Feb 18, 2020 3:14 PM
خاص

الانتخابات المبكرة بين سندان الاستقالات ومطرقة القانون

المركزية- لم يتأخر ثوار 17 تشرين الأول في التعبير عن أجندة مطالبهم الواضحة في مواجهة سلطة سياسية تعمدت مرارا اعتماد سياسة "الأذن الصماء" في وجه الشارع المنتفض. ويأتي على رأس هذه المطالب إجراء انتخابات نيابية مبكرة، تتيح للشعب الثائر التعبير عن إرادته السياسية في ضوء المعادلات الجديدة التي أرساها 17 تشرين، وما عاد في الامكان تجاوزها. غير أن المطب الأهم يكمن في أن الائتلاف الذي يتحكم بالأكثريتين النيابية والوزارية لا يزال يرفع البطاقة الحمراء في وجه الانتفاضة، مخافة خسارة مكاسب انتخابية قد يطيحها الوعي الشعبي.

لكن الأهم يكمن في ان الثوار ليسوا وحيدين في الدعوة إلى اجراء انتخابات نيابية مبكرة. ذلك أن رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل كان أطلق نداء مماثلا بعد أسبوعين على انطلاق الثورة، معلنا تقديم اقتراح قانون لتقصير ولاية المجلس النيابي المنبثق من استحقاق انتخابات أيار 2018، تمهيدا لاجراء انتخابات مبكرة في أيار المقبل، أي قبل سنتين من الموعد الدستوري لانتهاء ولاية المجلس الجديد.

وفي السياق عينه، تلفت مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" إلى أن رئيس الكتائب كان دعا النواب إلى تقديم استقالاتهم للدفع في اتجاه إجراء استحقاق نيابي مبكر انفاذا لمطالب الشارع، مشددة على أن إقدام نواب الكتائب على الاستقالة وحيدين من المجلس تعد سيفا ذا حدين. ذلك أن خروج ثلاثة نواب دون سواهم من المجلس لن يجبر القوى المتحكمة بزمام الأكثرية النيابية على اجراء الانتخابات، ويقضي على واحد من أهم الأصوات المعارضة للنهج السياسي السائد في البلاد، فيما لبنان يعتد بكونه دولة ديموقراطية تخوض اليوم واحدة من التجارب النادرة، حيث أن أكثربة تحكم في مقابل معارضة حاضرة لوضع الاصبع على جرح أخطاء السلطة، متى وجدت.

إنطلاقا من هذه الصورة، تفسر المصادر الاصرار على الاستقالة الجماعية من مجلس النواب، من دون أن تسقط من حساباتها احتمالات إعادة تحريك المياه الراكدة في هذا الشأن، كاشفة أن أكثر من نائب قد يقدم على مبادرة من هذا النوع، بينهم رئيس التنظيم الشعبي الناصري النائب أسامة سعد، الذي أسرّ لبعض المقربين منه، على ذمة المصادر عينها، أنه قد يستقيل من منصبه لاستعجال اجراء الانتخابات في أقرب فرصة، خصوصا أن الحكومة الجديدة لم تبد أي إشارة ايجابية في اتجاه تبني مطلب الثوار في هذا المجال. وتذكر المصادر في هذا الاطار بأن رئيس الحكومة كان ذهب بعيدا في محاولة البعث بالرسائل الايجابية إلى الانتفاضة، مطلقا على فريقه الوزاري تسمية "حكومة الحراك"، من غير أن تقترن هذه الايجابية يأي خطوات عملية.

وفي موازاة ترقب احتمالات إقدام النواب فعلا على اتخاذ القرار الجريء بترك مقاعدهم النيابية كرمى للمنتفضين، تشير المصادر إلى أهمية هذه الخطوة من حيث توقيتها، على اعتبار أنها، لو حصلت، ستأتي في وقت يرتفع منسوب آمال المتفائلين في تأليف جبهة معارضة تضم إلى الكتائب، الحزب التقدمي الاشتراكي، وتيار المستقبل، محذرة من خطورة المطالبة بوضع قانون انتخابي جديد، لأن السلطة قد تجد في ذلك الذريعة الأمثل لتأجيل الاستحقاق وقذفه إلى غياهب النسيان، وهو ما حذر منه الجميل كما رئيس حزب القوات سمير جعجع.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o