Dec 06, 2019 3:10 PM
خاص

تجيير الأصوات خلال الاسـتشارات... مخالفة دسـتورية
مالك: للنائب أن يسمي مرشحه او يكتفي ببيان المواصفات

المركزية- يتجه النواب الاثنين المقبل الى قصر بعبدا لتسمية مرشحهم لرئاسة الحكومة، وقد دلّت الترجيحات الاولية أن المرشح سمير الخطيب هو الأوفر حظا لتبوّء المنصب، في حال طابقت "حسابات الحقل" على "حسابات البيدر" ولم تطرأ اي مفاجأة. وتفيد المعلومات  ان ثمة اتجاها لتجيير بعض الكتل أصواتها لرئيس الجمهورية فيتصرف بها وفق المناسب ويمنحها الى من يريد، لكن هل يحق للنائب عدم تسمية اي مرشح او تجيير صوته الى رئيس الجمهورية؟

الخبير الدستوري سعيد مالك أكد لـ"المركزية" "أن المادة 27 من احكام الدستور اللبناني، تنص على ان النائب يمثل الامة جمعاء ولا يمكن ان تُربَط وكالته بأي شرط او قيد خاصة من قبل ناخبيه"، لافتاً الى أن الحقوق المحفوظة للنائب أثناء جلسة الاستشارات هي: اولاً، حضور الاستشارات او التمنّع عن الحضور، تلبية الدعوة او عدم التلبية، وهذا القرار يعود له، ومن حقه الدستوري ان يقاطع او يعتكف عن المشاركة في الاستشارات الملزمة. ثانياً، يحق أيضاً للنائب ان لا يسمّي، وان يكتفي فقط ببيان المواصفات التي يرغب ان يراها برئيس حكومة مكلّف، دون ان يسمي أحداً. والحق الثالث هو تسمية اكثر من مرشح، فمن الممكن ان يرشح زيد او عمر كما من الممكن ان يرشح زيد مع عمر".

أضاف: "إنما سندا للمادة 45 من الدستور والتي تنص صراحة على انه لا يحق للنائب ان يوكل غيره بممارسة مهامه على الاطلاق، فلا يحق للنائب تجيير صوته لمصلحة رئيس الجمهورية او تفويض رئيس الجمهورية اختيار من يشاء، كون هذا يناقض العمل النيابي والتشريعي والعمل التمثيلي الذي يتمتع به من قبل ناخبيه، بالتالي لا يحق له أن يفوض رئيس الجمهورية بتسمية من يشاء او يضع ضمن إطار ما يسمى عدم التحفظ على اي اختيار ممكن ان يصل اليه رئيس الجمهورية، إنما يجب عليه إما ان يسمي أو ان يكتفي فقط ببيان المواصفات، مخالفا لأحكام الدستور ومضمونه وحتى روحيته".

وأكد مالك "أن ليس هناك اكثرية واضحة في الدستور للتكليف وبالتالي ليس هناك ضرورة لاستحصال المرشح على 65 نائبا اي النصف زائداً واحداً، وبالتالي يربح من يحصل على النسبة الاكبر من الاصوات. ويعتبر النواب الذين لم يصوتوا على انهم اعتكفوا او امتنعوا، وبالتالي تخلوا عن موجب عملية التسمية".

هل على النواب الاختيار من بين اسماء مطروحة؟ أجاب: "يمكن للنائب تسمية من يشاء او يرغب شرط ان يكون ضمن الاطار الميثاقي من الطائفة السنية. ليس هناك من اصول محددة للترشيح وبالتالي ليس هناك من إجراءات توجب على مرشح لرئاسة الحكومة ان يقوم بها".

وعن إمكانية الغاء او تأجيل الاستشارات قال: "من الممكن، عشية يوم الاستشارات، ان يصدر بيان بإرجائها، وهذا الامر حصل سابقا، حين تسمية الرئيس نجيب ميقاتي لرئاسة الحكومة، عندما حصلت حادثة "القمصان السود"، وأقيل الحريري من الرابية وكان هناك مسعى لإعادة تكليفه، ولكن اختلفت الامور وارجأ الرئيس ميشال سليمان الاستشارات لمدة اسبوع، حتى جاء الرئيس ميقاتي رئيسا للحكومة".

هل هناك تراتبية في استقبال النواب ، وهل يجب استقبال رئيس المجلس النيابي نبيه بري قبل الحريري؟ أوضح مالك "أن هناك برنامجاً يضعه رئيس الجمهورية ويوزعه، ليس هناك بروتوكولياً الا البيان الرئاسي الذي يحدد التراتبية، شرط ان يكون الضيف الاخير او من يجب ان يستقبله رئيس الجمهورية قبل الاتصال بمن نال اكبر عدد من الاصوات، هو رئيس مجلس النواب، لأن الدستور يقول: على ان رئيس الجمهورية يسمي بالتشاور مع رئيس مجلس النواب استنادا الى استشارات يطلعه على نتائجها، بالتالي يجب ان يكون الرئيس بري متواجدا في قصر بعبدا مع نهاية الاستشارات من اجل ان يتشاورا بتعيين وتكليف من يلزم ومن نال اكبر نسبة من الاصوات".

سابقة: في تاريخ الاستشارات النيابية سابقة في تجيير اصوات النواب الى رئيس الجمهورية. ففي تاريخ 24/11/1998 انتُخب العماد إميل لحّود رئيسًا للجمهورية، فأصدر عصر ذاك اليوم، بياناً إعتَبَرَ بِموجَبِهِ حكومة الرئيس رفيق الحريري مُستقيلة حُكمًا (عَمَلاً بنّص الفقرة "د" من أحكام المادة /69/ من الدستور) ودَعا بخُلاصته إلى إستشارات نيابية مُلزِمة يَوميّ 26/11/1998 و27/11/1998.

ومساء يوم الجمعة 27/11/1998 دُعي الحريري إلى قصر بعبدا، مِن قِبَل رئيس الجمهورية الذي تشاور مع رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي. حيث أَبلَغَ لحود الحريري بنتائج الإستشارات النيابية المُلزِمة، التي أتت على الشكل الآتي /83/ نائباً سمّوا الحريري، و/31/ نائباً فوّضوا الى لحّود أمر التسمية، رَفَضَ الرئيس الحريري ذلك، مُعتَبِراً أنّ الإستشارات وما آلت إليه مخالفة للدستور، بحّجة أنّ الدستور لا يُجيز للنائب حق التفويض عملاً بأحكام المادتين /27/ و/45/ منه.

وإنتهت المشكلة بإعتذار الرئيس الحريري عن تأليف الحكومة وقيام الرئيس سليم الحص بتأليف الحكومة الأولى في عهد الرئيس لحود، إلاّ أن الرئيس الحريري عاد بعد الإنتخابات النيابية التي جرت عام /2000/ إلى تأليف حكومة العهد الثانية وإستمر رئيساً للحكومة لغاية نهاية العهد.

جاء موقف الرئيس الحريري يومها في موقعه الدستوري الصحيح، كون التفويض مُخالفاً للدستور، بالتالي لا يُحسَب صوت النائب الذي يَترُك الخَيار لرئيس الجمهورية، قياسًا على النائب الذي يَمتَنِع عن التسمية أو يُقاطع الإستشارات.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o