Jan 15, 2020 6:58 AM
صحف

"حلحلة" حكومية تظهر نتائجها في غضون أيام؟

لم تصِل المشاورات التي استؤنفت أمس الى تذليل العقبات القائمة أمام الحكومة على خلفية الصراع على الصلاحيات والحصص والأوزان. لكن تقدماً حصل في الساعات الماضية بعدَ اللقاءات التي عقدت، أولاً بين رئيس مجلس النواب نبيه بري ووزير الخارجية جبران باسيل، كما بين وزير المالية علي حسن خليل والرئيس المكلف حسان دياب. هذا التقدم ينحصِر في إطار "فرملة" اندفاعة باسيل في اتجاه إعلان عدم المشاركة في الحكومة، وهو الموقف الذي كانَ ينوي اعلانه مساء أمس بعدَ اجتماع تكتل "لبنان القوي"، لكن ذلك لم يحصل، نتيجة مشاورات ساعتين ونصف ساعة في عين التينة. وتمّ الإتفاق على معادلة تنص على "الذهاب الى تأليف حكومة بالتشاور مع دياب، إذ لا بديل عنه في المدى المنظور". وقالت مصادر مطلعة أن "عون وباسيل كانا لا يزالان يُصران على استبدال دياب (بالنائب فؤاد مخزومي مثلاً)، لكن الخيارات المطروحة غير مقبولة بالنسبة الى حزب الله والرئيس بّري. وقد أُبلغ باسيل بهذا الأمر، كما جرى التأكيد أنهما لن يذهبا الى المجهول ويدخل البلد في أشهر إضافية من التعطيل لحين الإتفاق على بديل لدياب". وفيما جرى النقاش بإمكانية توسيع الحكومة الى 24 وزيراً، لا يزال دياب عند رأيه بتأليف حكومة من 18 وزيراً، لكن التقدم الذي حُكي عنه سيُترجم في الأيام المقبلة، إذ ستكثّف اللقاءات مع الرئيس المكلف، ومن المفترض أن يبدأ بها الرئيس برّي. علماً ان رئيس المجلس، بحسب مصادر "الأخبار"، كان يمتنع منذ نحو أسبوع عن تحديد موعد لدياب لزيارة عين التينة، تعبيراً عن استيائه من طريقة تعامل الأخير مع تأليف الحكومة، إلا ان موعداً حدّد للقاء بينهما هذا الأسبوع. وبالتزامن مع لقاء عين التينة، أجرى دياب لقاءات أخرى منها مع وزير المال والمعاون السياسي لحزب الله الحاج حسين الخليل اتفق خلالها على التسريع في تشكيل الحكومة.
لقاء ايجابي: وافادت "الأخبار" أن لقاء بري - باسيل "الايجابي" ساهم في إقناع الرجلين بعضهما بعضاً بإعطاء فرصة جديدة للرئيس المكلف. إذ أقنع باسيل بري بـ"تطرية موقفه لجهة عدم تغيير شكل الحكومة من حكومة اختصاصيين الى حكومة تكنوسياسية، خصوصاً أن "قطوع" اغتيال قائد فيلق القدس الحاج قاسم سليماني والرد الايراني مرّا من دون تداعيات كبيرة في المنطقة، وبالتالي قد يكون من المصلحة إعطاء فرصة لحكومة اختصاصيين تلبّي تطلعات الشارع وترضي المجتمع الدولي".
وفي المقابل، أقنع بري باسيل بالتهدئة والتراجع عن الاعلان أمس عن موقف حاسم للتيار، يتراوح بين عدم المشاركة في الحكومة مع إعطائها الثقة وفقاً للبرنامج الذي يعلنه رئيسها، وبين عدم منحها الثقة نهائياً. علماً أن إشارات وصلت الى التيار، قبل اللقاء، مفادها أن تغيراً في أداء دياب قد يطرأ بما يخفّف من استياء التيار الوطني الحر. وهي إشارات ساهمت أيضاً في إقناع باسيل بالتراجع عن إعلان موقف حاسم.
نجيب ميقاتي ثانٍ! وفي المعلومات أن الاستياء البرتقالي مردّه الخشية من أن تكون البلاد أمام "تجربة نجيب ميقاتي ثانية"، بمعنى افتعال المشاكل مع التيار الوطني الحر حصراً لإثبات أن رئيس الحكومة المكلف ليس "صنيعته". فهو، تقريباً، اتفق على أسماء الوزراء مع بقية الأطراف السياسية، باستثناء التيار، مع الاتهام الدائم لباسيل بالعرقلة. ويأخذ العونيون على دياب تمسّكه بـ"الشكليات" كالاصرار على حكومة من 18 وزيراً تضم ست نساء وتكون إمرأة نائبة لرئيسها، وإصراره على دمج بعض الوزارات، واقتراح أسماء اختصاصيين لحقائب لا تناسب اختصاصاتهم، واختيار أسماء غير مؤهلة أساساً. إذ أن الرئيس المكلف ينتقي أسماء ويريد فرضها على التيار، مثلاً، مع الايحاء بأن هذه الأسماء تمثل التيار رغم عدم موافقته عليها أو أنها ليست محسوبة عليه أساساً. وبالتالي، "إذا لم يكن يريدنا أن نسمي فإن ذلك لا يعني أن ينتقي أسماء ويحسبها علينا" وفق مصادر في التيار.
"نقزة"! وذكرت "الأخبار" أن أداء دياب في التأليف اثار "نقزة" لدى كل الأطراف التي سمّته، خصوصاً مع بروز إشارات مقلقة تشير إلى أن إصراره على بعض الأسماء يبدو في مكان ما وكأن الأمر "مطلوب منه من طرف خارجي ما".

عودة حرارة التواصل: من جهتها، أكدت مصادر مطلعة على مفاوضات التشكيل الحكومي لـ"الجمهورية" انّ الحرارة عادت الى خطوط التواصل بين المعنيين بهذا الاستحقاق بزَخم كبير، إذ شهدت الساعات الماضية حراكاً كثيفاً أنتجَ تفاهمات بين الرئيس المكلف حسان دياب والافرقاء الاساسيين تنذر بولادة الحكومة خلال 48 ساعة او اكثر بقليل، ويسبقها بعض الاجتماعات التي سيعقدها دياب وأبرزها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري والوزير جبران باسيل. واشارت المصادر الى أن لا تغييرات جوهرية طرأت على شكل الحكومة وتوزيع الحقائب والاسماء باستثناء امور تتعلق ببعض "الروتوش"، عازية الفرملة التي أصابت عملية التأليف في الايام السابقة الى "بعض الثرثرات وقلة النضج السياسي التي مارسها البعض".
وفي السياق نفسه، ذكرت "الجمهورية" انّ المعنيين بالاستحقاق الحكومي بدأوا التفتيش عن حلحلة تُفضي الى إنجازه قريباً، حيث انّ الجميع باتوا محشورين في زاوية. في وقت أظهرَ الحراك في جولته هذه المرة انه مَرصوص وتديره غرف خبيرة في مجالات كهذه يساعدها استمرار التدهور في الاوضاع الاقتصادية والمالية. في حين بَدا فريق التكليف الحكومي المَحشور الأكبر لأنه من لون واحد ويفترض ان يشكّل حكومة من لون واحد، ولهذا هو يفتّش عن مخرج لحفظ ماء وجهه.
وتفيد المعلومات ايضاً انّ حركة الاتصالات المنتظرة اليوم ستكون شاملة، حيث يتوقع ان يكون لكلّ من رئيس الجمهورية ميشال عون وبري ودياب لقاءات سيركّزون خلالها على توليد الحكومة في القريب العاجل لأنّ جرس الانذار السلبي يقرع مالياً واقتصادياً، كما قرع في الأمس من خلال الحراك في الشارع الذي يخشى من تفاقمه خلال الايام المقبلة، ولذلك لا بد من إيجابية احتوائية للوضع.

نافذة امل: وتوفرت معطيات أمس عن طلب دياب مهلة 48 ساعة لتقديم تشكيلته، وهو ما نفته أوساطه بشدة، لكن مصادر قريبة من باسيل ردت تراجعه عن التصعيد الذي كان مرتقبا في مؤتمره الصحافي أمس إلى «استمهال من دياب».
وترافق هذا الجو مع أجواء إيجابية أشاعها بري الذي التقى باسيل مطولا أمس، ونقل زوار بري عنه لـ«الشرق الأوسط» أن ثمة نافذة أمل قد فتحت، نأمل بأن تتحول بابا. وقالت مصادر باسيل إن الأخير «قدم نبرة هادئة بسقف عال، بدلاً من نبرة عالية لسقف عال»، مشيرة إلى أنه إذا لم تبصر الحكومة النور قبل نهاية الأسبوع فإنه سيعود إلى التصعيد.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o