Dec 07, 2019 2:36 PM
خاص

"الممثل الأقوى في بيئته: لماذا يحق لـ "التيار" ما لا يحق لـ "المستقبل"؟

المركزية- مع كل استحقاق دستوري، تعود إلى الواجهة محاولات رسم المعادلات السياسية الدقيقة بحبر منطق القوة الذي يبدو أن الشريحة الأكبر من أهل الحكم يسيرون بهديه مما قبل إنطلاق قافلة عهد الرئيس ميشال عون.  لكن الأهم يكمن في أن هذا الفصل الجديد من منازلة القوة التقليدية يأتي في وقت انفجر تيار الثورة والحراك الشعبي على حين غرة في وجه السلطة، في ما كان من المفترض أن يطيح الحسابات التقليدية لصالح ضخ تغيير جذري بات أكثر من ضروري في المشهد السياسي العام.

على أي حال، فإن كل المعطيات المتجمعة في الصورة، على مسافة 48 ساعة من موعد الاستشارات النيابية تشي بأن رسالة الثوار هذه لم تصل بعد إلى من يعنيهم الأمر، فعاد منطق القوة بين المكونات ليطفو على السطح الوزاري.

في هذه الخانة، تدرج مصادر سياسية مراقبة عبر "المركزية" المنازلة التي يخوضها رئيس الحكومة المستقيل سعد الحريري في مواجهة العهد وأركانه، في معرض المخاض الحكومي الذي من المفترض أن تنطلق باكورة تباشيره الاثنين المقبل من بعبدا.

وفي السياق، تعتبر المصادر أن تيار المستقبل، بوصفه الممثل الأقوى للمكون السني في لبنان، يبدو اليوم أكثر المستفيدين من موقع القوة هذا لفرض الشروط على مآل الحكومة العتيدة، بعدما دفع غاليا ثمن خياراته السياسية والرئاسية، لا سيما منها التسوية المبرمة مع العماد ميشال عون، وهو ما برز بقوة في الانتخابات النيابية "النسبية" الأخيرة، والتي انتهت إلى انخفاض عدد المقاعد الزرقاء في المجلس النيابي. إنطلاقا من هذه المعطيات، تلفت المصادر إلى أن الحريري ما كان ليعقد اتفاقه الشهير مع الجنرال إلا لأن هذا الأخير رفع طويلا شعار "الممثل الأقوى للمسيحيين"، مراهنا، من هذا المنطلق على حقه في الوصول إلى  الموقع المسيحي الأول والأهم في الهرمية السياسية اللبنانية.

ولا تفوّت المصادر على نفسها الاشارة إلى أن المنطق هذا هو الذي دفع بالعماد عون وحلفائه إلى تعطيل استحقاق الانتخابات الرئاسية، ومعه البلاد برمتها على مدى أكثر من عامين لتأمين وصوله، بوصفه الممثل الأقوى في مكونه، إلى الرئاسة الأولى، معتبرا أن في ذلك تحقيقا للميثاقية السليمة وعودة للمسيحين إلى حضن الدولة بعد عقود من التهميش.

وفي مقارنة سريعة بين المسار الرئاسي في الأمس القريب، والحكومي راهنا، تعتبر المصادر أن تيار المستقبل، أو على الأقل رئيس الحكومة المستقيل، يواجهان شريك تسوية الأمس بسلاحه الأول: معادلات القوة، بدليل أن الحريري لا يزال عند شرطه للعودة إلى موقعه في السراي الحكومي: تشكيل حكومة تكنوقراط توحي بالثقة للشارع المحتقن والثوار الصامدين، كما للمجتمع الدولي، لا سيما منه الجهات الدولية المانحة.

وإذ تدعو الأوساط بعض الدائرين في الفلك البرتقالي إلى الاقتداء بشعار رفعه التيار العوني نفسه طويلا، واحترام محاولات زعيم "التيار الأزرق" فرض شروطه، كما كانت الحال عليه مع العونيين منذ انتهاء ولاية الرئيس ميشال سليمان (الذي لم توفره اتهامات غياب "الحيثية التمثيلية الشعبية)، تلفت المصادر إلى أن بيت الوسط يبدو كمن التقط باكرا إشارات المواجهة العونية، وقرأ ما بين سطورها جيدا، بدليل توقيت الرسائل التي وجهها الحريري إلى كبار قادة العالم لمد يد المساعدة إلى لبنان، في موازاة تحركات شعبية ينفذها أنصار المستقبل في قرى الشوف واقليم الخروب والبقاع وطرابلس، أي في المناطق ذات النفوذ "الأزرق المعروف". ولا يخفى على أحد أن وراء هذه الخطوات رسالة "حريرية" واحدة: أنا الأقوى وتجاوزي مستحيل!

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o