Feb 22, 2020 6:24 AM
صحف

الكمّامات الصينية مقطوعة والأوروبية "أغلى"... ومستشفى بيروت الحكومي المنسيّ: ملاذ كورونا الأوحد

من المُقرّر أن يعقد وزير الصحة العامّة حمد حسن، اليوم، مؤتمراً صحافياً مُشتركاً مع رئيس مجلس إدارة مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي فراس الأبيض وبحضور الفريق الطبي والتمريضي المُختصّ لـلـ"إدلاء بالمعلومات المُتعلّقة بتسجيل أول إصابة بفيروس كورونا في لبنان"، على أن تلي المؤتمر جولة ميدانية في أقسام العزل المُستحدثة الخالية من المرضى.

وعلمت "الأخبار" في هذا الصدد بأنّ إدارة المُستشفى كانت قد طلبت من الأطباء المُقيمين والممرضين والمُمرّضات "إخلاء" غرفهم وانتقالهم إلى طوابق أخرى، بهدف تخصيص الطابق الذي "يقطنون" فيه لاستقبال المُصابين بـ"كورونا".

وبمعزل عن "طبيعة" المعلومات والمُستجدّات التي سيتناولها المؤتمر، ثمّة نقاش أساسي يرتبط بجهوزية المُستشفى الذي يُعدّ "المرجع" الأساسي في الظروف الحالية وفي أي ظروف مماثلة مُرتقبة، على حدّ تعبير نقيب المُستشفيات الخاصّة سليمان هارون.

مطار بيروت: كشف مسؤول المكتب الصحي في مطار بيروت الدولي الدكتور حسن ملاح لـ"النهار"، أن "الحالتين المشتبه فيهما ليستا جديدتين ولا علاقة لهما بالطائرة الايرانية، ونحن في انتظار صدور النتائج المخبرية لتأكيد صحة اصابتهما من عدمها. كذلك سيتم استدعاء 125 راكباً كانوا على متن الطائرة الإيرانية للتأكد من وجود أي اصابات أخرى بعد تسجيل اول اصابة في لبنان، والوزارة تتصل بهم تباعاً لإجراء الفحص".

لكن السؤال الجوهري هو: لماذا لم يتم الحجر الصحي مباشرة على ركاب الطائرة قبل خروجهم من المطار وقبل اختلاطهم بالركاب الآخرين وقبل وصولهم إلى منازلهم وعائلاتهم؟ والسؤال الاخر الذي لا يقل اهمية والذي اثار الاستغراب هو لماذا تخلفت السلطات اللبنانية عن قرار تعليق الرحلات الجوية الى ايران التي تعترف بنفسها رسميا بان فيروس "كورونا" تفشى في معظم مدنها وبعدما بادرت معظم الدول المحيطة بايران وحتى البعيدة منها أيضاً الى الغاء الرحلات الجوية اليها؟ ولعل هذه الفضيحة المتصلة بترك الرحلات الجوية بين لبنان وايران بدت الاشد وطأة على الحكومة والسلطات المعنية حين اعترف وزير الصحة مساء أمس بأن هذا القرار تتخذه الحكومة وله اعتبارات سياسية !

الكمامات مقطوعة: ما كان ينقص لبنان هو الـ"كورونا" لتضاف الكمامات الواقية إلى لائحة "العملة النادرة" في البلد... فسياسة التقنين التي تعتمدها المصارف على السحوبات، تمدّدت أمس إلى الصيدليات فور انتشار خبر وصول وباء "كورونا" إلى لبنان من إيران. إذ عمد بعض الصيادلة الى "قوننة" كميّة مبيع الكمامات تلبيةً للتهافت الكبير على شرائها الأمر الذي أسفر عن ارتفاع بورصة أسعارها ونفادها من الأسواق. فمنذ تفشّي الـ"كورونا" في الصين، كان عدد قليل من اللبنانيين بادروا إلى شراء وتخزين الكمامات في المنازل تحسّباً لوصول الوباء إلى لبنان، وما أن وصل بالأمس حتى أصيبت شريحة كبيرة من اللبنانيين بحالة من الهلع، ليس فقط خشية انتشار الوباء بل نتيجة عدم توافر الكمامات الواقية في الصيدليات لتلبية الإقبال الكثيف على شرائها، الأمر الذي سرعان ما ضاعف سعرها... إن وُجدت!

وفي هذا السياق أوضح نقيب الصيادلة غسان الأمين لـ"نداء الوطن" أنه "لا يزال هناك مخزون لدى بعض الصيدليات من الكمامات الواقية"، مشيراً في الوقت عينه إلى أنها "تستورد عادةً من الصين لكن اليوم ومع وقف حركة الطيران من تلك البلاد، سيتطلب الأمر بعض الوقت وقد يستغرق نحو الشهر لاستيرادها". وأضاف: "أما إذا رغب الوكلاء توفيرها في السوق بكثرة فليس أمامهم سوى استقدامها من الدول الأوروبية وطبعاً في هذه الحالة ستكون تسعيرتها أغلى".

ورداً على سؤال، أجاب الأمين: "الكمامات تجنّب انتقال الفيروس في حالة السعال والشمّ فقط، أما الوقاية الأساس لتفادي انتشاره فتكمن من خلال تجنّب الأماكن المكتظة، ووقف الإحتكاك المباشر مع الآخرين كالتقبيل والملامسة، وفي حال تبادل السلام باليد فيجب بعدها تفادي وضع اليد على الوجه والعينين والفم، والمسارعة إلى غسل اليدين واستخدام المطهرات".

وبالنسبة الى تداعيات الإصابة بالـ"كورونا"، شدد الأمين على أنّ "حالات الوفاة لدى المصابين هي 2% إذا كانوا طبعاً في صحّة جيدة، مع استثناء العجزة والأطفال ومرضى القلب والضغط".

لا كمامات في لبنان: معلوماتٌ غير مؤكدة أفادت بأن لا كمامات طبية في الأسواق اللبنانية، وأنّ أكثر من أربعة أطنان ونصف الطن من الماسكات تم المتاجرة بها وتصديرها من مستودعات مستوردي المستلزمات الطبية إلى خارج، منذ أكثر من أسبوعين. موقع “أساس” (asasmedia) تحرّى عن الموضوع، وبعد اتصالات بعدد من الصيدليات الكبيرة في بيروت، بات أكيداً أنّ السوق اللبناني يفتقر فعلياً لهذه الكمامات، فكان معظمها يعاني من نفاذ الكميات لديه، ومنها من لديه كمامات قطنية بكميات قليلة جداً (سعر الواحدة منها 500 ليرة لبنانية). بينما نفذت لديه الماسكات المقنعة أو المعروفة بـ N195(وسعر الواحدة منها 6000 ليرة)، وبعضها نفذت آخر كمياتها المتبقية (150 ماسك) اليوم بعد الإعلان عن وجود حالة فيروس كورورنا اليوم.

إذاً فإنّ السوق اللبناني غير مجهّز وقائياً لاستقبال كورونا من هذه الناحية، فمن هي الجهات المسؤولية عن المتاجرة بصحّة الناس؟ مع العلم أنّ لبنان بلد لا ينتج الكمامات بل يستوردها جميعها من الصين، وبالتالي فإنّ استيراد المزيد منها في هذه الظروف يعتبر شبه مستحيل.

حسام سنّو، وهو صاحب شركة المستلزمات الطبية ” oxy care”، يؤكّد لـ”أساس” أنّه منذ أكثر من أسبوع لا كمامات ولا ماسكات لدى الشركات. بل أكثر من ذلك، فهو يجزم أنّ “البلد كلها فاضية”، ويشرح أنّه تم إخراج كميات هائلة جداً من لبنان إلى الإمارات العربية المتحدة، وأفريقيا، وأنغولا والكونغو والبعض منها إلى الصين التي أرسلت شركات فيها تطلب ما في لبنان من كمامات، والأرجح طلبت الأمر نفسه في دول أخرى: “حتّى أنّ هناك أزمة في المستشفيات منذ أكثر من 10 أيام في نقص الماسكات العادية، حتّى غير المقنّعة”.

ويخبرنا سنّو أنّ ثلاث مستشفيات اتصلت به منذ أسبوع للحصول على صندوق واحد من الكمامات، ولم يستطيع تلبية طلباتها بعد إفراغ السوق من الكمامات عبر التجار وعبر شركتَي DHL و ARAMEX ، بحسب قوله، وهما الشركتان اللتان لا تعملان منذ أكثر من شهر إلا بتصدير الماسكات، على حدّ قول سنّو.

الأمر الذي يؤكّده أيضاً صاحب شركة “health mart” للمستلزمات الطبية، ويربط نفاد الكميات بـ”عدم تمكّن لبنان من استيراد المزيد من الكمّامات، بعد رفض الصين لكلّ الطلبات الخارجية”.

وعن السعر يشير سنّو إلى أنّ الصندوق الواحد، الذي يضمّ 50 كمّامة، كان ثمنه دولاراً واحداً، كان يتم تسليمها إلى المستشفيات وتجّار الجملة بـ 80 سنتاً، والإثنين الماضي وصل ثمنها إلى 12 دولاراً، واليوم سجلت ارتفاعاً فوصلت إلى 16 و18 دولاراً، وهذا كله قبل لحظة الإعلان عن وصول كورونا إلى لبنان.

في المقابل تنفي مصادر وزارة الصحة، في حديثٍ خاص لـ”أساس” هذا الكلام، وتربط نفاد الكمامات بازدياد الطلب. وفي إجابةٍ على سؤال “هل فعلاً لبنان في خطر؟”، تجيب المصادر: “لا يمكن لأحد أن يجيب عن هذا السؤال، بالأمس عرفنا بتسجيل حالات إصابة بالكورونا في إيران، لكن من يضمن كم شخص دخل إلى لبنان من إيران خلال الفترة الماضية”. وتؤكد المصادر أنّ وزراة الصحة تعمل بأكثر من طاقتها وأنّ “وضعنا أفضل بكثير من بلدان أخرى”.

بدوره نقيب الصيادلة غسان الأمين يرفض الكلام عن صفقات تجارية في الماسكات الطبية، ويؤكد “وجود كميات ليست كبيرة في الأسواق، لأنّ الطلب ارتفع على الكمّامّات منذ بداية الإعلان عن كورونا في العالم، وفي صيدليتي يوجد حالياً 10 صناديق، كل صندوق يضم 50 كمامة”.

وشدّد الأمين، في اتصالٍ مع “أساس” على أنّه “رغم النظام السياسي في لبنان الذي لا نُحسد عليه، لكن اكتشاف الحالة بعد 12 ساعة من دخولها إلى لبنان يؤكد أنّ هناك إجراءات احترازية جيدة جداً، معوّلاً على الشعب اللبناني المثقف والواعي، لأن كورونا يحتاج فعلياً إلى وقاية وليس إلى دواء أو كمّامة”. ويختم: “لا داعي للهلع، فالكورونا ليس بخطورة الفيروسات التي سبقته، فهو مميت بنسبة 2 % فقط، وكل ما نحتاجه تدابير وقاية شخصية لا أكثر”.

إذاً، في وقت قرّر العالم تجريم تصدير الكمامات والماسكات الطبية خارج نطاق الدول، بما فيها المصنعة، فلبنان، البلد غير المنتج لهذه المستلزمات، يصدّر كميات هائلة إلى الخارج بهدف التجارة والربح. وبعد الإعلان عن أول حالة كورونا في لبنان باتت هذه التجارة بصحّة الناس ومستقبلهم.

“أساس” يضع هذه المعلومات في عهدة المعنيين، من وزراة الصحة والجمارك اللبنانية، ويعتبرها إخباراً إلى القضاء، للقيام بالتحقيقات اللازمة وكشف ملابسات هذه الجريمة، ومن خطّط ومن نفّذ ومن تاجر بصحة لبنان واللبنانيين.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o