إلا المستشفى الحكومي في بيروت، الذي تلقّى الصفعة تلو الأخرى من وزراء الصحة المتعاقبين على مدار حكومات، ومعه أطباء الجامعة الوطنية المحجور عليها في سجون الطائفية وزواريب السياسة. ليس قدراّ بالطبع، إنما هو جشع المستشفيات الخاصة التي تهرّبت من تحمّل مسؤولياتها في المشاركة بمواجهة كورونا، خوفاً من خسارة بعض مرضاها أو "زبائنها"، إذا صح التعبير، وتخاذُل وفوقية الجامعات الخاصة، المتخلّية عن رسالتها الإنسانية ودخولها مضمار التجارة منذ سنوات.

والمُضحك المُبكي أن العاملين في مستشفى الحريري الحكومي، الذين يشاركون بطريقة أو بأخرى في مواجهة أزمة كورونا، بحُكم عملهم في المستشفى، هم الفئة الوحيدة من العاملين في القطاع العام الذين لم ينالوا حقوقهم ومستحقاتهم المالية والمعيشية من سلسلة الرتب والرواتب التي أقرت عام 2017، وهو ما دعاهم للجوء إلى مجلس شورى الدولة لتحصيل حقوقهم. ولم يتم ذلك حتى اليوم. فهل سيُسجّل وزير الصحة الحالي حمد حسن في سجلّه إنجاز تحصيل حقوق أطباء وعاملي مستشفى الحريري الحكومي وباقي المستشفيات الحكومية؟ على الأقل، تقديراً لتضحياتهم، و"بطولتهم".

عزة الحاج حسن-المدن

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o