Dec 01, 2019 8:59 AM
مقالات

السلطة العقيمة محتجبة والثورة إلى تصعيد

كتبت صحيفة النهار تقول: كل شيء يتفاعل في لبنان إلا السلطة الغارقة في عقم خيالي وجمود لا يصدق وانسداد لا يجد من يخرقه على رغم الأخطار المتعملقة مالياً واقتصادياً واجتماعياً على نحو لم يعرف لبنان أي تجربة مشابهة له في كل حقبات أزماته وحتى حروبه. أمس الذي صادف اليوم الـ45 لانطلاق ثورة 17 تشرين الأول بدا واضحاً أن اللبنانيين يعيشون على أملين اثنين فقط الأول أن تثمر الثورة فجراً جديداً في البلاد ينطلق من المكتسبات التي حققتها والتي لن تكون بعدها عودة لعقارب ساعة المستقبل الذي تصنعه إلى الوراء، والثاني أن تنجح الضغوط الداخلية والدولية في حمل السلطة والأفرقاء السياسيين على اجتراح اختراق طال انتظاره لإطلاق مسار التكليف والتأليف لتشكيل الحكومة الجديدة بدءاً من الأسبوع الطالع. وإذا كانت الشكوك في تجاوز السلطة المختفية والمختبئة وراء العقبات والتعقيدات التي تعترض تحديد موعد الاستشارات النيابية الملزمة لا تزال على حالها بفعل الجمود الذي حكم المشهد السياسي في عطلة نهاية الأسبوع فإن اللافت الذي برز في الساعات الأخيرة تمثل في عودة الكلام عن حتمية مرور تكليف رئيس الحكومة الجديدة ببيت الوسط بل وعودة الحديث عن تكليف رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري نفسه بلا أي منازع أو بدائل. وهو أمر برز بوضوح في حديث لافت لأحد وزراء "حزب الله" وزير الدولة لشؤون مجلس النواب في حكومة تصريف الأعمال محمود قماطي الذي تحدث عن "نوافذ إيجابية للحل فتحت مع وصول الرسالة الدولية إلى مختلف الافرقاء السياسيين والتي تجمع أكثر من طرف دولي" ولو أن قماطي لم يفصح عن طبيعة هذه الرسالة وما يقصده فيها . وإذ وصف قرار تأجيل الاستشارات بأنه منطقي وحكيم لم ينكر أن ثمة تهديدات دولية لأي حكومة من لون واحد. وأردف أن الحزب لا ينكر أن وجود الرئيس االحريري أو من يختاره يساعد لبنان لأنه سيكون مقبولاً على الصعيد الدولي .
في أي حال هذه المواقف لوزير حزب الله لم تكف وحدها للدلالة على إمكانات تحريك الأمور مجدداً في اتجاه التفاوض بين الحريري والثنائي الشيعي والتيار الوطني الحر سعياً إلى إقناع الحريري بقبول التكليف مقابل الاتفاق على تركيبة الحكومة العتيدة. إذ أن مصادر مطلعة على مجريات التعقيدات المتصلة بالأزمة الحكومية تقول أن الساعات الثماني والأربعين المقبلة ستكتسب طابعاً مهماً وربما مفصلياً لبت النقطة المتعلقة بإعادة التفاوض بشكل حاسم مع الحريري بهدف تكليفه وما إذا كانت لغة الشروط والشروط المضادة قد تراجعت لدى الجميع وبدأ تالياً خط مرن جديد للبحث في توافق سريع يضمن التكليف والتأليف السريعين لأن مجريات الأمور في البلاد باتت تضع كل شيء في مهب كارثة اقتصادية غير مسبوقة. وقالت أن مآل التدهور الاقتصادي الذي أصاب من سائر القطاعات الاقتصادية أضراراً هائلة وبعضها قاتلاً لن يرحم أي فريق سياسي ولا أي مسؤول ولا أي جهة لأن البلاد تنزلق عند عشايا السنة الجديدة نحو مصير قاتم لن يكون ممكناً لجمه وفرملته سوى بحكومة تحمل هوية إنقاذية استثنائية طاغية لكي يكون مردود تأليفها كفيلا بأحداث صدمة إيجابية كبيرة داخلياً ودولياً. ولفتت إلى أن الضغوط الدولية على السلطات اللبنانية اتخذت فعلاً طابعاً جدياً في ظل تحرك فرنسا نحو عقد اجتماع قريب لمجموعة الدعم الدولية للبنان قبل منتصف كانون الأول الحالي من دون ربطه بتأليف الحكومة العتيدة في لبنان بل للضغط بقوة من أجل تأليف الحكومة التي تستوفي معايير الدعم الدولي المنتظر والذي ستسعى فرنسا ومعها دول أوروبية أخرى من أجل توفير مساعدات عاجلة للبنان في حال ولدت الحكومة التي يؤمل بأن تكون ولادتها متزامنة أو قبل عيد الميلاد على أقصى حد.


وفي ظل هذه المعطيات تركزت الاهتمامات في الساعات الأخيرة على معطيات جديدة تتصل بالواقع المالي غداة الاجتماع المالي الثاني الذي عقد الجمعة الماضي في قصر بعبدا. ومع أن هذه الاجتماع قوبل بانتقادات إعلامية وصحافية وبلامبالاة شعبية فإن مصادر معنية لفتت إلى أن خلاصات الاجتماع ونتاجه ومقرراته تتسم واقعياً بجدية وأهمية ينبغي التعامل معها بما يسقط الشكوك المسبقة. وقالت أن تعاميم جديدة لحاكم مصرف لبنان واجراءات تنظيمية جديدة تتصل بالعلاقة بين المصارف والمواطنين ستثبت تباعاً جدية مقررات الاجتماع .
ووسط ذلك كله تميز اليوم الـ45 للثورة بمشهدي مسيرة الأمهات بين التباريس والخندق الغميق في تجسيد جديد لإرادة الوحدة ونبذ الفتنة والانقسام والمسيرة الوحدوية الأخرى من فردان إلى وسط بيروت. وأما أبرز محطات اليوم فأضاء عليها بيان باسم هيئة تنسيق الثورة دعا إلى تركيز الثورة اليوم على أحد الاستشارات بمسيرة نحو بعبدا الساعة الثالثة بعد الظهر.

إخترنا لك

Beirut, Lebanon
oC
23 o