Dec 19, 2019 4:52 PM
تحليل سياسي

شريط الاستشارات يميل لتكليف دياب فهل يؤلف حكومة المواجهة؟
ممانعة سنية سياسية صلبة تسحب البساط الميثاقي وحزب الله يسمي
هيل في بيروت في عزّ الأزمة... والمانيا تصوت لحظر حزب الله

المركزية- باب الاستشارات الذي فُتح في بعبدا بعد ارجاءين لتسمية الوزير السابق حسّان دياب، على اثر اعتذار الرئيس سعد الحريري، فَتح ابوابا واسعة على التساؤلات عن مصير تكليفٍ يطعن بالميثاقية بموقع يتمثل فيه رئيس الحكومة السني، اذ ان منطق الامور يفترض ان تكون الحكومة ميثاقية ابتداء من رأس الهرم، وعن مصير مساعدات موعودة من الخارج لحكومة يشكلها فريق 8 آذار وخصوصا حزب الله الموسوم بالارهاب دوليا، في ضوء رفض مشاركة قوى  14 آذار فيها او تسمية اي شخصية من الرئيس الى الوزراء، وعن الموقف العربي مما يعتبرونه اقصاء للصوت السني الحقيقي، وعن تلقف الثوار للتكليف وبعده التأليف المتوقع الا يرضيهم، ما دامت القوى التي سمت دياب، رفضت شكل الحكومة التي يطالب بها هؤلاء والمتقاطعة مع طرح الرئيس سعد الحريري، حكومة تكنوقراط بحتة من دون سياسيين، وعن شكل الحكومة التي سيشكلها دياب للتوفيق بين القوى السياسية المشاركة وعن مشروع دياب الانقاذي للمرحلة البالغة الحراجة بعدما كان سابقا وزيرا في حكومة محور، وعن الموقف الاميركي الذي قد يكون الاول من نوعه دوليا، اذ يبلغه بالمباشر مساعد وزير الخارجية الاميركي دايفيد هيل الذي يبدأ صباح غد جولة لقاءات مع كبار المسؤولين من بعبدا صباحا ثم عين التينة فبيت الوسط، في زيارة هي الاولى لمسؤول اميركي رفيع منذ بدء الانتفاضة الشعبية. علامات استفهام كثيرة سترتسم الى حين التشكيل، إن تم.

حكومة حزب الله: وفي موقف سنّي يعكس مدى الاعتراض على تكليف دياب، اكد رئيس المركز الاسلامي للدراسات والاعلام القاضي الشيخ خلدون عريمط لـ"المركزية" "ان الحكومة العتيدة برئاسته باعتقادي انها حكومة حزب الله بامتياز ودور باسيل فيها هو "كومبارس" وسيكون دور الرئيس المكلّف واجهة للتوقيع لا اكثر ولا اقل". واشار الى "انها حكومة اللون الواحد فاقدة للميثاقية والدستور وستكون جزءاً من النفوذ الايراني وهذا يعني ان البلد مُقبل على ايام صعبة". ولفت الى "ان رئيس الجمهورية وفريقه وحليفهما حزب الله جزء من مشروع اقليمي في المنطقة، لذلك من الطبيعي ان يُشكّلوا حكومة كهذه تعكس قبضتهم على البلد".

كسر القاعدة: لكن، لحزب الله نظرة اخرى في الموضوع، فهو وبعدما سجّل سابقة لافتة في الاستشارات النيابية تمثّلت بكسر قاعدة الاحجام عن التسمية وايداع اصواته لدى رئيس الجمهورية، بتسميته للمرّة الثانية شخصاً للتكليف بعد اولى في العام 2013 حينما سمّى الرئيس نجيب ميقاتي، اوضحت مصادر مقرّبة من حزب الله لـ"المركزية"، "ان تطورات الملف الحكومي فرضت كسر هذه القاعدة، لان تسمية دياب كانت ضرورية للقفز فوق اي احتمال آخر". ولفتت الى "ان الحكومة العتيدة وبخلاف ما يسوّقون لن تكون حكومة لون واحد، لان "عقلية" تشكيلها تختلف تماماً عن السابق مع دخولها اللعبة الديموقراطية، اذ ان الترشّح لرئاسة الحكومة لم يعد محصوراً بشخص محدد انما منافسة ديموقراطية بعدما قرر الرئيس سعد الحريري نهائياً هذه المرّة عدم خوض غمار الاستحقاق الحكومي". واكدت "ان هذه الحكومة لم تتألّف لتسجيل انتصارات بل لاجراء عملية انقاذ للبنان، ومن يريد الانقاذ فليتفضّل ويشارك فيها، وهي نتاج عملية ديموقراطية صرف لم يتم فيها اجبار احد او الضغط عليه او الغاء احد".

تقاطع 8 آذار والحراك؟ من جهتها، أوضحت مصادر تكتل لبنان القوي لـ"المركزية" أن الهدف ليس فتح المواجهة مع الرئيس سعد الحريري. غير أن هذا لا ينفي أن بعد انسحابه من الصورة بإرادته، كان لا بد من البحث عن بديل لأن الأمور ما عادت تحتمل مزيدا من المماطلة والتأجيل، مشيرة إلى أن رسو الخيار على دياب (الذي سيسميه التكتل في خلال الاستشارات النيابية عصرا) أتى نتيجة تقاطع بين فريق 8 آذار، والحراك الشعبي، على اعتبار أن اسمه ورد في لائحة الأسماء التي أودعها رئيس جامعة القديس يوسف الأب سليم الدكاش، ورئيس الجامعة الأميركية في بيروت فضلو خوري، رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.

وعن شكل الحكومة الجديدة، أشارت المصادر إلى أن المنطق يفترض أن تكون أكثرية الوزراء من الاختصاصيين، مرجحة أن تضم "وزراء لايت". وفي ذلك إشارة مبطنة إلى أن احتمال بقاء باسيل خارج الحكومة لا يزال واردا.

الشارع وحكومة المواجهة: وفيما كانت بعبدا منهمكة باستشاراتها، كان الشارع الثائر يترقب ما ستؤول اليه لتحديد الموقف بحيث غابت تحركاته اليوم في شكل لافت، كما موقفه من اسم المرشح دياب، بعدما رفض كل من طرحت اسماؤهم في سوق التكليف سابقا ونبش ملفاتهم بتفاصيلها الدقيقة. وفي تعليق اولي للعميد المتقاعد جورج نادر أكد لـ"المركزية" أننا لم نتخذ بعد موقفنا من الموضوع، وننتظر رد فعل الشارع، فنحن لا نقود الشارع إنما نعبّر عن نبضه. هناك رضى في بعض الاماكن وصمت وانتظار في اماكن اخرى". وأضاف: "فلننتظر إلى ما بعد الاستشارات اذ قد لا تحصل تسمية وقد يعتذر دياب، وربما سنكون امام حكومة مواجهة، تتشكل من قبل فريق 8 آذار، وهذا أمر خطر جداً. عندما تحصل مواجهة بين فريقين في السلطة، ونحن ضدهما معاً، لا نريد ان تتحول الثورة عن مسارها، وقلنا "كلن يعني كلن" ولا نريد لا 8 ولا 14 آذار. الاثنان "أسوأ من بعض".

اجتماع بعبدا: وكانت المعلومات اشارت الى اجتماع مطوّل عقد ليل أمس في بعبدا وضمّ رئيس الجمهوريّة العماد ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر الوزير جبران باسيل والوزير السابق دياب.

شريط الاستشارات: وكان رئيس الجمهورية بدأ في العاشرة والنصف من قبل ظهر اليوم في قصر بعبدا الجولة الاولى من الاستشارات النيابية الملزمة لتكليف رئيس الحكومة العتيدة. وتوالى وصول النواب الذين التقاهم اما في مكتبه او في صالون السفراء لا سيما بالنسبة للكتل النيابية.  وبدأت الجولة الاولى مع الرئيس سعد الحريري الذي اكتفى بعد لقائه الرئيس عون بالقول "كل عام وانتم بخير والله يوفق الجميع"، في حين لم يسم الرئيسان نجيب ميقاتي وتمام سلام احدا. وفي حصيلة اللقاءات حتى الخامسة الا ربعا سجل عداد الاستشارات 27 صوتا لدياب و13 للسفير نواف سلام وصوتا لحليمة قعقور من النائب بولا يعقوبيان ولا تسمية، من اصل 82 نائبا مشاركاً، علما ان يبقى على جدول المواعيد تكتل لبنان القوي وكتلة التنمية والتحرير والنواب الارمن المتوقع ان يسموا دياب.

ضربة جديدة للحزب: وفي حين يمضي فريق الحكم في تشكيل حكومته برعاية "حزب الله، سجل شريط استهدافات الحزب دوليا واقعة اضافية ، بعدما صوّت البرلمان الالماني بأغلبية كبيرة على قانون حظر حزب الله في البلاد. ودعا وزير الخارجية الألماني هايكو ماس إلى صرامة أكبر في التعامل مع تنظيم "حزب الله" في ألمانيا وبحث جميع الوسائل القانونية لتحقيق ذلك. وقال ماس "ينكر حزب الله حق إسرائيل في الوجود ويهدد باستعمال العنف والإرهاب، كما يواصل تحديث ترسانته الصاروخية على نطاق واسع". وتابع "أن الحزب اللبناني يتحرك في سوريا، "كعميل بديل" لتنفيذ الأعمال الوحشية لبشار الأسد ضد المواطنين السوريين. كما دعا إلى "استنفاد الوسائل القانونية" في بلاده لـ"معالجة الأنشطة الإجرامية والإرهابية لحزب الله". هذا التصعيد الالماني الاضافي في وجه حزب الله، وفق ما تقول مصادر دبلوماسية لـ"المركزية"، من المتوقّع ان يتوسّع بيكاره في قابل الايام، ليشمل دولا جديدة. فتمييزُ دول الاتحاد الاوروبي بين جناحي الحزب السياسي والعسكري، "يترنّح" اليوم، وتستعد عواصم عدة في القارة العجوز، لاعادة النظر في موقفها من التفريق بين "وجهَي" حزب الله.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o