Feb 26, 2020 6:37 AM
صحف

مكافحة كورونا: غياب الأمان الصحي في ‏المطار وتهميش قطاع النقل يُثيران "الهلع"

رغم محاولات "الإستنفار" التي تُبديها وزارة الصحة بالتعاون مع خلية ‏الأزمة الوزارية واتخاذها "سلسلة" من الإجراءات للسيطرة على فيروس ‏‏"كورونا"، إلّا أن الوقائع المرتبطة بـ "الترهّل" الذي يفتك بـ "الدولة" لا ‏يُنبئ بالخير. ذلك أن نقاشات "بديهية" يجب أن تُطرح قبل تقييم أداء ‏السلطة في إدارتها الأزمة. وهي ترتبط أولاً بغياب الأمان الصحي في ‏مطار رفيق الحريري الدولي وبتهميش قطاع النقل، مكمن الخطر الفعلي، ‏فضلاً عن تدهور المُستشفيات الحكومية التي من المُقرّر أن تخوض ‏‏"المعركة" وحيدةً. كل هذا يجعل التشكيك في فعالية الاجراءات المتخذة ‏أمراً مبرراً... ومرعباً‎!‎
عند استفسارهم عن الإرشادات والإجراءات المتّخدة في مطار رفيق الحريري الدولي في إطار "ضبط" الحالات ‏المُشتبه بإصابتها بفيروس "كورونا"، قال مُسافرون إن عناصر من الأمن العام اللبناني سألوهم إن كانوا يشعرون ‏بعوارض معينة كارتفاع الحرارة والسُّعال وسيلان الأنف وغيرها‎!
بمعزل عن النقاش حول "فعالية" السؤال وحجم تأثيره في عملية الرصد المطلوبة في حالات احتواء ظروف ‏مُماثلة، يُطرح تساؤل حول سبب تولّي عُنصر أمني مهمّة "صحية"، في وقت يوجد في المطار مُستوصف ‏صحي ودائرة حجر يضمّان نحو خمسة أطباء وعدداً من الممرضات، علماً بأن أحداً من المُسافرين لم يأت على ‏ذكر الطاقم الطبي الذي يُفترض أن يكون "مُستنفراً" في الأيام "الطبيعية" عموماً وفي ظروفٍ مُماثلة خصوصاً‎.
قبل ستّ سنوات، خلُص رئيس هيئة "الصحة حق وكرامة" النائب السابق إسماعيل سكرية إلى أنّ "الأمن ‏الصحي مفقود في المطار"، لافتاً إلى غياب التجهيزات الطبية والصحية، من آلات لتخطيط القلب، وصولاً إلى ‏توفر أدوية الطوارئ. وهو أكد لـ‎"‎الأخبار"، أن الواقع "الحديث" ليس أفضل مما كان عليه، جازماً بأن الفريق ‏الصحي والطبي في المطار لا يقوم بعمله، فيما يبدو المستوصف ودائرة الحجر الصحي مرافق "شكلية‎".
في المبدأ، يُفترض أن يضمّ مُستوصف المطار أربعة أطباء، وأن تضمّ دائرة الحجر الصحي طبيباً وعدداً من ‏الممرضين والممرضات. ويتبع المُستوصف، إدارياً، لمُديرية النقل في وزارة الأشغال، "فيما الأطباء العاملون فيه ‏متعاقدون في الأساس مع وزارة الصحة". ويلفت سكرية إلى أنّ هؤلاء "يحصلون على رواتبهم من الوزارتين، ‏فيما معظمهم لديه ارتباطات وأعمال أخرى، وليسوا موجودين في المُستوصف بشكل دائم (...) والأمر نفسه ‏ينطبق على طبيب دائرة الحجر الصحي". وبالمناسبة، فإن هذه الدائرة "غالباً ما تعاني من نقص في اللقاحات ‏المطلوبة لبعض المُسافرين اللبنانيين‎".
هذا كله يثير نقاشاً حول "جهوزية" المطار و"إجراءات" الحذر التي تتخذها السلطات المعنية في ظروف مماثلة. ‏ورغم "النيات" الحسنة الكامنة خلف الجهود التي تُبديها هذه السلطات وتعبّر عنها ببعض الإرشادات، ثمة وقائع ‏لا مهرب منها، وهي ترتبط أولاً وأخيراً بالترهّل الذي يفتك بـمرافق الدولة. فهل يصح الحديث عن أجهزة لكشف ‏حرارة المُسافرين في وقت يغيب فيه الطاقم الطبي المعني الأول في المطار؟ وماذا عن دائرة الحجر الصحي التي ‏يفترض أن "تقود" الإجراءات في هذا الوقت الراهن؟ ومن يحمي رجل الأمن الذي ختم جواز سفر المُصابة ‏بالفيروس؟ ومن يحمي الأشخاص الذين يتواصلون مع رجل الأمن نفسه؟هل من بين أطباء المطار من هو مختص ‏بالأمراض الجرثومية والأوبئة؟‎
هذه التساؤلات التي تطاول "البديهيات" مطلوبة عند تقييم أي إجراءات استنفار تقوم بها الدولة في الظرف الراهن‎.
قطاع النقل: وإلى غياب الأمان الصحي في المطار، يغيب الحديث عن الاستنفار المطلوب في قطاع النقل الذي يُعدّ "مكمناً" ‏رئيسياً لانتشار الفيروس. ولأن غياب شبكات النقل المُشترك أرسى قطاعاً فوضوياً، فمن "الطبيعي" أن يُترك ‏المُقيمون في لبنان تحت رحمة استنسابية "إجراءات" أصحاب الفانات والآليات المخصصة للنقل المُشترك. فما ‏الذي تقوم به وزارة الصحة وخلية الأزمة الوزارية على هذا الصعيد؟‎
قبل أيام، قالت إحدى المُشتبه بإصابتها للمنتدب من وزارة الصحة الذي طلب منها زيارة المُستشفى الحكومي ‏لإجراء بعض الفحوصات، إنها لن تتكبّد عناء النزول إلى بيروت إلّا إذا تم تأمين نقلها، لأنها "تعبت من الفانات"! ‏إذ إنها طوال الأيام الماضية، وأثناء الاشتباه بإصابتها، كانت تستخدم الفانات للتنقل‎!
وأمس، طرحت لجنة الصحة النيابية صعوبة نقل الصليب الأحمر للمرضى والمشتبه بإصابتهم من المناطق إلى ‏مُستشفى رفيق الحريري الحكومي. وقال رئيسها عاصم عراجي إن "هناك مُشكلة في المناطق"، لافتاً إلى أنه ‏طُلب من منظمة الصحة العالمية مُساعدة وزارة الصحة لإنشاء غرف عزل في المناطق‎.‎
‎أضف إلى ذلك، عدم إمكان منتدبي وزارة الصحة والبلديات من فرض تطبيق الحجر المنزلي على معظم القادمين ‏من مناطق مصابة في الأيام الأخيرة، ما يجعل من هؤلاء وذويهم ومن يحتكّون بهم "قنابل موقوتة‎".
مرة أخرى هو الترهل الذي يفتك بالدولة. فهذا الواقع ليس إلا نتاجاً لغياب سياسات صحية متكاملة، ولفوضى ‏حكمت واقع الاستشفاء والصحة في مختلف المناطق. وفيما تُروّج وزارة الصحة لإمكانية اعتماد مُستشفيي ‏النبطية وصيدا الحكوميين كمستشفيات "طوارئ" لمواجهة تداعيات الأزمة المُرتقبة، تُشير المعطيات إلى ‏صعوبات "جوهرية" يعاني المُستشفيان منها، تتعلّق بالنقص في المُستلزمات الطبية والأدوية وبعض التجهيزات‎.
يؤكد سكرية أنّ الإجراءات التي تتخذها الوزارة والمعنيون "سليمة". لكنها ستصطدم حُكماً بالإهمال المتراكم ‏الذي فتك بالدولة. أمام هذه الوقائع، يغدو التشكيك في إمكانية "السيطرة" على الأزمة المرتقبة، وفي فعالية ‏الإجراءات المتخذة، أمراً مشروعاً... لا بل مُبرّراً، بالقدر الذي يبدو فيه مرعب.

الاخبار

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o