Mar 17, 2018 3:57 PM
خاص

"بانوراما انتخابي" شامل: تعددت اللوائح واطيحت الثوابت
النسبية تتيح الخرق والتفضيلي ينعكس تريثا في الحسم

المركزية- إذا كان التريث والبطء يطبعان مرحلة ما قبل تسجيل اللوائح الانتخابية، فإن الغيوم الكثيفة التي تلبد سماء التحالفات الانتخابية تعد دليلا إلى تخبط يعيش على وقعه الأفرقاء السياسيون، وإن كانوا يسارعون إلى تبرير ما يمكن اعتبارها خيارات انتخابية "غريبة عجيبة" ما كان أحد ليتوقعها قبل سنتين من اليوم، بما يفرضه القانون الجديد، خصوصا أنه نسبي مطعّم بنكهة أكثرية يفرضها الصوت التفضيلي، ما يدفع مراقبين للمشهد الانتخابي إلى القول إن القانون الذي سارع كثير من القوى السياسية إلى تبنيه وإعلان "أبوتهم له" قد سخّف التحالفات والمبادئ السياسية لمصلحة التموضعات الظرفية، التي قد لا تنسحب على مرحلة ما بعد الانتخابات، خصوصا في رحلة تشكيل الحكومة المقبلة. 

على أن الحسابات الانتخابية لن تكون، بطبيعة الحال، العامل المقرر الوحيد في استحقاق أيار المقبل. ذلك أن مصادر مطلعة تعتبر عبر "المركزية" أن انطلاقا من تمسك أركان الاتفاق الرئاسي (2016) بديمومته، فإنهم قد يخوضون الاستحقاق جنبا إلى جنب. وهذا ينطبق على تيار المستقبل الذي يتوقع أن يخوض الانتخابات يدا بيد مع شريكه البرتقالي في الحكم، التيار الوطني الحر، خصوصا في دائرتي بيروت الأولى (الأشرفية- الرميل- الصيفي – المدور)، وزحلة. وفي السياق، تلفت المصادر إلى أن التيار الأزرق يعد الناخب الأهم في كثيرمن الدوائر، بما يعطي الناخبين السنة دورا كبيرا في الانتخابات، قد يستفيد أولا التيار العوني في الدوائر المسيحية، في إحدى أوضح تجليات التسوية. وفي مقابل السلاسة في العلاقة مع العونيين، تعترض مطبات كثيرة التقارب بين الحليفين التقليديين، القواتي والمستقبلي، فيما نجحت معراب في مد اليد الانتخابية إلى معارضها الشرس، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميل، على رغم كون الالتقاء بين الطرفين "موضعيا" ومنطلقا من رمزيتي الأشرفية وزحلة في الوجدان الكتائبي القواتي المشترك. لكن بعيدا من  هذا البعد، يصر رئيس الكتائب على خوض المنازلات الانتخابية من تموضعه المعارض إلى جانب ما يسميها القوى التغييرية، وهو خيار يثير تشاؤم كثيرين ، على وقع تشاركه عددا من معاقله، لا سيما كسروان والمتن، مع كثير من الخصوم، والشخصيات والفاعليات التقليدية.

تبعا لهذه الصورة، يمكن رسم صورة اللوائح الانتخابية (الموقتة) كالآتي: في بيروت الأولى: يواجه التيار الوطني الحر وتيارالمستقبل وحزب الطاشناق بلائحة واحدة (عرف منها الوزير السابق نقولا الصحناوي، ومسعود الأشقروالعميد المتقاعد أنطوان بانو عن الأقليات) لائحة ائتلافية تضم القوات (القيادي عماد واكيم عن مقعد الروم الأرثوذكس) والكتائب (النائب نديم الجميل، ماروني) ووزير الدولة لشؤون التخطيط ميشال فرعون (كاثوليك)، فيما لا يزال الغموض يلف المقاعد الأرمنية.

إلى ذلك، نجحت المرشحة ميشيل جبران تويني في تأليف لائحة تحت عنوان "نحن بيروت" تضمها إلى النائب سيرج طورسركيسيان، وعدد من الفاعليات البيروتية، فيما يواصل تحالف "لبلدي" الذي يضم عددا من الشخصيات الدائرة في فلك المجتمع المدني، تشكيل لائحته. وقد انضمت اليها الزميلة بولا يعقوبيان، والاختصاصية في شؤون النفط لوري هايتيان.

أما في بيروت الثانية، فإن ما بات مؤكدا هو أن طرفي تفاهم معراب لن يلتقيا انتخابيا في هذا المعقل الحريري، بعدما اختار العونيون مد اليد الانتخابية إلى حزب الله، في مواجهة تيار المستقبل، الذي يستطيع بحسب المراقبين تأليف لائحته وحيدا، في مواجهة رئيس حزب الحوار الوطني فؤاد مخزومي الذي اختار هو الآخر التغريد وحيدا من خلال لائحة يعمل على تأليفها.

وكما في بيروت الثانية، لا يخفي التيار الأزرق توجسه من معركة شرسة قد تنفجر أمامه في معقله الطرابلسي، بفعل كلام كثير يدور في الكواليس الانتخابية عن أن تسوية 2016 لم تنزل بردا وسلاما على الناخبين الطرابلسيين، بما يفتح المجال للإعتقاد بأن عددا لا يستهان به من الأصوات التي كانت تعد زرقاء في ما مضى قد تصب هذه المرة في مصلحة خصوم الحريري من الشارع السني، وهم في الوقت نفسه أقطاب طرابلس. ويأتي في طليعة هؤلاء الوزير السابق أشرف ريفي، والرئيس نجيب ميقاتي، والنائب السابق مصباح الأحدب، والوزير السابق فيصل كرامي. تبعا لهذا المشهد، شكل كل من هؤلاء الأقطاب لائحته الخاصة، علما أن ميقاتي وكرامي اتفقا على فض تحالفهما الانتخابي حبيا، بدليل أن الوزير السابق كرامي سيترك المقعد الماروني على لائحته شاغرا في محاولة لرفع حظوظ الوزير السابق جان عبيد (المدعوم من ميقاتي) في الفوز. وكذلك، بادر خصما الحريري الأشرس- النائب خالد الضاهر والوزير السابق أشرف ريفي- إلى فض تحالفهما في عكار.

أما على الضفة المسيحية، فالمعارك لا تقل ضراوة بين أبناء البيت الواحد، وبينهم حلفاء الأمس، في مقابل تحالفات ضرورية  تبررها أولا الحسابات الانتخابية النيابية والرئاسية، والتي انطلق الاعداد لها باكرا، من بوابة دائرة الشمال الثالثة ذات الغالبية المسيحية الكاسحة. ذلك أن لا يخفى على أحد أن المنازلات في أقضية زغرتا – بشري- الكورة- البترون ستعطي إشارة قوية للاستحقاق الرئاسي المقبل، وهذا ما قد يفسر فشل القوى المسيحية الكبرى (التيار الوطني الحر والقوات والكتائب) في شبك اليد الانتخابية، لا سيما في البترون حيث لكل من هذه الأحزاب حضور لا يستهان به. وهو أمر يعني أن 3 لوائح على الأقل ستننافس على المقعدين المارونيين في القضاء، فيما الأنظار تتجه أولا إلى وزير الخارجية جبران باسيل، الذي يخوض السباق النيابي عن هذا المقعد للمرة الثالثة. وفي السياق، يدرج المراقبون إقدام النائب بطرس حرب على التحالف مع تيار المردة والحزب السوري القومي الاجتماعي، اللذين لا يشاطرانه مبادئه السياسية. تماما كما قفز رئيس حركة الاستقلال ميشال معوض فوق خلافه الاستراتيجي مع التيار الوطني الحر، والتقى معه، ومع تيار المستقبل "لمصلحة زغرتا الزاوية"، على حد تعبيره. وفي التفاصيل، فإن تطورا نوعيا طرأ بنسج هذا التحالف الزغرتاوي بين الثلاثي باسيل- معوض – والنائب السابق جواد بولس.

وفي السياق نفسه، علمت "المركزية" أن نائب رئيس مجلس النواب فريد مكاري قرر دعم اللائحة العونية في الكورة بشخص نقولا غصن، على كل المستويات. وفي هذا الخيار مؤشر إلى ارتفاع الحظوظ البرتقالية بالفوز بثلاثة مقاعد (من أصل 10) في الدائرة، بعدما كثر الكلام عن خروج باسيل منتصرا وحيدا من المنازلة.

وإذا كان التيار الوطني الحر يبذل كثيرا من الجهد البتروني لايصال رئيسه إلى مجلس النواب على طريقة "الثالثة ثابتة"، فإنه من دون أدنى شك يواجه مشكلة ايصال العميد شامل روكز إلى الندوة النيابية انطلاقا من دائرة كسروان جبيل، حيث يصطدم العونيون بلائحة قواتية (من بين أعضائها مسؤول القوات في كسروان شوقي الدكاش ورئيس بلدية جبيل السابق وزياد الحواط و فادي روحانا صقر)، وأخرى شكلها الكتائبيون والنائبان السابقان فارس سعيد وفريد هيكل الخازن. غير أن أهم ما في هذه المنازلة يكمن في الافتراق المدوي بين التيار وحليفته الضاحية التي تسعى إلى تأليف لائحة تقود مرشحها البعلبكي حسين زعيتر إلى الندوة البرلمانية، في موقف استفز عونيي القضاء. ويأتي هذا السجال معطوفا على آخر بين عضوي اللائحة البرتقالية النائب الاسبق منصور البون ورئيس المؤسسة المارونية للانتشار نعمت افرام. وفيما كان كثيرون يبدون خشيتهم على مصير اللائحة، علمت "المركزية" أن البون (الذي كان التقى رئيس حزب القوات سمير جعجع في معراب بعيدا من الاضواء، من دون الوصول إلى نتيجة) التقى في الساعات الماضية العميد روكز ورئيس بلدية جونية جوان حبيش، كما رئيس التيار الحر جبران باسيل في محاولة لترطيب الأجواء، علما أن معلومات تحدثت عن أن في حال فشل مساعي للتهدئة مع البون، سيرسو الخيار البرتقالي في كسروان على نقيب الأطباء السابق شرف أبو شرف.

وكما في كسروان جبيل، كذلك في زحلة، فشل التيار والقوات في الالتقاء، خصوصا بعدما شهدت عاصمة الكثلكة التقاء كتائبيا قواتيا، عطل فرص التحالف القواتي مع تيار المستقبل، صاحب التاريخ الحديث الحافل بالسجالات- السياسية والشخصية- مع الصيفي، فيما يسود اعتقاد بأن تيار المستقبل يستطيع كسب المنازلات وحيدا، علما أن مفاوضاته مستمرة مع الطاشناق والتيار، في وقت يدعم الثنائي الشيعي لائحة النائب نقولا فتوش التي انضم إليها أخيرا الوزير السابق خليل الهراوي، في وقت لم تجد رئيسة الكتلة الشعبية ميريام سكاف سوى خيار تأليف لائحة من الشخصيات الزحلية.

على أن تيار المستقبل شذ عن القاعدة البرتقالية في دائرة الشوف عاليه، وتحالف مع القوات والحزب الاشتراكي، في خيار أبعد الكتائب (التي تعمل على تأليف لائحة إلى جانب زميلها في الخط المعارض النائب دوري شمعون) عن الثلاثي القوي في الجبل. ومن المفترض أن يمتد هذا التحالف الثلاثي إلى بعبدا في مواجهة لائحة برتقالية يؤيدها الثنائي الشيعي.

غير أن العين ستكون أولا على مناطق "نفوذ حزب الله (المرتاح في معقله الجنوبي) في بعلبك الهرمل، حيث لا شيء يشي بأن المعركة في 2018 تشبه سابقاتها. ذلك أن المشهد يشير إلى اتجاه إلى تشكيل أكثر من لائحة في مواجهة الحزب الذي يسخّر كل إمكاناته لتطويق أي أصوات معارضة، التي ستنعكس في تعدد اللوائح.                

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o