Dec 16, 2019 7:00 AM
صحف

أقل من 60 صوتاً للحريري... والتأليف "شبه مستحيل"

لا تبدو طريق الإستشارات النيابية المٌلزِمة والمحدّدة اليوم لتكليف رئيس الحكومة العتيدة معبّدة بالتوافُق. وإن كانَت المُعطيات حتى ساعات الليل المتأخرة أمس تقاطعت حول إمكان ألا يجتاز الرئيس سعد الحريري لعتبة الستين صوتاً من أصل 128 نائباً، إلا أن شكل الحكومة سيجعل مهمّة التأليف "شبه مستحيلة" وفق أكثر من مصدر سياسي. فالظروف والعوامل المحيطة بعملية التأليف باتت متشابكة الى حدّ "مسدود"، ولا تقلّ نتائجها غموضاً ومأسوية عن مصير البلد المالي - الإقتصادي وسطَ توقعات بتسارع وتيرة الانهيار والنكبات المعيشية التي حذّر رئيس مجلس النواب نبيه بري من أن تفضي الى "مجاعة"!
سياسياً، منذ تأجيل موعد الإستشارات، لم تتغيّر سقوف التفاوِض عند الأفرقاء الأساسيين في فريق 8 آذار - التيار الوطني الحر. التيار يرفُض المُشاركة في أي حكومة برئاسة الحريري، فإما حكومة أخصائيين من رئيسها الى وزرائها، وإما مشاركة الوزير جبران باسيل أسوة بالحريري. وإنطلاقاً من هنا، يقِف رئيس الجمهورية العماد ميشال عون طرفاً الى جانِب تيار "العهد" من دون أن يُعطي الحريري وعداً بالمشاركة عبر وزراء يُمثلونه إذا لم تكُن هناك حصّة للتيار فيها. فيما يتمسّك كل من حزب الله وحركة أمل بحكومة شراكة برئاسة الحريري لاعتبارات داخلية وخارجية، أو برئاسة أي شخصية يوافِق عليها الأخير، مع فارِق يتمثّل بعدم تسمية الحزب للحريري اليوم في الإستشارات على عكس قرار بري بتكليفه. أما من ناحية الحريري، فقد تولّى أحد المقربين منه عشية الإستشارات توجيه رسالة الى المعنيين عبر وكالة "رويترز" يُعيد التأكيد فيها أنه "يجب أن يكون واضحاً لأي شخص يرشح الحريري أنه سيشكل حكومة خبراء فحسب".

لقاء سلبي جداً: وتحت وطأة الضغط، عُقد مساء السبت اجتماع بعيداً عن الأضواء بين عون والحريري أكدت مصادر مطلعة لـ "الأخبار" بأنه "كان سلبياً جداً". ففيما حاول الحريري مهادنة عون مؤكداً أن "ما يحصل ليس ضده ولا ضد العهد"، قالت المصادر إن "رئيس الجمهورية كان جامداً جداً". وبحسب المعلومات "طلب الحريري من الوزير السابق غطاس خوري التواصل مع القصر الجمهوري لتحديد موعد". ورأى عون أن "هذا الطلب يناقض ما يقول الحريري لجهة أن التكليف يجب أن يحصل قبل التأليف". وفي الإجتماع حاول الحريري "إقناع عون بالتدخل لدى تكتل لبنان القوي للحصول على أصواته، لكن عون كانَ جازماً بأن التكتّل لن يصوت له. كما أنه لم يُعطِ إجابة صريحة وحاسمة حول مشاركته في الحكومة بوزير أو أكثر"، علماً أن "حزب الله كان يفضّل مشاركة عون بوزير بحقيبة سيادية". وأشارت المصادر إلى أن الحريري في الأيام الماضية تواصل مع عدد من نواب التيار الوطني وتحديداً الذي خرجوا أخيراً من عباءة باسيل محاولاً استمالتهم للتصويت له بوعدهم بالحصول على وزارات! لكن التيار الوطني يؤكّد أنه من "المستحيل المشاركة في حكومة يرأسها الحريري، وهذا الأمر غير قابل للبحث، وأن مآخذ التيار على الحريري تختلف عن مآخذ حزب الله عليه". هذا الموقف عبّر عنه بصراحة باسيل في مقابلة خاصة مع قناة "الجزيرة" واستبعد "نجاح أي حكومة يقودها الحريري"، مبرراً ذلك باستمرار السياسات الاقتصادية القائمة على الاستدانة ورفع قيمة الفوائد وزيادة الدين العام. وفجراً، أعلنت القوات اللبنانية أنها لن تسمّي أحداً لرئاسة الحكومة، ما يمكن ان يجعل عدد الأصوات التي سينالها الحريري أقل من ستين نائباً. وسيمنح تيار المردة أصواته لرئيس الحكومة المستقيل. لكن ما تقدّم لا يعبّد الطريق امام تأليف الحكومة، ربطاً بغياب "المكوّن المسيحي" عنها، في ظل إصرار التيار الوطني الحر والقوات على عدم المشاركة.

صفقة بين الرؤساء الثلاثة! من جهتها، اشارت "النهار" الى ان الأخبار - الشائعات توالت عن صفقة تمت بين الرؤساء الثلاثة لتأليف حكومة "تكنوسياسية" تبصر النور قريباً، وهو ما دفع رئيس "التيار الوطني الحر" الوزير جبران باسيل الى تليين مواقفه بعد اعلان عزوفه والتكتل الذي يرأسه عن المشاركة في حكومة برئاسة الحريري، وربطت الاتفاق باجتماع الرئيسين عون والحريري. لكن مصادر أكدت لـ"النهار" ان الاجتماع الذي عقده الطرفان مساء السبت لم يتوصل الى أي اتفاق وانما عرضت فيه وجهات النظر، وأتى بمسعى من مستشار الحريري الوزير السابق غطاس خوري الذي التقى عون السبت (والتقى أيضاً رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع) ونقل اليه رغبة في عقد اجتماع قبيل الاستشارات. وقالت المصادر نفسها إن الحريري تمنى على عون الضغط على باسيل للتراجع عن موقفه برفضه مشاركة تياره بالحكومة في حال تكليفه تشكيلها. لكنه لم ينل وعداً من عون بذلك. ومن غير المتوقع أن يسمي "تكتل لبنان القوي" الحريري، ومثله "حزب الله"، وكذلك نواب الكتائب الذين سيسمون الدكتور نواف سلام، فيما سينال الحريري اصوات كتلته النيابية، و"القوات اللبنانية"، و"اللقاء الديموقراطي"، وكتلة "التنمية والتحرير"، و"كتلة اللقاء الوطني"، وعدد من المستقلين، ما يجعل مجموع الأصوات ما بين 65 و70.

اعتذار او تشكيل: واوضحت مصادر مطلعة لـ"اللواء" ان الاستشارات النيابية ستحصل، مشيرة إلى ان العقدة الأساسية تبدأ بعد ‏التكليف اي بعد تكليف بأكثرية متواضعة وهي اصلا لا تتلاءم مع طموحه بتأليف الحكومة التي يرغب بها‎.‎

وتوقعت مصادر مطلعة ان مصير التأليف سيحسم بعد أسبوع من التكليف، فإما اعتذار أو إصدار المراسيم‎.‎
‎ ‎وكشفت مصادر دبلوماسية ان ممثل الامين العام للامم المتحدة في لبنان يان كوبيتش نقل رسالة واضحة إلى الرئيس عون إلى انه بلا حكومة سريعة لن تكون هناك ‏مساعدات من أي نوع للبنان‎.‎
‎ ‎إذا ما لم تحصل مفاجآت تجري اليوم الاستشارات النيابية الملزمة في بعبدا وسط تباينات في المواقف من تكليف رئيس ‏لتشكيل الحكومة، واتصالات مكثفة كانت لا زالت جارية حتى ليل امس، بين القوى السياسية لتقرير الموقف من ‏التكليف، فيما اكدت مصادر متابعة عن قرب "ان مسألة التأليف باتت مسألة اخرى يجري البحث في تفاصيلها بعد ‏التكليف، اذا تم كما هو مقرر بسلاسة للرئيس الحريري وبعدد اصوات قد يفوق السبعبن صوتا، ما لم تحصل تطورات ‏في الساعات الاخيرة تقلب المشهد السياسي‎".
‎ ‎وتؤكد المصادر ان هناك سيناريوهات عدة جرى تداولها خلال اليومين الماضيين حول عملية التكليف، وكلها ترتبط ‏بموقف الحريري، سواء بقبوله التكليف والمضي في التأليف، او اعتذاره بعد تكليفه اذا لم يحصل على عدد اصوات ‏مرتفع يفوق نصف عدد نواب المجلس، أو تسمية شخصية اخرى لتولي المنصب. وان البتّ بالموضوع يتم وفق نسبة ‏الاصوات التي سيحصل عليها الحريري، فإذا وافقت "القوات اللبنانية" على تسميته يكون رصيده مقبولا‎.‎

تكليف سلس! بدورها، نقلت "الجمهورية" عن مصادر سياسية معنية بالملف الحكومي قولها "ان التكليف سيسير ‏كما هو واضح بطريقة سَلسة، وسينتهي الى أن يحصد الحريري من خلاله نسبة ‏أصوات نيابية تتراوح بين 65 و70 صوتاً، على أن يليها اعتباراً من يوم غد الثلاثاء بدء ‏مرحلة التأليف من خلال الجولة التقليدية التي سيقوم بها الرئيس المكلف على ‏رؤساء الحكومات السابقين، مع ترجيح أن يُحدد موعد الاستشارات النيابية ‏والسياسية التي سيجريها في مقر مجلس النواب قبل نهاية الاسبوع الجاري‎.‎
وبحسب المصادر نفسها، انه "بناء على مواقف القوى السياسية والتناقض ‏الواضح في ما بينها، فإنّ مهمة الحريري في تأليف الحكومة ستكون مشوبة ‏بصعوبات كثيرة، خصوصاً لجهة حسم شكل الحكومة المختلف عليه حالياً. ففي ‏مقابل إصرار الحريري على حكومة اختصاصيين، تصرّ شريحة سياسية واسعة ‏على تأليف حكومة تكنوـ سياسية، ويتصدّر هذا الموقف رئيس الجمهورية وكذلك ‏‏"الثنائي الشيعي"، ويضاف الى ذلك "عقدة" تمثيل الحراك الشعبي وطريقة ‏اختيار من يمثّله‎.‎
وقالت هذه المصادر انه "تبعاً لهذه الصعوبات، فإنّ الترجيحات الموضوعية تذهب ‏الى التأكيد انّ أشهراً عدة هي الفترة المتوقعة لعبور الحكومة حقل الالغام ‏السياسية الكامنة في طريقها، إلّا اذا طرأ أحد أمرين‎:‎
ـ الأول، الاتفاق السريع على تشكيل الحكومة ضمن مهلة لا تتجاوز أسابيع قليلة، ‏خصوصاً أنّ هناك من يتحدث عن ليونة يمكن أن تطرأ في أي لحظة‎.
ـ الثاني، أن ينفجر أيّ من الالغام السياسية على طريق التأليف، وهذا الامر قد ‏يفتح الباب على احتمالات أصغرها صعب، ويضع مصير التكليف على بساط البحث‎.‎
ودعت المصادر نفسها الى ترقّب ما سيصدر عن الحريري بعد تكليفه من بيان قد ‏يعدّ خريطة الطريق التي سيسلكها في اتجاه توليد حكومته، وتبعاً لمضمونه ‏ستبني القوى السياسية على الشيء مقتضاه‎.‎
‎ ‎


 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o