Dec 13, 2019 4:27 PM
خاص

فرانسوا الحاج... أن تُكتب البطولة بحروف الشهادة...

المركزية- أن تكون قائدا ملهما للثورة وتتخذ المواقف الكبيرة حيث لا يجرؤ الآخرون لا في الزمان ولا في المكان... بطولة. أن تكون فارسا مقداما لا يهاب تهديدا ولا يخشى إرهابا ولا يتسلح إلا بايمانه بوطنه إلى حد التضحية بالدماء... بطولة..

قل أن أعطي لبلاد أن تتمتع بنعمة أن يمدها الله برجال (ونساء) قادرين على جمع هذين المعنيين للبطولة في رسالة واحدة، بل في يوم واحد أيضا... نعم! في وطن الأرز هذا، يلتقي أبطال الكلمة الحرة والجيش اللبناني  الأبي في معركة الحريات وفي ساحة شرف الاستشهاد.. هكذا هما جبران تويني واللواء الشهيد فرانسوا الحاج.. ودعهما لبنان في 12 كانون الأول مع فارق زمني بلغ السنتين.

لكن أمام رجال أشداء من طينة فرانسوا الحاج... ليس الزمن إلا رقما عابرا يقلب صفحات العمر وهو يتذكر فرانسوا الحاج من دون أن يعني ذلك استسلاما للغياب وإن كان ثقيلا وثقيلا جدا. يكفينا، نحن التواقين إلى وطن كالذي استشهد في سبيله الحاج، أن نرسم في بواطن ذاكرتنا صورة المؤسسة العسكرية تخوض، إلى جانب أبطال ثورة الاستقلال، الوجه الآخر لمعركة الحريات، حيث عملت على صون سلمية تظاهرات العام 2005 المليونية الشهيرة، على ضفتي 8 و14 آذار، تماما كما هي حالها اليوم مع ثوار 17 تشرين، الذين لا يخفون تعاطفهم بل تعلقهم بالجيش، وحرصهم على عدم الدخول في أي مواجهة معه، وإن خرجت بعض الأحداث عن هذه القاعدة في بعض المناطق. وإذا كانت العلاقات بين الناس والمؤسسة العسكرية بلغت هذا المستوى من النبل والمحبة والاحترام، فلأن أناسا من أمثال فرانسوا الحاج، قد سطروا بطولات وملاحم سيذكرها التاريخ اللبناني في حماية الناس وحقوقهم وحياتهم..

ولا أحد يشك في أن هذا أقل واجبات التاريخ والجغرافيا والزمن تجاه فارس أيقن أن الحياة ليست مجرد محطة.. بل هي فرصة لا يجوز أن تمر من دون أن يذكرها الوطن والناس مرادفا للشجاعة. كيف لا وهو الذي التقط باكرا إشارات إرهابية مخيفة أطلقها تنظيم فتح الاسلام الارهابي من مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في أيار 2007 ، الذي كان يريد إقامة إمارة إسلامية إنطلاقا من لبنان إلى العالم العربي، محاولا بذلك تغيير وجه لبنان والمنطقة. لم يكن في إمكان فرانسوا الحاج، مدير العمليات في الجيش اللبناني، وقائد الجيش آنذاك العماد ميشال سليمان، البقاء مكتوفي الأيدي أمام الارهاب ينهش الوطن ويهدد  أبناءه الأحرار وهم الذين قدموا أغلى الدماء في سبيل وطن يستحق الحياة وناسها وجمالها. بتصميم من سليمان والحاج سطرت ملحمة نهر البارد التي حولت الأول مرشحا رئاسيا، وجعلت الثاني قائدا منتظرا لجيش بطل ما خيّب ظن مواطنيه يوما... حلم وردي في بلاد ما عرفت إلا قليلا من الزهور في حقل من الأشواك... لا لشيء إلا لأن هناك من لا يرى في"قطعة السما" هذه إلا مساحة تنتهي فيها الأحلام عندما يحل الحقد ليكتب الكوابيس... كذاك الذي حرم اللبنانيين الأحرار فرانسوا الحاج، بفعل انفجار دوى في بعبدا قبل 12 عاما... لكن هؤلاء المجرمين غفلوا أن بلادا تقدم أبطالا بحجم فرانسوا الحاج تحترف فن القيامة والفروسية وتخلع عنها ثوب الحزن... ولو بعد حين.. فنحن قوم ارتضينا الحياة بحلوها ومرها في لبنان.. ولا نخشى الجبناء والانتهازيين والارهابيين... بل نترك للعظماء أن يخططوا وللأبطال، كاللواء الشهيد نفسه، أن ينتصروا، وهم كثر لحسن حظنا، وهو ما عبر عنه فرانسوا الحاج شخصيا في مقابلة صحافية نادرة، بمعادلة اختصرت لبنان وماضيه وحاضره وربما...مستقبله: "العظماء يخططون، والكبار يقودون والأبطال ينتصرون والجبناء يستثمرون"...

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o