Dec 05, 2019 3:28 PM
خاص

عن سلطة تراقص بلادا وشعبا على حافة الخوف والانهيار...

المركزية- في يومها الخمسين يحق لثورة الناس الذين قرروا أخيرا كسر جدار الصمت وفتح المواجهة مع أركان الحكم والحكومة أن "تحتفل " بإنجاز يحسب لها. ذلك أنها بلغت مرحلة فرض الخيارات وإطاحة الاحتمالات، ورسم المعادلات، بدليل أنها دفعت الرئيس سعد الحريري إلى الاستقالة، وسارعت إلى إحراق ورقة تكليف الوزير السابق محمد الصفدي، بقوتها الذاتية، دافعة القوى السياسية إلى العودة إلى المربع الأول... مربع البحث عن مرشح جديد لرئاسة الحكومة العتيدة، فكان أن رسا الخيار، في الشكل على سمير الخطيب.

لكن هذا كله في واد... والمرحلة المقبلة في واد آخر... ذلك أن أحدا لا يشك في أن الثورة الشعبية المستمرة منذ 17 تشرين قلبت المعادلات التي اعتادها أهل الحكم والحكومة، وهم باتوا اليوم في موقع فقدان السيطرة على الوضع ما يفسر التخبط الذي يعيشونه، والغموض الكثيف الذي يغلف المرحلة المقبلة والخطوات الواجب اتخاذها لمنع السقوط في محظور الانهيار الشامل.

إنه باختصار مشهد لم يعتده اللبنانيون منذ عقود، حتى  أن بعضهم يروي أن الأمور لم تبلغ باللبناني يوما، حتى في عز أيام الحرب الأهلية البغيضة، هذا الحد من الخوف والترقب و... الانتحار. ويذكّر الرواة أنفسهم، على سبيل المثال، أن العام 2005 الذي يعد من الأكثر سوداوية في التاريخ الحديث وقد مهر بدماء كبار وجوه العالم السياسي، لم يكن خاليا من أي بارقة أمل، بدليل أن اللبنانيين راهنوا على احتمال تحررهم من نير الوصاية السورية، وكسبوا الرهان، فبدت هذه الخطوة بوصلة حددت الاتجاه السياسي، وسجلت بعض الانفراجات والتغييرات، وحصلت انتخابات نيابية أنتجت برلمانا جديدا ضخ بعض الحياة في الصورة السياسية.

وفي العام 2011، الذي سجل انفجار الثورات العربية في جوار لبنان، لم يكن اللبناني بهذه الحيرة إزاء مصير بلاده وعائلته ولقمة عيشه. حيث أن النمو الاقتصادي الذي عرفه لبنان في مرحلة ما قبل الربيع العربي، كان من شأنه أن يريح النفوس الخائفة الغارقة حتى العظم في أزماتها المعتادة، معطوفا على الدعم الخارجي، على المستويين الاقليمي والدولي، الذي لا ينفك لبنان يتلقاه عند كل مطب سياسي واقتصادي و.. حكومي، فيتجاوز بنجاح الامتحانات المتتالية على حافة الانهيار.

كان هذا في مراحل سابقة... قبل أن يبلغ بنا ضيق الحال والصبر مرحلة الخوف على لقمة العيش... قبل أن تصل خطايا السلطة في حق الناس هذا الاستخفاف، والتمادي في التجاهل والتنكيل.  ارتضينا طويلا أن نعيش في بلد تتحول فيه أدنى واجبات الدولة تجاه الناس انجازات تستحق التصفيق لها... علما أننا لا نزال ننتظرها. لكن المؤكد أننا لم نكن نتوقع أن يبادلنا الوطن هذا الصبر بتهديد أرزاقنا وأعمالنا وإغراقنا بالديون إلى حد نحرنا أو دفع بعضنا إلى الانتحار يأسا.. أمام هذا المصير الأسود... قرر الناس أن يثوروا على واقعهم، فكانت المفاجأة لأهل السلطة الذين ما عادوا قادرين على رسم سيناريوهات المخارج وأفق الحلول.. هذا لا يعني أن الناس الثوار في موقع الملامة.. اللوم على من لم يطبق مقولة "الحكم استشراف". ولنوجه رسالة إلى هؤلاء، نحيلهم إلى تغريدة لرئيس الكتائب النائب سامي الجميل: "الثورة قليلة عليكن"! 

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o